مبادرة تشريعية لإلغاء العمل بإجراء المنع الحدودي في تونس
يستعد نواب في مجلس الشعب التونسي لطرح مبادرة تشريعية لإنهاء معاناة عشرات المشمولين بالإجراء الحدودي المعروف بشفرة "أس 17"، والذي تعتمده الجهات الأمنية لمنع من تحوم حولهم شبهات انتماء لجماعات متطرفة من السفر خارج البلاد.
وأثارت حادثة منع مسافرة من مغادرة البلاد بسبب ذلك منذ يومين جدلاً كبيراً في تونس، خصوصاً بعد الفوضى التي شهدها مطار العاصمة عند تدخل نواب عن "ائتلاف الكرامة" لمساندتها واشتباكهم مع أمن المطار الذي تمسك بتطبيق التعليمات الأمنية.
وأكدت النائبة والقيادية بحركة النهضة يمينة الزغلامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الإجراء الحدودي غير قانوني وغير دستوري ومخالف للمواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ولدستور 2014، الذي يحمي حقوق المواطنين وحرياتهم، ولا يمكن التضييق على هذه الحقوق إلا بنص قانوني وبقرار قضائي".
وأضافت أنه "لا يجب الخلط بين ضرورة مقاومة الإرهاب وبين حماية حقوق الإنسان وأساسا الحق في التنقل والحق في استخراج الوثائق الرسمية مثل بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر".
وأكدت أن "العديد من المشمولين بهذا الإجراء كانوا ضحايا وشايات وتهم كيدية خلال فترة الاستبداد قبل الثورة، وقد توسعت ضدهم الإجراءات من تقييد حرية التنقل إلى الحرمان من الحصول على وثائق رسمية".
الزغلامي: "العديد من المشمولين بهذا الإجراء كانوا ضحايا وشايات وتهم كيدية خلال فترة الاستبداد قبل الثورة
وشددت القيادية في "النهضة" على أنها انطلقت في التنسيق مع عدد من النواب لتقديم مبادرة تشريعية لتنظيم وتقنين الإجراء الحدودي المعروف بـ أس 17"، مشيرة إلى أن أي إجراء تحفظي يجب أن يكون صادراً عن إذن قضائي.
وبينت أنه وجب تقديم مبادرة للنظر في البند 15 (رابعا) من القانون عدد 40 لسنة 1975 الذي ينص على أنه "إذا كان من شأن سفر حامل الجواز النيل من الأمن العام، ولو في غياب التتبع أو الحكم ضده، يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها محل إقامة حامل الجواز، وبطلب من الإدارة عن طريق النيابة العمومية، تحجير السفر عليه بعد استدعائه بأي وسيلة تترك أثراً كتابياً بمقتضى قرار معلل للمدة التي يحددها على ألا تتجاوز في جميع الحالات ثلاثة أشهر .. وعلى طالب الإذن إعلام المعني بالأمر به طبقاً للإجراءات المقررة بمجلة المرافعات المدنية والتجارية في غضون ثلاثة أيام من تاريخ صدوره على أقصى تقدير".
و"يتم الطعن في القرار الصادر عن رئيس المحكمة طبقاً للإجراءات المقررة في مادة الأذون على المطالب"، بحسب القانون ذاته.
وتواصل الجهات الأمنية في تونس اعتماد هذه الإجراءات في إطار مكافحة الإرهاب ولمنع السفر نحو بؤر القتال والالتحاق بالجهات المتطرفة وذلك تحت غطاء الأمر الخاص بحالة الطوارئ التي لا تزال سارية المفعول، أو تحت استراتيجية مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال أو عبر قرارات ومراسيم وزارية تعطي للجهات الأمنية سلطة فرض النظام العام.
ورغم تظلم عشرات المشمولين بهذا الإجراء ونجاحهم في الحصول على أحكام لفائدتهم فإن إلغاء العمل بهذه الملحوظة لا يكون إلا بشكل شخصي وبعد مسار إداري صلب مصالح الداخلية وبقرار من الوزير.
ولا توجد إحصاءات واضحة لعدد المشمولين بهذا الإجراء، حيث يكتشف المسافر في بوابات المطار أحياناً أنه ممنوع من السفر، كما أن عديداً من المعنيين لم يفكروا في مغادرة البلاد ولم يستخرجوا جوازات سفر بحسب شهادات منشورة.
إجراء "غير دستوري"
واعتبر القضاء أن هذا الإجراء غير قانوني، وقال القاضي ورئيس وحدة الاتصال بالمحكمة الإدارية في تونس، عماد الغابري، في تصريحات صحافية، أن هذا الإجراء غير دستوري، إذ يعتمد أساساً على قرار إداري صادر عن وزارة الداخلية، ولا يستند إلى أي قرار تشريعي أو حكم قضائي.
وبيّن الغابري "أن دستور الثورة، وخاصة أحكام الفصل 49، تمنع أي تضييق على الحريات وخاصة التنقل، إلا في حال كان ذلك بموجب قرار صادر عن جهات قضائية، ومن دونه يكون هذا الإجراء فاقداً للسند القانوني".