ما شهدته كولورادو يحدث في تل أبيب: نتنياهو يحرّض ثمّ يعظ
استمع إلى الملخص
- في إسرائيل، تعرض المتظاهرون في تل أبيب والقدس لاعتداءات وسط صمت حكومي، وزعيم المعارضة يائير لبيد انتقد التحريض الحكومي وطالب بتدخل الشرطة.
- حركات مثل "حوفشي بأرتسينو" حملت الحكومة مسؤولية التحريض، وأوقفت الشرطة خمسة إسرائيليين هاجموا متظاهرين، مما يعكس تصاعد التوترات الداخلية.
تغذي حكومة نتنياهو التحريض ضدّ المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب
تحذيرات سابقة أن حرب غزة ستخلق مناخاً معادياً لإسرائيل حول العالم
تحميل حكومة نتنياهو مسؤولية نشر الكراهية بين الإسرائيليين
لم يكن المشهد في مدينة بولدر في ولاية كولورادو الأميركية، أمس الأحد، حيث أصيب ستة أشخاص بحروق إثر مهاجمة شخص مسيرة تضامنية مع المحتجزين الإسرائيليين في غزة، بعيداً عن مشاهد تتكرر في تل أبيب والقدس المحتلة، على الأقل من حيث الشكل، لا الدوافع والجوهر، لكن الخطاب الإسرائيلي يختلف. وفي حين تغذي أوساط في حكومة بنيامين نتنياهو
التحريض ضدّ المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب والقدس وحيفا وغيرها، ما أدى في غير مرة إلى اعتداءات ومناوشات ومحاولات دهس، أسفرت عن إصابات أحياناً، وصمتت الحكومة إزاء ذلك، أو تعاملت بخجل مع الأحداث، تسارع اليوم لاعتبار ما حدث في كولورادو استهدافاً لليهود لمجرد كونهم يهوداً، كما يزعم نتنياهو، متجاهلاً حرب الإبادة على قطاع غزة، وتحذير سياسيين وكتاب إسرائيليين من أن الدعوات للقتل والتجويع ستخلق مناخاً معادياً لإسرائيل والإسرائيليين حول العالم.ونتنياهو نفسه سكت، أو عبّر بخجل عن الاعتداءات داخل دولة الاحتلال نفسها، ولم يلبسها ثوب معاداة السامية وكراهية اليهود. وسارع اليوم، وهو الذي تجاهل تلك الأحداث داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، إلى التنديد بالهجوم في كولورادو، وطالب بمعاقبة الفاعلين بصرامة، وكتب عبر حسابه على منصة إكس: "زوجتي وأنا، وكل دولة إسرائيل، نصلي من أجل الشفاء الكامل للمصابين في هذا الهجوم الإرهابي الوحشي في بولدر. لقد استهدف الهجوم أشخاصاً ينشدون السلام وأرادوا التعبير عن تضامنهم مع المختطفين لدى حماس، فقط لأنهم يهود".
وأضاف نتنياهو: "أنا واثق من أن السلطات في الولايات المتحدة ستحاسب من هاجم بدمٍ باردٍ بأقصى صرامة، وستقوم بكل ما هو ممكن لمنع هجمات مستقبلية ضد مدنيين أبرياء. الهجمات المعادية للسامية في جميع أنحاء العالم هي نتيجة مباشرة للافتراءات الدموية ضد الدولة اليهودية والشعب اليهودي، ويجب وقفها". على سبيل المثال لا الحصر، من بين الأحداث التي راجعها "العربي الجديد"، وتجاهلها نتنياهو، رغم مساهمة حكومته بحدوثها ضد أبناء جلدته، فيما يعظ اليوم السلطات الأميركية بالتعامل بحزم، اختراق سائق بسيارته مظاهرة مطالبة بصفقة في غزة، نُظّمت في شارع كابلان في تل أبيب، في شهر مارس/ آذار الماضي، قبل أن تعتقله الشرطة.
وفي حين لم تسفر هذه الواقعة عن إصابات، إلا أن حادثة أخرى سبقتها، في شهر إبريل/نيسان 2024، أسفرت عن دهس خمسة متظاهرين في تل أبيب، خلال مظاهرة بمشاركة عشرات آلاف الإسرائيليين، بينهم عائلات لمحتجزين وحركات احتجاجية دعت إلى إسقاط الحكومة ورئيسها نتنياهو. يومها دهس سائق تشاجر مع محتجين في المكان خمسة منهم، ما أسفر عن إصابتهم. كما تم تداول توثيق مصوّر في حينه لزوجته وهي تشتم المتظاهرين، قبل أن يسرع زوجها بسيارته نحوهم. وشهدت هذه المظاهرة ومظاهرات أخرى مواجهات أسفرت حتى عن إصابة عناصر في الشرطة.
في ذلك الحين، علّق زعيم المعارضة يائير لبيد على حادثة الدهس، عبر حسابه على منصة إكس، بأنها "نتيجة مباشرة للتحريض المتزايد من الحكومة ومن ماكينة السموم (في إشارة إلى نتنياهو والمقربين منه).. يجب على الشرطة التعامل مع منفذي الدهس بأقصى درجات الصرامة. لن يردعونا، ولن يجعلونا نتوقف عن التظاهر حتى تتم استعادة المختطفين (المحتجزين) وتسقط هذه الحكومة الفظيعة". وانتقد قلة من أعضاء الائتلاف الحكومي أيضاً الدهس، مطالبين زملاءهم، خاصة المحرضين منهم، باستنكاره.
ومن أقطاب الحكومة أمثال وزير الاتصالات شلومو كرعي، من حاولوا تفادي اتهام الفاعلين مباشرة، وشملوا في تنديدهم أحداثاً أخرى، تجنباً لإدانة مناصريهم، إذ علّق في حينه بأنه "لا يجوز دهس المتظاهرين. نقطة. لا يجوز إيذاء الشرطة. نقطة. لا يجوز إلقاء مشاعل نحو منزل رئيس الحكومة (علماً أن هذا لم يحدث). نقطة. لا يجوز استخدام العنف، حتى لو كانت الظروف التي تسمح بالإخلال بالنظام وإغلاق الطرق غير محتملة، يجب التصرف بضبط النفس والحذر الشديد".
وحمّلت حركات إسرائيلية أخرى الحكومة مسؤولية نشر الكراهية بين الإسرائيليين، منها حركة "حوفشي بأرتسينو"، التي اعتبرت أن "هذا الحادث الخطير لم يحدث في فراغ. التحريض ضد المتظاهرين يبدأ داخل الائتلاف (الحكومي) نفسه... هذا التحريض يتغلغل إلى الشارع ويُترجم إلى عنف قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح. من وقفوا خلف السائق الذي دهس المتظاهرين هم أعضاء الحكومة الذين لا يتوقفون عن التحريض ضد المتظاهرين".
وجاء في بيان لحركة "إخوة في السلاح" بعد الدهس في تل أبيب: "لقد شاهدنا أمام أعيننا هجوم كراهية قاتل بين أبناء شعبنا، برعاية التحريض المستمر لحكومة نتنياهو. حكومة الإخفاق تحرّض من على المنصات والاستديوهات، وتسمح بسفك دماء المتظاهرين، وهذه هي النتيجة". وقبل نحو أسبوعين، في مايو/ أيار المنصرم، أوقفت الشرطة الإسرائيلية خمسة إسرائيليين هاجموا متظاهرين في مدينة رحوفوت كانوا ينادون باستعادة المحتجزين، قبل أن تطلق سراحهم. وفي توثيق انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ظهر إسرائيليان وهما يرددان "بيبي (أي نتنياهو) الملك" ويضربان المتظاهرين. وتم تصوير أحدهم أيضاً وهو يكسر علم إسرائيل الذي كان يحمله أحد المتظاهرين، حيث لم يميّز ما يفعله من شدة انفعاله.
وعلّق منتدى عائلات المحتجزين بعد الاعتداء بأن "التوثيق الذي وصل من رحوفوت يجب أن يقلق كل مواطن في إسرائيل. هناك صلة بين الهجوم اللفظي (التحريض من قبل الحكومة وأنصارها) على عائلات المختطفين والناجين من الأسر، وبين العنف ضد النشطاء الذين يدعون لاستعادتهم. هناك محاولة لتحويل قضية المختطفين إلى قضية سياسية، لكنها ستفشل".