ما الذي تريده ألمانيا من جنوب شرق آسيا؟

ما الذي تريده ألمانيا من جنوب شرق آسيا؟

25 ديسمبر 2021
ألمانيا تسعى لتعزيز حضورها العسكري في آسيا (Getty)
+ الخط -

تجوب الفرقاطة الألمانية "بايرن"، التابعة للبحرية الألمانية، دول جنوب شرق آسيا، في رحلة اعتبرت جزءاً من المبادئ التوجيهية لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي، التي اعتمدتها حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل العام الماضي، ضمن ما يسمى "رحلة تدريب خارجية".

ويتضح أن ألمانيا، إلى جانب كل من فرنسا وهولندا، تريد لعب دور في هذه المنطقة من العالم من أجل مصلحة وازدهار ومستقبل أوروبا، ومن أجل أمن تلك المنطقة وممراتها البحرية لحماية إنتاجات قطاعاتها. فهل من السهل تحقيق ذلك؟

عن هذا المخطط، أبرزت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ"، أخيرا، أن ألمانيا أدركت وبعد عشرين عاما أهمية جنوب شرق آسيا لأمنها الاقتصادي، وهي المنطقة التي يعيش فيها أكثر من 630 مليون شخص، ومن المتوقع أن يتضاعف ناتجها بين أعوام 2020 و2030.

وأبرزت الصحيفة الألمانية أن 90% من التجارة العالمية تعتمد على النقل البحري، وربع السفن تمر عبر مضيق ملقا، وهو مضيق يقع بين شبه جزيرة ملايو والساحل الشمالي الشرقي لجزيرة سومطرة التي تقع في أقصى غرب الجزر الإندونيسية، وحيث هناك تخوف من اضطرابات في هذه المنطقة، ما سيؤثر على انتعاش الاقتصاد في أوروبا.

وفي هذا الإطار، وعند وصول الفرقاطة الثلاثاء الماضي إلى سنغافورة، لم يتردد السفير الألماني نوربرت ريدل بالقول إن الفرقاطة ترفع العلم من أجل القيم والمصالح الألمانية في منطقة تحمل واقعاً جيوسياسياً وجيواقتصادياً جديداً، مثل التنافس بين الصين والولايات المتحدة، بشكل واضح وخاص.

ويؤكد قائد البحرية الألمانية أخيم شونباخ، في كلمة له، أن ألمانيا تريد في المستقبل أن تعزز حضورها العسكري في آسيا، قبل أن يصب الزيت على النار قائلا: "إنه وفي الرحلة المقبلة إلى المنطقة، سيوصي بعبور مضيق تايوان، قبل أن يبرز أن الصين ليست فقط شريكا تجاريا مهما، ولكنها قوة مهيمنة متنامية، وعلى الجمهور الألماني أن يعرف ذلك". 

ولم يسمح للفرقاطة الألمانية بزيارة الصين والرسو في ميناء شنغهاي، حتى إن مسارها من مدينة بوزان الساحلية في كوريا الجنوبية عبر بحر الصين الجنوبي إلى سنغافورة أثار ضجة كبيرة.

لم يسمح للفرقاطة الألمانية بزيارة الصين والرسو في ميناء شنغهاي

وقبل أكثر من خمس سنوات، قضت محكمة تحكيم دولية بأن "النهج العدواني للحكومة الصينية ينتهك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، إلا أن بكين أعلنت مسبقا أنها لن تعترف بالإجراءات وقرارات المحكمة.

وعن وجود الفرقاطة الألمانية في جنوب شرق آسيا، اتهم رئيس التحرير السابق لصحيفة "غلوبل تايمز" الصينية القومية هو تجين ألمانيا باستخدام الفرقاطة للعمل بشكل انتهازي ولصالح أميركا، رغم أن برلين، ومن خلال استراتيجيتها، تسير بشكل منفصل عن واشنطن.

وكانت المفوضية الأوروبية نشرت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، استراتيجية للتعاون في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وأهمية ما يمثله جنوب شرق آسيا ومحورها في هذه المساحة الجغرافية من العالم، وباعتبارها أهم منطقة استراتيجية في القرن الحادي والعشرين. 

وهنا، تبرز صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" أن المبادئ الألمانية والأوروبية أكدت مرارا أهمية التعددية التي يمكن في إطارها التعاون مع الصين، كما أن الحكومة الألمانية ترى أنه وكما الحال في زمن الحرب الباردة، لا ينبغي أن تواجه أي دولة خيار الاضطرار للاختيار بين طرفين أو الدخول في تبعيات أحادية الجانب.

ولفتت الصحيفة إلى أن برلين ستدرك أن الأمر سيستغرق وقتا حتى ينظر إليها على أنها لاعب أمني في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، والآن، لا يجد فيها الآخر سوى شريك اقتصادي.

حضور رمزي

وفي هذا الإطار، يقول غوران سفيستك من مؤسسة العلوم والسياسية، للصحيفة، إن الوجود الألماني من خلال سفينة واحدة له طابع سياسي ورمزي، لكن ألمانيا تؤكد رغبتها في المشاركة بشكل أكبر في منطقة المحيطين المذكورين في المستقبل.

وكانت الفرقاطة "بايرن" غادرت بداية شهر أغسطس/ آب الماضي من ميناء فيلهمسهافن الألماني، مع طاقم مؤلف من 230 شخصاً، على أن تعود خلال فبراير/ شباط من العام المقبل.  وخلال الأشهر السبعة، ستكون السفينة قد قطعت 30 ألف ميل بحري، وزارت 16 دولة، ورست في 17 ميناء.