مالي: مبادرة الجزائر تشق طريقها لحل الأزمة ومبعوث تبون يلتقي غوتا

الأزمة في مالي: مبادرة الجزائر تشق طريقها ومبعوث تبون يلتقي رئيس المرحلة الانتقالية

25 يناير 2022
عقوبات اقتصادية قاسية فرضت على مالي(Getty)
+ الخط -

في إطار المبادرة التي عرضتها الجزائر، للتوسط بين مالي ومجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس)، للحد من التوتر السياسي بين الطرفين، أوفد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الإثنين، مبعوثاً خاصاً للقاء رئيس السلطة الانتقالية العسكرية في مالي أسيمي غويتا.

ودفعت التوترات السياسية الحاصلة بين مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الجزائر لإطلاق مبادرة وساطة للتوصل إلى حل سياسي يجنب مالي تعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية.

ووصل، مساء الإثنين، مساعد وزير الخارجية الجزائري، المكلف بالساحل وأفريقيا ورئيس لجنة مراقبة اتفاق السلام والمصالحة الوطنية المنبثقة من مسار الجزائر (2015)، بوجمعة ديلمي برفقة المدير العام للوكالة الجزائرية الدولية محمد شفيق مصباح، إلى مالي.

وكان باستقبال الوفد الجزائري رئيس المرحلة الانتقالية في مالي أسيمي غويتا، الذي تسلم رسالة شفوية من الرئيس تبون حول آليات الخروج من الأزمة الراهنة واستعداد الجزائر لتقديم الدعم والقيام بجهد في هذا الإطار.

وقال بوجمعة ديلمي، في تصريح صحافي عقب لقائه غويتا، إن زيارته إلى مالي "تأتي في إطار المشاورات المستمرة بين البلدين".

وأضاف: "نقلت رسالة شفوية من الرئيس تبون إلى رئيس المرحلة الانتقالية في مالي، حيث استمعت إلى تقييمه لآخر التطورات في المنطقة، وهذا التقييم يبدو لي موضوعياً للغاية وربما يسمح لنا بضمان أن هذه المشاورات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على مالي، وكذلك على منطقة الساحل والصحراء بأكملها".

وأردف مساعد وزير الخارجية أن "الجزائر تولي أهمية كبيرة لأمن واستقرار ووحدة مالي، والحفاظ على وحدة وسيادة أراضيها، وكذلك على استقلال قرارها السياسي".

وقال أيضاً: "نعتقد أنه حان الوقت بعد العقوبات القاسية التي فرضت على مالي (من قبل دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا)، للالتقاء حول طاولة والحوار بهدوء وجدية حول أفضل طريقة للنظر في المشاكل ومعالجتها".

وأشار إلى أن "مبادرة الجزائر الأخيرة للوساطة والحوار التي وافق عليها مجلس الأمن للاتحاد الأفريقي وزكاها، تسمح لنا ببدء جهود لتوقي التداعيات المحتملة في المنطقة، نحن سنعمل على المرافقة ونسعى أولاً إلى رفع العقوبات التي سلطت على مالي".

وتجري الجزائر اتصالات متقدمة مع السلطة الانتقالية في باماكو، لبحث مقترحات سياسية يمكن أن تسهم في التوصل إلى حل سياسي وتوافقي مع دول غرب أفريقيا، في ما يخص المرحلة الانتقالية في مالي وكيفية العودة إلى المسارات الدستورية.

وتباشر الجزائر مبادرة الوساطة بدعم من مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، والذي أعلن، في بيان، نُشر الجمعة عن "ارتياحه لاقتراح الجزائر مرافقة جمهورية مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في المسار السليم القائم على درب التفاهم المتبادل من أجل الحفاظ على المصالح العليا لشعب مالي ووضع المنطقة في منأى عن أي تصعيد وتفاقم للأزمة". 

وأكد المجلس دعمه مقترح الجزائر بشأن مدة الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية في مالي، داعياً "السلطات الانتقالية في مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى الالتزام سوية في هذه المبادرة من أجل معالجة نقاط الاختلاف العالقة، ومن ثم تسهيل عودة مالي إلى النظام الدستوري في أجل مناسب ومعقول لا يتعدى 16 شهراً".

وتقوم المبادرة الجزائرية في مالي على خطة انتقال سياسي تتضمن "فترة انتقالية لمدة تتراوح بين 12 و16 شهرا تكون معقولة ومبررة"، تفادياً لما وصفتها بـ"العواقب السياسية الأمنية والاقتصادية التي قد تنتج عن انتقال طويل الأمد للسلطة"، على أن تلتزم بموجبها السلطات الانتقالية المالية "بجعل 2022 سنة إقامة نظام دستوري مالي جامع وتوافقي، يهدف إلى تكريس المكاسب ومتطلبات اتفاقية السلام والمصالحة في مالي، المنبثقة من مسار الجزائر، وتبني مقاربة شاملة تتوافق مع مدى تعقد المشاكل الهيكلية والاقتصادية، وكذا التحديات الواجب رفعها بما فيها مكافحة الإرهاب".

وقال المحلل والكاتب السياسي المالي حساين عيسى لـ"العربي الجديد" إن " المبادرة الجزائرية مؤهلة لأن تنجح في تحقيق اختراق في جدار الأزمة بين بماكو ومجموعة الإيكواس، لا سيما إن التزمت الجزائر بمقترحات مجلس السلم والأمن الأفريقي، خاصة أن الجانب المالي سيكون راضياً عن وساطة ومسار الجزائر".
 
ولفت إلى أن "الجزائر تحظى بالاحترام واكتسبت ثقة الأطراف ولها تاريخ في الوساطة في القضايا المتعلقة بمالي، ولهذا تتحمس مالي للوساطة الجزائرية أكثر من أي طرف آخر".

وعرضت الجزائر الأحد الماضي القيام بوساطة بين السلطة الانتقالية في مالي ودول مجموعة غرب أفريقيا، للحد من التوتر السياسي بين الطرفين والمخاطر المفترضة في أعقاب قرار دول المجموعة إنزال عقوبات سياسية واقتصادية على مالي بسبب رفض السلطة العسكرية الانتقالية تسليم السلطة للمدنيين في أجل قريب. 

وحثت الرئاسة الجزائرية "مالي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على التفاهم المتبادل حول رؤية تضامنية تصون المصالح العليا للشعب المالي الشقيق، وضبط النفس والعودة إلى الحوار لتجنيب المنطقة دوامة التوترات وتفاقم الأزمة، درءا للمخاطر الجسيمة التي تحملها حزمة العقوبات المعلن عنها في أكرا (العاصمة الغانية) نتيجة للاجتماع الاستثنائي لقمة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وكذا الإجراءات المضادة التي أعلنتها حكومة جمهورية مالي".

وكان قادة مجموعة دول غرب أفريقيا المعروفة باسم "إيكواس"، قد قرروا منذ أسبوعين، في اجتماع عقد في العاصمة الغانية أكرا، فرض عقوبات سياسية واقتصادية وصفت بالقاسية على مالي، تخص استدعاء سفراء هذه الدول وإغلاق الحدود مع مالي، وقطع المساعدات المالية وتجميد أصول مالي في البنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وتعليق التجارة باستثناء المنتجات الأساسية. 

وكان المجلس العسكري الحاكم في مالي قد اقترح جدولاً زمنيا جديداً لإعادة السلطة إلى المدنيين يمتد إلى ثلاث سنوات، بينما تطالب دول غرب أفريقيا بسرعة العودة إلى الحكم المدني في مالي، التي شهدت انقلابين عسكريين، في أغسطس/آب 2020 وفي مايو/ أيار 2021.
 

المساهمون