ماكرون يستقبل عون: فرنسا ستبقى إلى جانب لبنان للحفاظ على وقف إطلاق النار

28 مارس 2025
ماكرون مصافحاً عون بعد مؤتمرهما في باريس، 28 مارس 2025 (سارة ماسونييه/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تضامن فرنسا مع لبنان ضد الغارات الإسرائيلية، مشيراً إلى دعم فرنسا للحفاظ على وقف إطلاق النار بالتعاون مع الأمم المتحدة وأميركا، وأشاد بتقدم الجيش اللبناني في الجنوب.

- دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكداً التزام لبنان بوقف إطلاق النار واستعادة الأراضي المحتلة، ومشيراً إلى أن حزب الله ليس مسؤولاً عن الصواريخ الأخيرة.

- تناولت المحادثات تعزيز العلاقات اللبنانية الفرنسية ودعم باريس للبنان في المجالات الأمنية والاقتصادية، مع التركيز على الإصلاحات الاقتصادية وخطط إعادة الإعمار.

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الغارات الإسرائيلية على لبنان، اليوم الجمعة، "غير مقبولة" وتمثل انتهاكاً لوقف إطلاق النار. وأضاف ماكرون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس اللبناني جوزاف عون في باريس اليوم الجمعة، أنّ "إسرائيل لم تحترم الإطار المتفق عليه مع لبنان، دون أن يكون لدينا معلومات أو دليل على مبرر لذلك"، معرباً عن تضامنه مع اللبنانيين وأهالي بيروت.

وشدد ماكرون على أن "فرنسا سوف تستمرّ بثباتها إلى جانب لبنان مع الأمم المتحدة وأميركا للحرص على الحفاظ على وقف إطلاق النار المبرم مع إسرائيل، فهناك تقدّم حقيقي أُحرز في الأشهر الماضية، والجيش اللبناني أعاد سيطرته على أغلبية الجنوب اللبناني، ويعمل في صدد نزع سلاح حزب الله واحتكار السلاح بيد الدولة اللبنانية وعمله هذا أنتج ثماراً، لذلك فإن عدم احترام وقف إطلاق النار هو جزء من أعمال أحادية تنتهك ما أنجز اليوم، وعلى كل طرف أن يحترم التزاماته لعدم الإضرار بالتقدم المحرز".

من جانبه ناشد الرئيس اللبناني "أصدقاء لبنان" بالتحرك سريعاً لوقف التدهور ومساعدة بلاده على تطبيق القرارات الدولية، مضيفاً أن لبنان يريد استعادة أراضيه المحتلة وتطبيق القرارات ذات الصلة. وأكد عون، أن الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية والتهديدات هي استمرار لانتهاك إسرائيل الاتفاق الذي ترعاه فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، داعياً المجتمع الدولي إلى "وضع حد لهذه الاعتداءات وإرغام الكيان الإسرائيلي على التزام بالاتفاق كما أن لبنان ملتزم به".

وشنّ الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، كما شنّ غارات على كفر تبنيت في الجنوب، ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء وإصابة 18 شخصاً بجروح، وجاء ذلك بعد انطلاق صاروخَين من لبنان باتجاه إسرائيل. وقال عون إن "كل شيء يشير" إلى أن "حزب الله ليس مسؤولاً" عن إطلاق الصواريخ مؤخراً نحو إسرائيل مؤكداً: "سيكون هناك تحقيق في مصدر عمليات إطلاق الصواريخ".

وقال ماكرون: "لم نحصل على معلومات تشير إلى ضربات نفذها حزب الله ونشاطات عسكرية في الجنوب"، وأضاف "من الضروري أن يُحترم الإطار (اتفاق وقف إطلاق النار) الذي حدّدناه، والذي وافقت عليه دولتا لبنان وإسرائيل، ولم تحترمه إسرائيل اليوم من جانب واحد وبدون وجود معلومات أو دليل على أعمال" تستوجب رداً، وأكد ضرورة أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من المواقع الخمسة التي يحتلها في الأراضي اللبنانية كي ينتشر الجيش اللبناني ويعود المدنيون إلى بيوتهم، لافتاً إلى أنه أكد مع عون على الطرق اللازمة لتحسين الوضع، مشيراً إلى المقترح الأميركي للقيام بمفاوضات مباشرة وتحرير الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل.

وتوجّه ماكرون لعون بالقول "نحن نؤمن بأجندة السيادة خاصّتكم، ومع خطورة هذه الضربات على بيروت صباح اليوم، وبمراقبة ما يجري على طول الخط الأزرق، وفي ظل هذه التوترات غير الفاعلة وغير العادلة، سوف تستمرّ فرنسا ببقائها إلى جانب لبنان للحفاظ على سيادته وأمنه، وهو ما سنقوم به في الجنوب وعلى الحدود مع سورية".

على صعيد ثانٍ، قال ماكرون إنه بعد زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت في إطار مرحلة إعادة بناء لبنان وانتعاشه الاقتصادي، سيكون ثمة انتقال إلى الرياض والدوحة في الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أنه في بداية الربيع سوف نجتمع مع أصدقاء لبنان لنتحدث عن الالتزامات من الحكومة وعن إصلاحات منها مصرفية وكذلك مؤسساتية، بحيث تستضيف باريس مؤتمراً جديداً حول انتعاش لبنان بهدف الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، مشيراً أيضاً إلى أن هناك وفداً عالي المستوى سيتوجه من باريس إلى بيروت للعمل على مساعدة القضاء اللبناني لأن فرنسا متعلقة بالعدالة اللبنانية.

إلى ذلك، قالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن "الرئيسين عون وماكرون استكملا بعد المؤتمر الصحافي المشترك المحادثات الثنائية في غداء عمل تركز البحث فيه على تعزيز العلاقات اللبنانية الفرنسية وتطويرها، وما يمكن أن تقدمه باريس من دعم للبنان على الصعد الأمنية والاقتصادية والنفطية والاجتماعية". وأكد عون خلال المحادثات الثنائية "التصميم على تحقيق الإصلاحات، وقد بدأت عملياً بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وإقرار مشروع قانون رفع السرية المصرفية، وسيصار قريباً إلى استكمال التعيينات والإجراءات، ليكون لبنان جاهزاً قبيل اجتماع البنك الدولي وصندوق النقد".

وأضاف البيان: "‏الاعتداءات الإسرائيلية اليوم استأثرت بالبحث، والرئيس ماكرون وعد بالاتصال بالرئيس دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو لبحث الوضع، والعمل على تمكين لجنة المراقبة من القيام بعملها حسب الاتفاق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".

أجندة عون في باريس

وكان عون وصل باريس برفقة وزير الخارجية يوسف رجّي، في وقت سابق اليوم الجمعة، وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان صباح اليوم، إن "ماكرون سيقيم مأدبة غداء على شرف الرئيس عون، كما سيُعقد لقاء رباعي بين رؤساء فرنسا ولبنان وقبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، ينضم إليه عبر الفيديو الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث التطورات المتسارعة في المنطقة وبالأخص على الصعيد الأمني". وتعدّ زيارة عون إلى فرنسا هي الأولى له إلى دولة غربية منذ تسلّمه مهامه الرئاسية في يناير/كانون الثاني الماضي، والثانية إلى الخارج بعد زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مطلع مارس/آذار الجاري.

وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد" إن "عون سيدعو خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان والتزامها باتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى اللبنانيين لديها، وسيُشدّد على ضرورة أن تعطي لجنة المراقبة، التي تعدّ فرنسا شريكاً أساسياً فيها، ضمانات بوقف الخروقات الإسرائيلية التي من شأن استمرارها أن يبقي الاستقرار مهدداً ومخاطر التصعيد والتمادي قائمة"، مضيفة: "كما سيكون ملف إعادة الاعمار والإصلاحات بنداً أساسياً على طاولة المباحثات".

وأشارت المصادر إلى أنّ "لبنان ملتزم بالقرار 1701 ووقف إطلاق النار، بعكس الإسرائيلي المبادِر إلى خرقه، والمطلوب سريعاً من العدو أن ينسحب من التلال الخمس التي يتمركز فيها حتى الساعة، ويوقف اعتداءاته على الأراضي اللبنانية ويطلق سراح بقية الأسرى اللبنانيين لديه"، مؤكدة أنّ "هناك قلقاً من التصعيد الإسرائيلي الواسع على لبنان ربطاً بالتطورات الأخيرة وأحداث اليوم، وسيكثف لبنان اتصالاته الدولية للجم إسرائيل والضغط عليها لوقف اعتداءاتها"، لافتة إلى أنّه "لم تُعط ضمانات بعد للبنان، علماً أننا نعلم أن الإسرائيلي أساساً ينتهك كل الاتفاقيات وكل القرارات ولا يحترم المواثيق الدولية".

وأضافت المصادر: "عون قال، أمس الخميس، إنّ الصواريخ التي كانت أطلقت من لبنان بدائية والتحقيقات توصّلت إلى بعض الخيوط، وهناك بعض الأطراف التي تريد تصفية حساباتها على حساب لبنان ومصلحته، الأمر الذي لن نسمح به، ولبنان أبدى عدم رغبته بأن يستدرجه أحد إلى حرب أو إلى مصالحِه، وهو سيشدد اليوم على أن لبنان لا يريد الحرب والجيش اللبناني يقوم بدوره في الجنوب وعلى الحدود وسيستكمل ذلك، وهناك حاجة أيضاً إلى دعم المجتمع الدولي للمؤسسة العسكرية".

وكان قصر الإليزيه قال، أمس الخميس، في بيان عمّمته السفارة الفرنسية في بيروت: "بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان في يناير/ كانون الثاني الماضي، التي أعقبت مباشرة انتخاب الرئيس عون وتعيين رئيس مجلس الوزراء، سيكون هذا الاجتماع فرصة للتذكير بالصداقة القوية بين بلدينا والدعم الثابت الذي تقدمه فرنسا ورئيس الجمهورية لسلطاته".

وأضاف البيان: "سيبحث الرئيسان التحديات الكبرى التي يواجهها لبنان، خاصة استعادة سيادته الكاملة وازدهاره، كما سيبحثان الحاجة إلى الاحترام الكامل لوقف إطلاق النار، بما في ذلك الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية. وسيناقشان أيضاً تعزيز القوات المسلحة اللبنانية، والتنسيق مع قوات يونيفيل، حيث تحافظ فرنسا على التزامها، فضلاً عن الأولويات الإقليمية المشتركة"، لافتاً إلى أن اللقاء "سيكون أيضاً فرصة لمناقشة خطة الإصلاح التي قدمتها السلطات اللبنانية، والدعم الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمه لتنفيذها السريع، وآفاق المؤتمر الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية خلال زيارته إلى بيروت".