استمع إلى الملخص
- تشمل الزيارة مناقشة القضايا الإقليمية مثل الأزمة الليبية، حيث يسعى البلدان لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية، ودعم حكومة البرهان في السودان، وتعزيز السلم في منطقة الساحل، ودعم حقوق مصر المائية في نهر النيل.
- يتوجه تبون إلى سلطنة عُمان لتعزيز العلاقات الجزائرية مع دول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على التعاون في الصناعات الدوائية والطاقات المتجددة.
بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة إلى مصر، اليوم الأحد، وصفها بيان من الرئاسة الجزائرية بـ"زيارة عمل وأخوة" على أن تتبعها "زيارة دولة" إلى سلطنة عُمان، وتأتي هذه الزيارة في ظروف إقليمية ودولية معقدة خاصة مع التطورات التي يشهدها قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية.
ويجري تبون خلال زيارته إلى القاهرة محادثات مع نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، ستركز وفق مصادر مسؤولة على ضرورة تحرك عربي جاد لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وزيادة الضغط الدولي والاقليمي لحمل إسرائيل على وقف عدوانها المحموم على الفلسطينيين في القطاع، كما سيتم بحث الطرق الممكنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع حيث تتطلع الجزائر إلى لعب القاهرة دوراً بذلك.
وكان الرئيس الجزائري أعلن في يونيو/حزيران الماضي استعداد بلاده لتقديم الدعم الكافي للفلسطينيين في حال تم فتح الحدود من الجانب المصري وبناء ثلاثة مستشفيات ميدانية من قبل الجيش الجزائري، لكن تلك التصريحات فُهمت على نحو سلبي في القاهرة، وحدث على إثرها مناكفات إعلامية بين البلدين، حيث اعتبرت وسائل إعلام ومتحدثون باسم النظام المصري في القنوات المصرية بأن تصريحات تبون تنطوي على اتهام واضح لمصر على أنها الطرف الرئيس في حصار الفلسطينيين وإغلاق الحدود. وسبق ذلك اتهامات جزائرية لمصر برفض تسهيل نقل دفعات من الجرحى الفلسطينيين للعلاج في الجزائر وعدم التعاون بالقدر الكافي لتسهيل إجلاء 700 من الجالية الجزائرية المقيمة في غزة.
وفي سياق القضايا الإقليمية التي تشغل البلدين بشكل مباشر سيبحث الرئيسان تبون والسيسي خلال هذه الزيارة، التي تم الاتفاق عليها خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما في 12 سبتمبر/أيلول الماضي عقب إعادة انتخاب تبون لولاية رئاسية ثانية في انتخابات السابع من سبتمبر الماضي، المعضلة الليبية، وقال المحلل السياسي عابد خليف لـ"العربي الجديد" إن "هذه الزيارة فرصة مهمة بالنسبة للبلدين لإحداث تقارب في المواقف اتجاه حل الأزمة الليبية، وتشجيع كل من المجلس الرئاسي ومجلس النواب على تجاوز الخلافات بينهما، وبناء أساس سياسي لحل يقوم على انتخابات نيابية وعامة يتيح إعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية"، ويرى خليف أن "أي تقارب بين الجزائر ومصر بشأن ليبيا سيكون عاملاً مهماً في الدفع إلى حل الأزمة على نحو يرضي كل الأطراف الليبية ويحقق للشعب الليبي تطلعاته، خاصة بحكم تأثير القاهرة على مجلس النواب الذي يقوده عقيلة صالح وتأثير الجزائر على المجلس الرئاسي بقيادة المنفي"، لكن خليف يلفت إلى أن المسعى الجزائري قد يصطدم "بموقف مصر التي تبدو مستفيدة من الانقسام الحاصل في ليبيا في الوقت الحالي، ولذلك لا تبدو متسرعة نحو حل الأزمة الليبية إلا إذا كانت مصالحها الحيوية مضمونة".
لكن قراءات سياسية أخرى تعتقد أن الظرف الحالي يبدو مناسباً أكثر من أي وقت مضى لتعزيز التفاهمات الجزائرية المصرية مع كل انعكاسات هذه التفاهمات على جملة من القضايا والملفات الثنائية والإقليمية، ويعتبر المحلل السياسي المهتم بالشؤون الأفريقية محمد بلخيري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هناك تقارباً جزائرياً مصرياً مهماً داخل الاتحاد الأفريقي، وفي علاقة بالموقف من الأزمة في السودان حيث تدعم الجزائر والقاهرة حكومة البرهان ضد قوات الدعم السريع، في منطقة الساحل حيث تتشارك الجزائر ومصر في بناء قدرة السلم التابعة للاتحاد الأفريقي بمشاركة البوليزاريو، وربما هذا الذي أثار التوتر في العلاقات بين القاهرة والرباط قبل فترة قصيرة ، كما أن الجزائر تدعم الحقوق المائية لمصر في نهر النيل".
وإضافة إلى القضايا الإقليمية، تتطور علاقات التعاون بين البلدين في الفترة الأخيرة، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حدود مليار دولار، وتخطط الجزائر والقاهرة لرفع قيمته إلى خمسة مليارات دولار في غضون السنوات الأربع المقبلة، خاصة مع تطور العلاقات بين شركة سوناطراك الجزائرية وبتروجيت المصرية في قطاع إمدادات الغاز الجزائري، وباستهداف قطاعات الصناعات الغذائية والصناعات التكميلية في مجال السيارات والطاقة الجديدة والمتجددة، ويبلغ حجم الاستثمارات المصرية في الجزائر حالياً حوالي 3 مليارات دولار، في قطاعات المنشآت والأسمدة والكابلات.
تبون إلى عُمان بعد القاهرة
وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن تبون سيتجه إلى سلطنة عُمان، بعد القاهرة، في أول زيارة لرئيس جزائري إلى السلطنة، وتوصف هذه الزيارة بأنها تاريخية على هذا الصعيد، لكنها تبدو ضمن السياق نفسه لإعادة الجزائر ترتيب علاقاتها الخارجية وتأسيس علاقات مع دول ذات أهمية إقليمية ظلت مغيبة في سلم العلاقات الجزائرية في العقود السابقة، بما فيها إعادة الربط مع دول في آسيا مثل الهند وفي أوروبا الشرقية مثل تشيك وسلوفينيا، إضافة إلى سعي الجزائر إلى كسب شريك عربي جديد داخل مجلس التعاون الخليجي.
وترتبط الجزائر وسلطنة عمان بالإضافة إلى العلاقات السياسية والاقتصادية بروابط ثقافية ودينية خاصة في منطقة غرداية الجزائرية حيث يتمركز المذهب الإباضي المتبع في سلطنة عمان، وفي شهر مايو/أيار الماضي كان وزير الخارجية العماني، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، زار الجزائر حاملاً رسالة خطية من السلطان هيثم بن طارق لتبون. وفي يناير/كانون الثاني الماضي عقدت اللجنة المشتركة الجزائرية العُمانية اجتماعها الثامن في الجزائر، برئاسة وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف ونظيره العماني. ويتعاون البلدان في مجالات محدودة كالصناعات الدوائية والطاقات المتجددة والمناجم والزراعة الصحراوية.