ماذا تنتظر أوروبا من الألماني المحافظ فريدريش ميرز؟

26 فبراير 2025
زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا فريدريش ميرز 25 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تلعب ألمانيا دورًا محوريًا في الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الحرب الأوكرانية، حيث يتوقع أن يساهم المستشار المحتمل فريدريش ميرز في تخفيف التوترات ودعم أوكرانيا بشكل حازم، بما في ذلك تسليم أنظمة صواريخ توروس.

- يسعى ميرز لتعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة من خلال استراتيجية مشتركة، مع التركيز على استمرار الدعم الأطلسي لأوكرانيا وتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية لمواجهة تراجع الالتزامات الأمريكية.

- يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات اقتصادية ومالية تتطلب تعاونًا ألمانيًا قويًا، حيث قد يتجه ميرز لرفع سقف الدين الألماني واستخدام الأموال الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا.

مع أن نتائج الانتخابات الألمانية شأن داخلي في الظاهر، لكنها على مستوى الاتحاد الأوروبي أكثر من كذلك، حيث لا يمكن الاستغناء عن ثقل ومكانة برلين مع باريس في قيادة القاطرة الأوروبية. وإذا كان من شبه المؤكد أن المستشار القادم هو المحافظ فريدريش ميرز، فإن الأمواج العاتية حول القارة تحتاج إلى جهود مشتركة لتكسيرها، خصوصاً في قضيتي الحرب الأوكرانية وتعقد العلاقة بالحليف الأميركي في عهدة دونالد ترامب.

ويراهن الأوروبيون على مساهمة برلين بتخفيف حدة الأمواج، خصوصاً الصدمة التي يعيشونها مع تصريحات وتصرفات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أصبحت كمن يدير الظهر لعلاقات ممتدة منذ الحرب العالمية الثانية.

أوكرانيا.. تأكيد مشاغل متداخلة

تحولت الحرب الأوكرانية، التي انخرطت فيها أوروبا منذ فبراير/شباط 2022، إلى مؤشر هام على مشاغل الاتحاد الأوروبي وتعاونه. ولأن لألمانيا دوراً محورياً وريادياً في النادي الأوروبي، ذهب فريدريش ميرز نحو طمأنة القارة، بعدما تململت خلال السنوات الماضية من سياسات أولاف شولتز، بقوله ميرز أثناء مؤتمر ميونخ للأمن في وقت سابق من الشهر الحالي:" أتفق تماماً مع كل أولئك الذين يطالبون بمزيد من القيادة من ألمانيا، وبصراحة أنا مستعد للقيام بذلك، لأنني أرى أن ألمانيا لها موقع استراتيجي في قلب أوروبا".

التعويل الأوروبي هو أن يكون المحافظ ميرز أقل تردداً وأكثر حزماً بشأن الحرب الأوكرانية من شولتز. فسياسات الأخير لم تكن بالسرعة والجرأة المطلوبة، في رأي الأوروبيين. وأخذت قضية تسليم أسلحة، بما فيها دبابات ليوبارد، نقاشات طويلة، وقاوم شولتز الضغوط الداخلية والخارجية المطالبة بتسليم كييف أنظمة صواريخ توروس. حيث ظل حذراً مما سماه "مخاطر" استفزاز روسيا، كونها قادرة على ضرب عمقها.

في المقابل، يعتقد ميرز أنه من الصواب تسلم كييف نظام توروس. ومثله يعتقد مرشح الخضر إلى منصب المستشارية روبرت هابيك. لذلك يراقب الأوروبيون شكل الائتلاف الذي سيختاره ميرز، خصوصاً إذا ما أبقى شولتز معارضته. وإبداء ميرز أمس الثلاثاء مرونة في مسألة كوابح الدين الألماني، لتجاوز نسبته الـ0.35% من الناتج المحلي الإجمالي، هو أيضاً مؤشر جيد للأوروبيين من حيث إن برلين ستعمل على إيجاد الأموال الكافية للاستمرار في دعم أوكرانيا. ويطرح البعض في برلين إمكانية ذهاب المستشار الجديد ميرز نحو التصرف بأموال روسيا المجمدة منذ 2022 لتقديم الدعم المالي لأوكرانيا.

العلاقة عبر الأطلسي... خشية انهيار المسلمات

غير بعيد عن الحرب الأوكرانية يتشكل قلق أوروبي بشأن تخلخل مسلمات العلاقة مع الحليف الأميركي خلال فترة حكم ترامب على الأقل. ويرفع البعض صوته محذراً من تحول خطابه إلى ناظم لرؤساء جمهوريين يخلفونه في البيت الأبيض. وينتظر الأوروبيون من ميرز العمل على إنشاء استراتيجية مشتركة، كما صرح بنفسه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

جاءت مواقف ميرز من الإرباك الذي تسبّبه واشنطن للأوروبيين برفض تغييب قارتهم بشأن السلام مع روسيا لتشد من عضدهم، خصوصاً بعد زيارته كييف أول من أمس الاثنين. كذلك تأكيده في الأسبوع الماضي أنه ينبغي الاستمرار في منح أوكرانيا منظور أطلسي، مشدداً على أنه " هناك اتفاق في الناتو على أن أوكرانيا سوف تتاح لها الفرصة لتصبح عضواً". وفي موقف معارض لرفض ترامب منح الغرب ضمانات أمنية لكييف قال: "أنا لا أتفق مع أي شخص يسحب هذه العضوية من على الطاولة".

يتشكل قلق أوروبي بشأن تخلخل مسلمات العلاقة مع الحليف الأميركي خلال فترة حكم ترامب على الأقل

أبعد من ذلك يرى ميرز أن انتصار الأوكرانيين في الحرب مع روسيا يعني:" استعادة وحدة الأراضي مع وجود حكومة شرعية ديمقراطية تمارس السيادة الكاملة". وهو ما يتسق مع مواقف أغلبية أوروبا.

إذا، أوكرانيا أصبحت مثار خلاف مع واشنطن، بالطبع إلى جانب قائمة طويلة أخرى، واختزلتها الملاسنة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وترامب في البيت الأبيض حول الدعم المالي لكييف، إلى جانب الحسرة الأوروبية من التصويت الأميركي الأخير في الأمم المتحدة، وغيرها من مواقف ومؤشرات على اختلاف بين ضفتي الأطلسي.

وبشكل عام، فإن مشاعر الإحباط الأوروبي من قفز ترامب عن قارتهم ومصالحها بشأن السلام مع روسيا، يدفع بعضهم إلى التعويل على أن المحافظ ميرز، الآتي من معسكر الديمقراطي المحافظ والمنظر لعقود حول أن جوهر السياسات الدفاعية-الأمنية الألمانية يستند على التحالف مع واشنطن في سياق الناتو، يمكنه إيجاد تسويات مع ترامب. وأبدى ميرز في تصريحات عدة رغبته في توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقيات تجارية كبرى مع ترامب لإبقاء التفاهمات مع واشنطن على قيد الحياة.

مع ذلك، شدد في مقابلة تلفزيونية الجمعة الماضي أن على القارة "الاستعداد لاحتمال أن يتوقف ترامب عن الالتزام غير المشروط بالتزامات الدفاع المتبادلة لحلف شمال الأطلسي"، مضيفاً: "ولذلك، ففي رأيي، من الأهمية بمكان أن يبذل الأوروبيون أقصى جهد ممكن لضمان قدرتنا على الدفاع عن القارة الأوروبية بمفردنا".

إضافة إلى ذلك، ينتظر الأوروبيون مواقف واضحة من ميرز بشأن مطالب ترامب من دول الناتو إنفاق خمسة في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. وصرح خلال الحملة الانتخابية في الشهر الماضي عن ذلك قائلاً: "أهداف نسبة اثنين أو ثلاثة أو خمسة في المائة ليست ذات صلة على الإطلاق، العامل الحاسم هو أن نفعل ما هو ضروري للدفاع عن أنفسنا".

وأمّا ما يخص الأوروبيين فإن إدخال ميرز إلى حزب الخضر في الائتلاف القادم سيكون مؤشراً على زحزحة مواقفه بشأن سقف الدين لإيجاد تمويل للقضايا الدفاعية. فزعيم الخضر روبرت هابيك يطالب زعيمه برفع سقف الديون من 0.35% إلى نحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

عموماً، هناك بالطبع قضايا أخرى كثيرة يتوقعها الأوروبيون من شقيقهم الكبير، ألمانيا. ومن بينها المساهمة المالية في ميزانية الاتحاد الأوروبي بين 2027 و2034، في ظل تحديات يواجهها، بما في ذلك القدرة التنافسية والتحول الرقمي والتسلح والتحول الأخضر. وترغب العديد من الدول في زيادة ميزانية معسكرهم إلى أكثر من نسبة 1.1% الحالية من الدخل القومي الإجمالي الأوروبي. إضافة إلى الرغبة في قروض مشتركة لتغطية تحديات الحرب ومطالب التسلح الهائل.