ماذا تغير احتجاجات السبت في المشهد السياسي التونسي؟

ماذا تغير احتجاجات السبت في المشهد السياسي التونسي؟

19 سبتمبر 2021
التظاهرات الأخيرة مثّلت تحدياً لنهج سعيّد (Getty)
+ الخط -

كتب الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي تعليقا على احتجاحات أمس السبت في تونس أن "روح الثورة لا زالت تنساب في قلوبنا وفي عقولنا" وأن "لا خيار آخر إلا الديمقراطية"، لأن "انتفاضة الكرامة أثبتت أن الشعب أو جزءا وافرا منه لا يقبل ولن يقبل أبدًا بالانقلاب".

وتلخص تدوينة المرزوقي مجمل رسائل الاحتجاجات التي خرجت تطالب بـ"دستور، حرية، كرامة وطنية" وتهتف "الشعب يريد إسقاط الانقلاب". وبرغم رمزيتها، فإن رسالتها كانت واضحة وربما تغير في بعض موازين القوى في المشهد التونسي الجديد منذ 25 يوليو/تموز.

ويقول الباحث والمحلل السياسي سامي براهم، لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب الحاضرين في الاحتجاجات كانوا ممن انتخبوا قيس سعيّد، صحيح هناك جزء من قواعد الأحزاب، ولكن هناك أيضا شخصيات كانت في حملة سعيّد الانتخابية، وهو ما يبرز الموقف من الإجراءات الاستثنائية، ولكن أبرز رسالة للتحرك هي أنها كسرت احتكار الإرادة الشعبية التي كانت المحرك الأساسي لسعيّد، فبعض أساتذة القانون الدستوري برروا بأن هناك شيئا أكبر من الدستور وهو الإرادة الشعبية".

أبرز رسالة للتحرك هي أنها كسرت احتكار الإرادة الشعبية التي كانت المحرك الأاساسي لسعيد

وأوضح براهم "الإشكال أن الرئيس لم يكن واضحا، فقد كان في البداية يقول إن الإجراء الاستثنائي سببه أداء البرلمان والحكومة، ولكن تبين من خلال بعض المؤشرات أن مشكلة الرئيس ليست مع أداء البرلمان بل مع المنظومة السياسية التي تضم برلمانا وحكومة، وكانت تلميحاته مؤخرا خطيرة جدا، إذ أشار إلى أنه يمكن الاستغناء عن وزراء الحكومة وتعويضهم بمستشارين مثل ما كان الأمر في بداية الاستقلال (كتاب دولة)، وفي الحقيقة، لا يمكن تطبيق نفس الأمر، فالوضع مختلف تماما اليوم"، مبينا أن "تونس لها تعهدات ومقبلة على قانون مالية تكميلي وموازنة جديدة، ولذلك، أعتقد بأن جبهة الرفض والاعتراض ستتوسع"، مضيفا أن “الإجراءات كانت في البداية تستهدف منظومة الحكم ولكن تبين أنها تشمل الجميع حتى الحزام المساند للرئيس، والمنظمات، ما يجعل الأمر ينذر بمخاوف، وقد سبق أن رفضت مبادرة الاتحاد لحوار وطني، واليوم تعرض مبادرة جديدة ولا تفاعل من الرئاسة، بل هناك نوع من الاستهزاء، وبالتالي، هناك رغبة لدى الرئيس للانفراد بتقرير الشأن العام، وهذا المقلق وسيوسع جبهة الاحتجاج".

وقال أستاذ القانون الدستوري ومؤسس شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك إن "الحدث مهم لأن الرسالة المهمة في احتجاحات أمس هي أن "الشارع ليس ملكا لأحد، وأن الحديث باسم الشعب ليس حكرا على أحد، فالشعب متنوع ويحمل آراء مختلفة". 

وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الدعوة للتحرك لم تصدر عن الأحزاب السياسية، ولم تحضر شخصيات حزبية كثيرة، بل حضر متظاهرون من مسارب مختلفة، من إسلاميين وقوميين ويساريين، ولكن هذا التحرك كان رمزيا لبعث رسالة للرئيس لاستعجال إيجاد حل للبلاد".

وأوضح أن "هذا التحرك يعد نقلة نوعية منذ 25 يوليو، فلأول مرة يحدث مثل هذا التحرك لأنه يفتح آفاقا على تحركات في المستقبل أكثر تنظيما وأكثر تأطيرا وأكثر وضوحا في رسائلها"

وقال إن "المشهد بدأ يتغير منذ 10 أيام تقريبا، مع التصريحات والبيانات التي صدرت عن الشخصيات والمنظمات والأحزاب السياسية بشكل منفرد أو بشكل مشترك، وكذلك عن الاتحاد العام التونسي للشغل والمجتمع المدني.. فهناك احتداد في اللغة ومطالب أكثر وضوحا"، مشيرا إلى أن "هذا التحرك يتمحور في هذا الإطار، ولكن لا ينبغي أن نحمّله أكثر مما يحتمل بخصوص تغيير التوازنات، لأن هذه التوازنات أخذت تتغير وتتجذر منذ أسبوع فقط".

وتابع أن "هناك رسائل للخارج أيضا بأن هناك رفضا من الشارع لقرارات 25 يوليو"، وبين أن "هذا التحرك ومواقف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ستعزز الموقف الدولي".

وفي تعليق على الأحداث، قال القيادي بحركة النهضة عبد اللطيف المكي: "لا نحتاج الآن للشارع لنعرف أن هناك من هو مع إجراءات الرئيس ومن هو ضدها، فهذا أكيد والكل له الحرية في التعبير السلمي، كما لا نحتاج الشارع لاستعراض القوة لأننا لا نريد الوصول إلى الانقسام الاجتماعي أو الانفلات"، مشددا على أن الحاجة هي "لحوار تونسي داخلي عقلاني وهادئ بين الرؤيتين للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت وبأفضل النتائج".

وأضاف "الزمن زمن سياسة وعقول، فمن يعرقل أو يرفض الحوار كطريق سليم لمعالجة الأزمة؟ وهنا تكمن مسؤولية السيد رئيس الجمهورية بأن يخرج من حالة الانحياز لوجهة نظره إلى وضع تجميع كلمة التونسيين، من عارضه ومن سانده، والابتعاد بالبلاد عن المخاطر".