استمع إلى الملخص
- لم تُمكّن السلطات الفرنسية المصالح القنصلية الجزائرية من زيارة نعمان أو التواصل معه قبل ترحيله، مما اعتبرته الجزائر انتهاكاً للاتفاقية القنصلية.
- اعتبرت الجزائر أن فرنسا انتهكت حقوق نعمان القنصلية، بينما رأى وزير الداخلية الفرنسي أن الرفض الجزائري محاولة لإهانة فرنسا، مما زاد الأزمة السياسية.
تحوّل جزء من النقاشات السياسية والإعلامية في فرنسا، بعد رفض الجزائر استقبال أحد رعاياها المبعدين بقرار إداري من فرنسا، إلى انتقادات حادة لوزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، بسبب عدم احترام الإجراءات المتضمنة في اتفاقية العمل والمصالح القنصلية الموقعة بين البلدين عام 1974، والتي تخص في بعض موادها حق الرعاية القنصلية التي يمكن أن توفرها المصالح القنصلية لأي من البلدين لرعاياه، في حال توقيفهم على أراضي البلد الآخر.
وتنص المادة 33 من هذه الاتفاقية التي وُقعت في 25 مايو/ أيار 1974 على أنه "يجب على السلطات في دولة الإقامة أن تُعلم القنصلية الخاصة بدولة الإرسال بأي تدبير يقيد الحرية، تم اتخاذه ضد أحد رعاياها، بالإضافة إلى تحديد التهم التي أدت إلى اتخاذ هذا التدبير، وذلك في فترة تتراوح بين يوم إلى ثمانية أيام من يوم اعتقال هذا الشخص، أو احتجازه، أو حرمانه من حريته بأي شكل من الأشكال".
وتعتبر الجزائر في حالة المؤثر الجزائري بوعلام نعمان الذي قامت باريس بطرده وترحيله إلى الجزائر، أن السلطات الفرنسية لم تحترم نص المادة التي تلزمها بإبلاغ المصالح القنصلية الجزائرية بتوقيفه، ما دفعها إلى رفض استقباله، ما أجبر السلطات الفرنسية على إعادته إلى باريس، حيث تم إيداعه مركز توقيف إداري، إلى حين محاكمته في 24 فبراير/ شباط المقبل.
وتنص الاتفاقية على أنه "على السلطات في دولة الإقامة أن تنقل أي اتصال موجه إلى القنصلية من الشخص المعتقل، أو المحتجز، أو المحروم من حريته بأي شكل من الأشكال دون تأخير. ويجب عليها أيضاً إبلاغ المعني بحقوقه وفقاً لما ورد في هذه الفقرة"، والتي تمارس وفقاً للقوانين والأنظمة في دولة الإقامة، لكن الجانب الفرنسي لم يتح أي فرصة للموقوف للاتصال بالمصالح القنصلية وفقاً لما تنص عليه الاتفاقية.
وتشير فقرة في اتفاقية 1974 التي استندت إليها الجزائر في موقفها في قضية الترحيل الأخيرة، إلى أنه "يمكن للموظفين القنصليين زيارة أحد رعايا دولة الإرسال الذي هو في السجن، أو في حالة احتجاز احتياطي، أو خاضع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز، والتحدث معه والتراسل معه. تُمنح الحقوق التي تسمح للموظفين القنصليين بالزيارة والتواصل مع هذا المواطن في فترة تتراوح بين يومين وخمسة عشر يوماً من يوم اعتقاله، أو احتجازه، أو حرمانه من حريته بأي شكل من الأشكال".
واعترضت الجزائر في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية السبت الماضي، على عدم تمكين السلطات الفرنسية للمصالح القنصلية الجزائرية، من زيارة الموقوف قبل ترحيله، على اعتبار أنه لم يتم تبليغها أصلاً بواقعة توقيفه التي يجب أن تتم وفقاً للاتفاقية بشكل مكتوب. وشرح مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد"، المسألة على نحو إجرائي، قائلاً "بعيداً عن الاعتبارات السياسية أو السياقات التي يمكن أن تؤثر على هذه الوقائع، فإن الحماية القنصلية تعني حماية حقوق المواطن الجزائري، بغض النظر عن أسباب توقيفه، وتمكينه من حقه في التقاضي أمام قضاء البلد المستضيف، وأيضاً حماية حقوقه الاجتماعية والمادية وغيرها، والجانب الفرنسي تجاوز الاتفاقية الواضحة، ولم يحترم بنودها".
وأضاف أنه "في الحالة القائمة، كان يتعين على باريس إبلاغ المصالح القنصلية الجزائرية، والسماح لها بزيارة الموقوف والاطلاع على قضيته، وتوفير محام له، إلى حين مثوله أمام القضاء الفرنسي، وحقه أيضاً في اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كما كان يتعين عليها إبلاغ الجانب الجزائري بقرار الطرد والترحيل، لأن الأمر يتعلق بمواطن".
وكانت السلطات الفرنسية قد قامت الخميس بترحيل نعمان بوعلام، المعروف باسم دولامن وهو مؤثر يقيم في فرنسا، بعدما أصدرت بحقه قراراً إدارياً بالطرد والترحيل، وسحب بطاقة إقامته في فرنسا، إثر توجيه تهم له بالتحريض على العنف، لكن الجزائر رفضت استقباله، ما أجبر الخطوط الجوية الفرنسية على إعادته إلى باريس، ووضعه في مركز توقيف مؤقتاً، لغاية محاكمته في 24 فبراير/ شباط المقبل، في خضم أزمة سياسية متصاعدة بين الجزائر وفرنسا منذ يوليو/ تموز الماضي.
واعتبر ريتايو الجمعة، الرفض الجزائري بأنه "محاولة من الجزائر لإهانة فرنسا"، لكن الجزائر ردت على هذه التصريحات باتهام باريس بانتهاك أحكام الاتفاقية القنصلية الجزائرية الفرنسية الموقعة عام 1974، حيث لم يعتقد الطرف الفرنسي أنه من الضروري إبلاغ الطرف الجزائري بتوقيف هذا المواطن، واعتقاله، واحتجازه، وحتى قرار طرده.