ماذا بعد انتفاضة السويداء؟

ماذا بعد انتفاضة السويداء؟

07 اغسطس 2022
تجمّع لأهالي السويداء بعد القضاء على عصابة فلحوط (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد تمكّن الفصائل المحلية في محافظة السويداء، بقيادة فصيل "رجال الكرامة"، من التصدي لعصابة راجي فلحوط المرتبطة بالأمن العسكري التابع للنظام السوري، ضمن ما سمي بانتفاضة أهالي السويداء، فإن تلك الفصائل فرضت وضعاً جديداً في المحافظة.

ونجحت هذه الفصائل في القضاء بشكل شبه تام على عصابة فلحوط التي توسع نفوذها في الفترة الأخيرة، فبدأت تنفيذ عمليات خطف وابتزاز، وتسهيل تجارة المخدرات في المحافظة، الأمر الذي دفع الفصائل المحلية الأخرى غير المرتبطة بالنظام للقضاء على هذه العصابة والتوعد بمحاسبة كل من يتورط بالتعاون مع أجهزة النظام الأمنية، أو المليشيات المرتبطة بإيران التي تحاول التغلغل في المحافظة.

إلا أن الواقع الجديد في السويداء أنتج حالة من شبه الفراغ الأمني بسبب انكفاء عناصر الأمن، وكون الفصائل التي تصدت لعصابة فلحوط غير معنية بثبيت الواقع الأمني ولا تمتلك أصلاً جهازاً أمنياً. كما تبع ذلك تراجعاً في دور القضاء، وفي الجانب الخدمي الذي يستخدمه النظام ورقة ضغط على سكان المنطقة، الأمر الذي فتح الباب أمام مختلف الأطراف المحلية والدولية لاستغلال الوضع الجديد ومحاولة الاستفادة منه.

هذا الواقع دفع عدداً من منظمات المجتمع المدني والناشطين في المحافظة لإصدار ما أسموه ورقة عمل تقترح حلولاً بهدف تفعيل الجانبين القضائي والأمني وفرض رقابة مجتمعية عليهما، بالإضافة إلى ضبط السلاح العشوائي وتصدير خطاب وطني جامع.

ولكن بغضّ النظر عن مدى القدرة على تطبيق ورقة العمل المطروحة، فقد بدأت تظهر بوادر لتشكيلات عسكرية انطلاقاً من الوضع الجديد أو استغلالاً له، أخطرها ما يجرى تداوله عن تشكيل عسكري كبير يضم نحو تسعة آلاف عنصر تموله الإمارات ويدعمه أيضاً الأردن، مع حديث عن تورط الاحتلال الإسرائيلي في المخطط أيضاً.

ويهدف ذلك إلى إنتاج فصيل هدفه المعلن تأمين حماية ذاتية لأبناء محافظة السويداء وتثبيت الوضع الأمني فيها، فيما يسعى هذا التشكيل من خلال الدعم المالي الذي سيقدّم له إلى ابتلاع كل الفصائل الأخرى الموجودة في المنطقة، سواء من خلال عروض الانصهار فيه، أو من خلال القضاء على الفصائل التي ترفض التعاطي معه، ليتمكن هذا التشكيل لاحقا من تنفيذ أجندات الدول التي تدعمه.

هذا الأمر يهدد بتحوّل جذري في واقع السويداء لو كُتبت الحياة لهذا التشكيل الجديد، إلا أن طبيعة سكان المحافظة التي ترفض عموماً التعاطي مع أجندات خارجية، خصوصاً إذا كانت تلك الأجندات مرتبطة بالاحتلال الاسرائيلي، ربما تسهم إلى حد بعيد في إفشال هذا المشروع وغيره من المشاريع المليشياوية التي تطرح الآن في المنطقة، على الرغم من كل المغريات المادية التي قد تُقدم. فسكان المحافظة الذين وقفوا في وجه أفرع النظام الأمنية بإمكانهم التصدي لأي مخططات خارجية ترسم لهم.

المساهمون