مؤشرات جديدة بشأن استفتاء تعديلات الدستور في الجزائر

مؤشرات جديدة بشأن استفتاء تعديلات الدستور في الجزائر

06 نوفمبر 2020
نسبة المشاركة الأدنى في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية (العربي الجديد)
+ الخط -

أفرجت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر، اليوم الجمعة،  عن النتائج التفصيلية الخاصة بالولايات، لاستفتاء تعديل الدستور الذي جرى يوم الأحد الماضي وشهد نسبة مشاركة هي الأدنى في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، بواقع 23.7 في المائة.
وحملت النتائج التفصيلية مؤشرات مهمة في العلاقة بتغير السلوك الانتخابي في عدد من المناطق والولايات، مقارنة بالانتخابات الرئاسية الماضية وبالاستحقاقات الانتخابية السابقة قبل الحراك الشعبي
وتكشف النتائج أن 7 ولايات من أصل 48، جاءت فيها نسبة رفض الدستور أعلى من نسبة الموافقة، وهي الأغواط بـ55 في المائة والجلفة بـ63 في المائة، وورقلة بـ52 في المائة، واليزي بـ58 في المائة، وتندوف بـ75 في المائة وغرداية بـ60 في المائة.
والأكثر أهمية في هذه المعطيات أن هذه الولايات كانت تمثل في الغالب حاضنة انتخابية للسلطة ولأحزاب الموالاة، إضافة إلى ولاية بجاية بـ65 في المائة.
وتنفرد ولاية تندوف أقصى جنوبي الجزائر، بأنها ولاية صوتت برفض الدستور، بالرغم من أن نسبة النصف من الناخبين المسجلين في اللائحة الانتخابية، هم من جنود الجيش المرابطين هناك، بسبب خصوصية الولاية التي تحتضن مخيمات اللاجئين الصحراويين ومقر "جبهة البوليساريو". 
وفي المقابل، تجاوزت نسبة الموافقة على الدستور الجديد حاجز 70 في المائة، في 13 ولاية، كانت ولاية خنشلة شرقي البلاد أكبرها بنسبة 79 في المائة وأم البواقي وباتنة وسوق أهراس وتلمسان وسعيدة وسدي بلعباس وعنابة ومعسكر ووهران غربي البلاد، إضافة إلى ولايات البليدة والشلف تيبازة وسط البلاد.
وإذا كانت السلطة المستقلة للانتخابات قد أعلنت عن نسبة مشاركة وطنية تقدر بـ 23.7 في المائة، فإن النتائج التفصيلية المعلنة، اليوم، تكشف أن 17 ولاية جاءت فيها نسب المشاركة في التصويت أدنى من النسبة الوطنية، وهي العاصمة الجزائرية وبومرداس القريبة منها، وقسنطينة وسطيف كبرى ولايات شرق الجزائر وتبسة وجيجل وقالمة وبرج بوعريريج وخنشلة وميلة وأم البواقي وباتنة، إضافة إلى الشلف غربي البلاد، وبسكرة في جنوبي البلاد.
يضاف إليها كذلك ولايات منطقة القبائل تيزي وزو وبجاية والبويرة، وهي ولايات علق فيها التصويت بسبب توترات أمنية نتيجة رفض السكان إجراء الاستفتاء، إذ لم يصوت في ولاية تيزي وزو مثلا سوى 475 ناخبا فقط من مجموع أكثر من 700 ألف ناخب، وفي بجاية 1300 ناخب من مجموع أكثر من نصف مليون ناخب.
ويبرز مؤشر مهم في سياقات السلوك الانتخابي، وهو أن الأوراق الملغاة التي بلغ مجموعها 630 ألف ورقة، في حدود تتراوح بين 10 و15 في المائة من مجموع أوراق الناخبين المصوتين في كل الولايات. ففي ولاية أدرار جنوبي الجزائر، والتي أحصت تصويت 114 ألف ناخب، بلغ عدد الأوراق الملغاة ما يقارب 13 ألف ورقة تصويت. وفي الشلف غربي البلاد، ألغيت 15 ألف ورقة تصويت من مجموع 150 ألف ورقة تصويت. بينما سجل أكبر عدد من الأوراق الملغاة في العاصمة وبلغ 45 ألف ورقة من مجموع 286 ألف ورقة تصويت. 
علاقة بالجالية الجزائرية، فإن نحو 46 ألف ناخب صوتوا من مجموع ما يقارب المليون ناخب مسجلين في اللائحة الانتخابية، ما يمثل نسبة أربعة في المائة، وهي أدنى نسبة تسجل في تاريخ تصويت الجالية. ويبرز في السياق الموقف السياسي للجالية المناوئ للسلطة بحدة، ويسوق ذلك إلى تعبير عن انسجام في موقف الجالية مع موقف غالبية الناخبين في الجزائر، الذين قاطعوا الاستفتاء بنسبة قياسية بلغت 77 في المائة. 
ويعتقد الباحث في العلوم السياسية، محمد العالية، أن مجمل هذه المؤشرات جديرة بالتحليل والدراسة، لفهم جزء هام من المتغيرات التي أحدثها الحراك الشعبي عميقا في موقف الجزائري من المشاريع والمحطات السياسية التي تقترحها السلطة.

وقال العالية، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "هذه الأرقام قد لا تمثل اكتشافا سياسيا، أي أن الواقع الانتخابي في الجزائر كان في الحقيقة دائما بهذا الشكل، غير أن السلطة في السابق كانت تتلاعب بالنتائج والمخرجات البيانية".
ولفت إلى أن "هذه الأرقام يمكن أن توضح جملة من المتغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي محليا، خاصة في الولايات التي رفضت الدستور، رغم أنها كانت محسوبة كحاضنة للسلطة، وهي ولايات في الجنوب غالبا، وهذا تحول سيكون له ما بعده، يبرز أيضا أن الولايات التي كان فيها الحراك الشعبي أقوى هي التي سجلت أدنى نسبة تصويت".

المساهمون