مؤشرات انفراجة في الأزمة السودانية

مؤشرات انفراجة في الأزمة السودانية

21 نوفمبر 2021
يراهن السودانيون على الشارع لإسقاط الانقلاب (فرانس برس)
+ الخط -

على وقع استمرار التصعيد في الشارع السوداني ضد الانقلاب، مع التحضير لمليونية جديدة اليوم الأحد، على الرغم من العنف الشديد الذي مارسه العسكر وارتكابهم مجزرة بحق المتظاهرين يوم الأربعاء الماضي، فإن مؤشرات في المقابل بدأت تدل على انفراجة ممكنة في الأزمة السودانية، عبر التوصل إلى تسوية مؤقتة تستهدف إعادة الشراكة بين المدنيين والعسكر في الحكم، وذلك في ظل ضغوط دولية على الانقلابيين ووساطات إقليمية بحثاً عن مخرج ينهي المأزق القائم.

وتحدثت مصادر مقربة من الجيش السوداني والقاهرة، لـ"العربي الجديد" أمس السبت، عن انفراجة متوقعة في الأزمة في أعقاب الوساطة التي تقوم بها القاهرة بين رئيس الحكومة المقال عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، مشيرة إلى أن التفاهمات التي قادتها مصر عبر وفد زار حمدوك أخيراً في مقر إقامته لاقت قبولاً بعد إدخال مجموعة من التعديلات عليها، وقوبلت بالترحيب من العسكريين. غير أن مصادر أخرى تحدثت عن استمرار رفض حمدوك المقترح القائم، مشككة في نجاح جهود الوساطة القائمة.

وذكرت المصادر من القاهرة أنه تم التوافق على عودة حمدوك لقيادة الحكومة، أولاً، على أن يلي ذلك بدء محادثات بمشاركة ورقابة من أطراف دولية وأفريقية، يتم من خلالها التوصل إلى صيغ توافقية بشأن النقاط الخلافية، وعلى رأسها الموقف من الوثيقة الدستورية. ولفتت المصادر إلى أن أقرب السيناريوهات الخاصة بحل الأزمة هو العودة إلى الصيغة السابقة في الاتفاق بين المكونين العسكري والمدني، مع مدّ فترة تولي المكون العسكري رئاسة المجلس الانتقالي عاماً إضافياً، وذلك بعد التوافق حول عدد من الأسماء لسياسيين كانوا سبباً في إثارة الأزمات من الطرفين. وأشارت المصادر إلى أنه يتم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، الذي ستكون أولى خطواته الإفراج عن كافة المسؤولين والوزراء والسياسيين الذين أُلقي القبض عليهم مع بداية الانقلاب، مع إعلان حرية حركة حمدوك الذي لا يزال رهن الإقامة الجبرية.

وكانت مصادر مصرية قد كشفت أخيراً لـ"العربي الجديد" أن وفداً مكوناً من ثلاث شخصيات مصرية رفيعة المستوى يعمل على إدارة الملف السوداني بإشراف شخصي من رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، زار حمدوك في مقرّ إقامته، وعرض عليه التوصل لصيغة تضمن خروج جميع الأطراف الحالية من المأزق الراهن. في هذا الوقت يتواصل الضغط الدولي على العسكر لإنهاء الانقلاب.

سفيرة النرويج: خطة إنهاء الأزمة تمر بعودة حمدوك إلى منصبه

ودانت سفيرة النروج لدى السودان، تيريز لوكين غيزيل، في حديث لوكالة "فرانس برس"، القمع "الذي لا يحتمل" ضد المعارضين للانقلاب. وأوضحت أنها أبلغت العسكريين باعتراضها على "الاستخدام غير المتكافئ للقوة". وأضافت أن ما حصل هو انقلاب. وذكرت أن البرهان وحمدوك يريدان مثل القادة الآخرين "إعادة رسم الشراكة بين العسكريين والمدنيين". وأوضحت أن التحويلات المالية معلقة الآن مثل مساعدات الولايات المتحدة أو البنك الدولي "لأننا نريد أولاً خطة لإنهاء الأزمة". وهذه الخطة حسب سفيرة النرويج تمر بعودة حمدوك إلى منصبه. وأعلنت السفيرة أن "الضغوط الدولية مستمرة"، مشيرة إلى أن "هناك أيضاً ضغطاً قوياً من الداخل". وأضافت أنه "لا يزال هناك أمل" في الانتقال في السودان.

من جهته، قال الاتحاد الأفريقي، في بيان أمس السبت، إنه "يدين بأشد العبارات" العنف الذي وقع الأربعاء الماضي. وطالب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد السلطات بـ"إعاده النظام الدستوري والانتقال الديمقراطي".

في هذا الوقت، أعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان، أمس السبت، مقتل صبي عمره 16عاماً متأثراً بإصابة سابقة، ليرتفع بذلك إلى 40 عدد القتلى على يد العسكر منذ الانقلاب في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ميدانياً، دعت لجان المقاومة السودانية إلى مليونية تحت عنوان "زلزال الشعب"، اليوم الأحد، مؤكدة مواصلة الطريق حتى إقامة سلطة الشعب المدنية، مهما كلف ذلك من أثمان. وأصدرت اللجان، التي تتصدر مناهضة الانقلاب، الجدول الأسبوعي للحراك الثوري والذي حدد، أمس السبت، يوماً عالمياً للتضامن مع النازحين واللاجئين وتنكيس الأعلام، وحرق الإطارات عند الواحدة ظهراً، على أن يكون الثلاثاء المقبل يوماً لمقاطعة شركات الاتصالات والأفراد والدول الداعمة للانقلاب، على أن تعود الشوارع للمليونيات يوم الخميس المقبل.

من جهته حث تجمع المهنيين السودانيين، في بيان آخر، السودانيين على فرض مقاطعة اجتماعية لمؤيدي القتلة، كأقل ما يمكن تقديمه عرفاناً لروح الضحايا، وجدد التأكيد أيضاً على أنه لا تفاوض لا شراكة لا شرعية. بدورها، نصحت السفارة الأميركية لدى الخرطوم رعاياها بالبقاء في أماكنهم اليوم الأحد بالتزامن مع الاحتجاجات المرتقبة.

وشهدت الخرطوم أمس السبت خروج تظاهرات متفرقة في سياق الرفض الشعبي للانقلاب العسكري. وتجمع مئات الأشخاص في أحياء مدينة بحري، فيما أغلق الشبان في أحياء أخرى الشوارع بالكتل الخرسانية وأحرقوا إطارات السيارات القديمة للتنديد بالانقلاب، وما ارتكبه من مجازر. كذلك نظّم مناهضو الانقلاب في مدينة المناقل وسط السودان وقفة احتجاجية، بينما نظمت النساء في مدينة نيالا غرب البلاد وقفة مماثلة حملن فيها لافتات كتب فيها "العسكر للثكنات والسلطة سلطة شعب"، "يسقط الانقلابيين". كذلك نظمت وقفة احتجاجية مماثلة في مدينة سنار.

شهدت الخرطوم تظاهرات متفرقة ضد الانقلاب العسكري

في غضون ذلك، قال المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إن هناك أعداداً كبيرة من المعتقلين يصعب حصرهم يقبعون في أماكن غير معلومة تقوم قوات الانقلابيين بترحليهم إليها، وإن بعضهم مصاب بإصابات متفاوتة تستدعي إخضاعهم لإسعافات عاجلة وتلقي العلاج على وجه السرعة، نتيجة القمع والعنف والتعذيب الممنهج الذي تمارسه تلك القوات. وحمّل المجلس المركزي السلطة الانقلابية كامل المسؤولية عن سلامة المعتقلين، معتبراً ما يتعرضون له جريمة تندرج تحت طائلة جرائم ضد الإنسانية والإخفاء القسري والتعذيب والامتناع عن تقديم الإسعافات والعناية الطبية اللازمة وفق بنود القانون الدولي والقوانين المحلية. وطالب بسرعة الكشف عن أماكن اعتقالهم وإطلاق سراحهم فوراً والسماح بإسعاف المصابات والمصابين. من جهتها، قالت لجنة أحياء بحري، شمال الخرطوم، في بيان، إن سلطات الانقلاب قررت الانسحاب من قسم شرطة المدينة وتركته خالياً وقامت بأعمال تخريب وحرق داخله، وذلك للإيحاء بعدم سلمية التظاهرات، من أجل جر الثوار والشارع من السلمية، وصنع مبرر واهٍ لاستباحة الأحياء والبيوت والقمع المفرط.

المساهمون