مؤرخ فرنسي يكشف مخطط إسرائيل لتدمير حارة المغاربة في القدس المحتلة

مؤرخ فرنسي يكشف مخطط إسرائيل لتدمير حارة المغاربة في القدس المحتلة

28 يناير 2022
يقدم كتاب المؤرخ الفرنسي دليلاً قاطعاً ومكتوباً على سبق الإصرار والتخطيط الإسرائيلي للهدم
+ الخط -

بعد حرب يونيو/حزيران 1967، خططت إسرائيل لـ"تدمير" حارة المغاربة التاريخية في القدس المحتلة، عند قاعدة حائط البراق، لكنها حاولت إخفاء الأمر، بحسب كتاب نُشر اليوم الجمعة في فرنسا.

يتوقع المؤرخ الفرنسي فينسنت ليمير، أن يثير كتابه "في ظل الجدار: حياة حارة المغاربة في القدس وموته"، الجدل بسبب الطبيعة الحساسة للمدينة المقدسة.

قال ليمير، الذي نشر عدة كتب عن تاريخ القدس، إنه استمد مواد من الأرشيفات المحلية، بالإضافة إلى المحفوظات العثمانية والفرنسية، لعمله الصادر عن دار نشر Le Seuil في باريس.

يتوقف معظم السياح الذين يزورون القدس عند ساحة حائط البراق، وهي ساحة كبيرة من الحجر المصقول تمتد أمام الجدار القديم، والتي وفقاً للمزاعم اليهودية هي الهيكل الباقي للمعبد الثاني، وأقدس موقع يمكن لليهود الصلاة فيه.

ولكن قبل حرب الأيام الستة، عندما كانت القدس الشرقية، بما في ذلك المدينة القديمة المحاطة بالأسوار، تحت سيطرة الأردن، لم يكن هناك ساحة عند قاعدة الجدار.

بدلاً من ذلك، كان هناك حي مسلم يضم حوالي 135 منزلاً، أنشأه صلاح الدين الأيوبي، في القرن الثاني عشر، وفيه عاش الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لفترة خلال شبابه.

يتتبع ليمير تاريخ المنطقة في كتاب من المقرر ترجمته إلى اللغة الإنكليزية في وقت لاحق من هذا العام، بواسطة جامعة ستانفورد الأميركية.

دليل قاطع

القصة الشائعة حول مصير حارة المغاربة في القدس هي أنه بعد احتلال إسرائيل للمدينة القديمة مباشرة، قامت مجموعة من 15 مقاولاً يهودياً بتدمير المنطقة لإفساح المجال لساحة حائط البراق.

وسبق أن نقلت وسائل الإعلام الدور الذي لعبه رئيس بلدية القدس آنذاك، تيدي كوليك، في العملية.

لكن ليمير قال لوكالة "فرانس برس" إن كتابه يقدم "دليلاً قاطعاً ومكتوباً على سبق الإصرار والتخطيط والتنسيق لهذه العملية". ويستشهد بمحضر اجتماع بين كوليك وقائد جيش الاحتلال المسؤول عن القدس في 9 يونيو/حزيران 1967، قبل 36 ساعة فقط من هدم الحارة.

وقال ليمير: "من بين البنود المدرجة على جدول الأعمال كان تدمير حارة المغاربة".

وأكد استشارة وزارة الخارجية الإسرائيلية في اليوم نفسه، والتي أعدت نقاطاً لشرح أسباب الهدم، تركّز على الإيحاء بأن المناطق المهدمة هي أحياء فقيرة ومعرضة للخطر. كما عثر المؤرخ الفرنسي على ملاحظة في أرشيف بلدية القدس تشير إلى ضرورة إزالة أنقاض المنطقة "بأمر من القيادة العسكرية".

استجابة دولية

كانت فرنسا، القوة الاستعمارية في معظم شمالي أفريقيا في ذلك الوقت، داعماً مالياً لحارة المغاربة.

وكتب ليمير أن ذلك كان جزءاً من تكتيك إقليمي أكبر لكسب التأييد بين مسلمي شمالي أفريقيا؛ "لمواجهة صعود حركة الاستقلال في الجزائر"، التي كانت مستعمرة فرنسية آنذاك.

ولكن بعد استقلال الجزائر عام 1962، "تخلت" فرنسا عن حارة المغاربة والتزمت الصمت حيال أعمال الهدم التي نفذتها إسرائيل، كما فعلت عدة دول أخرى.

وكتب ليمير أن الأردن، الذي كان آنذاك خصماً لدوداً لإسرائيل، وفقد سيطرته للتو على القدس الشرقية، لم يقل شيئاً هو الآخر. وصرح لوكالة "فرانس برس" قائلاً: إن "حدسي كمؤرخ يقول إن هناك اتفاقاً ضمنياً بين الاسرائيليين والأردنيين".

وقال ليمير إنه سُمح للأردن بالاحتفاظ بالسيطرة على مجمع المسجد الأقصى، الذي يقع فوق الحائط الغربي، وهو ثالث أقدس مواقع الإسلام، وهو امتياز بعد الحرب ربما يكون قد دفع عمان إلى الصمت بشأن تدمير حارة المغاربة.

وقال أيضاً، إن سكان المنطقة النازحين تلقوا تعويضات مالية "قليلة ولكن سريعة"، بعد الهدم "لتأمين صمتهم".

وأضاف ليمير لوكالة "فرانس برس"، إنه يتوقع بعض ردود الفعل "العدائية" على كتابه، نظراً للحساسيات المحيطة بالمقدسات في القدس، و"حقيقة أن هذه القصة غير سارة للجميع". لكنه كان ملزماً بكتابة تاريخ حي يفتقر إلى تاريخ مسجل، ويرى أن كتابه سيشكل البداية للتأريخ حول المنطقة.

(فرانس برس)

المساهمون