مؤرخان يفندان ادعاءات نتنياهو: لغة نقش سلوان كنعانية ولا صلة لليهود به
استمع إلى الملخص
- ألقى نتنياهو خطابًا مدعيًا أن النقش يثبت أن القدس لليهود، لكن تركيا رفضت تسليمه لإسرائيل، وأكد أردوغان أن تركيا لن تسلم النقش، متهمًا نتنياهو بإثارة الكراهية.
- اكتشف نقش سلوان في 1880، ويصف مشروع حفر نفق مائي، وهو نقش كنعاني يصف أعمال أهل القدس، مما يعزز كونه تراثًا فلسطينيًا.
فند مؤرخان فلسطينيان ادعاءات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي اعتبر فيها ما يُعرف بـ"نقش سلوان" أحد "أهم" الاكتشافات الأثرية الإسرائيلية بعد مخطوطات البحر الميت، وعلى إثره دخل في مواجهة كلامية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال المؤرخ الفلسطيني المتخصص في لغات وحضارات الشرق الأدنى القديم محمد المرقطن لـ"العربي الجديد"، "إن الزوبعة التي أثارها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو حول 'نقش سلوان' الفلسطيني ليست جديدة، فقد أُثيرت قبل 3 سنوات تقريبًا، ومنعنا تسليم النقش من تركيا إلى دولة الاحتلال. فالنقش فلسطيني، ولا يثبت أي علاقة للعبرانيين واليهود به أو بمدينة القدس المحتلة". وأشار الباحث والمؤرخ السوري الفلسطيني المقيم في كندا تيسير خلف لـ"العربي الجديد"، إلى أن "لغة النقش كنعانية، ولا ذكر فيه للعبرانيين أو للملك حزقيا".
وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد ألقى يوم الاثنين الماضي خطابًا في ما يُعرف بـ"متنزه مدينة داوود" الأثري بالقدس المحتلة، خلال فعالية أُطلق عليها اسم "افتتاح النفق القديم"، داخل القدس الشرقية، بحضور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وتحدث فيه "عن نقش حجري قديم يثبت أن القدس لليهود"، وأنه موجود في تركيا، غير أنه لم يتمكن من الحصول عليه بسبب رفض الرئيس التركي.
وقال المؤرخ المرقطن، الذي يعمل حاليًّا في جامعة مونستر الألمانية في التدريس والبحث، وهو عضو في الأكاديمية الألمانية للعلوم في برلين: "منذ 1948 والدولة العبرية تحاول أن تحصل على هذا النقش. ومن هذه المحاولات، طلب تقدم به نتنياهو في 1998 من المسؤول التركي عبد الله جول الذي رفض ذلك، وطلب شمعون بيريز استعارة النقش سنة 2007 ليعرضه بمناسبة 60 سنة على إقامة الدولة العبرية، لكنه قوبل بالرفض".
وأضاف: "اكتشف نقش سلوان في العام 1880، والذي يخلد مشروع حفر نفق تم استخدامه لجلب مياه نبع أم الدرج إلى داخل أسوار مدينة القدس. ويؤرخ بنحو نهاية القرن الثامن ميلادي أو بداية السابع بناء على أشكال الخط فقط"، مشيراً إلى أن "النقش مكتوب بخط كنعاني (يصفه البعض بعبري قديم) وبلغة كنعانية شبيهة بالعبرية في العهد القديم. وهذا هو النقش الوحيد من منطقة وسط فلسطين من هذه الفترة". ولفت إلى أن "التوراتيين يدّعون بأن صاحب النقش هو الملك حزقيا المعروف من التوراة، ولكن النقش لا يخبرنا عن ذلك. ولو كان حزقيا حقيقة هو صاحب هذا النقش وهو الذي حفر النفق لكان قد كتب اسمه في النقش. فالنقش يؤرخ فقط أعمال حفر وبناء قام بها أهل القدس في ذلك الزمن. وهذا تراث فلسطيني قديم من القدس ولا علاقة له بالمستوطنين الصهاينة".
من جهته، رد المؤرخ والباحث الفلسطيني المقيم في كندا، تيسير خلف، على ادعاءات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتأكيد أنه لا علاقة لليهود والعبرانيين بالنقش. وقال لـ"العربي الجديد": "سبق أن قدمت قراءة للنقش لا تختلف في نتيجتها عن قراءة المؤرخ محمد المرقطن، ونشرت ذلك على صفحتي على "فيسبوك". النقش تحدث عن شق النفق ولا يتحدث عن العبرانيين ولا عن دولة يهودية، ولا يوجد به إشارة إلى حزقيا. وما يدعيه نتنياهو عملية سلب منظمة أمام أنظار العالم". واستغرب خلف كيف قرر علماء الآثار أن هذه نقوش عبرية، وهي في الحقيقة نقوش كنعانية.
وجاء في منشور خلف عام 2017 تحت عنوان "نفق سلوان الكنعاني.. مدينة رعو": "هذه قراءتي لنقش نفق سلوان الذي يصل بين نبع قرية سلوان المجاورة لمدينة القدس، وداخل المدينة، ومنذ اكتشافه في العام 1880، جرى تصنيفه بأنه نقش يهودي قديم، يعود للملك حزقيا الذي قيل إنه هو الذي حفر النفق بناء على ما تقوله التوراة! وطبعًا تمت قراءة النقش وفق تفسير توراتي استبعد أي احتمال آخر، ولكن عند قراءة النقش حرفًا حرفًا وكلمة كلمة؛ لا نجد أي إشارة للملك اليهودي، ويرد اسم المدينة (قرت رعو) مدينة رعو.. وهو ما يجعلنا نعتقد بأن عملية إنجاز هذا النفق تمت في عصر أقدم من الفترة الهلنستية المفترضة، حيث كانت الكتابة اليونانية هي المسيطرة، واختفت الحروف الفينيقية- الكنعانية نهائيًّا باستثناء السامريين الذين استخدموها في كتابة أسفارهم". كما يقدم خلف في منشوره النص الكامل لما هو مكتوب على نقش سلوان الموجود الآن في متحف إسطنبول للآثار.
وأكد الرئيس التركي في خطاب له يوم الجمعة أن تركيا "لن تسلم إسرائيل أبدًا نقشًا أثريًّا تاريخيًّا عثر عليه في نفق تحت القدس خلال العهد العثماني". واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ"إثارة الكراهية" تجاه تركيا. وأضاف أردوغان: "القدس هي شرف وكرامة وعزة للمسلمين وللإنسانية جمعاء، ولن نعطي حتى حصاة واحدة تعود للقدس الشريف".