مؤتمر صحافي للجنة السلم الأهلي في سورية: إجراءات لتعزيز الاستقرار ومكافحة الجريمة
استمع إلى الملخص
- تحدث نور الدين البابا عن جهود وزارة الداخلية في مكافحة الجريمة بالتعاون مع جهات محلية ودولية، مشيراً إلى تشكيل إدارة جديدة للتواصل مع الإنتربول واستعادة الحقوق المسلوبة للشعب السوري.
- أشار هادي العبد الله إلى عودة شخصيات مثيرة للجدل، مؤكداً على ضرورة معالجة مظالم الماضي لضمان سلم أهلي مستدام، وسط تباين ردود الفعل حول تأثير المصالحة على العدالة الانتقالية.
عقدت لجنة السلم الأهلي في سورية، اليوم الثلاثاء، مؤتمراً صحافياً في دمشق، كشف خلاله عضو اللجنة حسن صوفان عن تفاصيل جديدة بشأن الإجراءات المتخذة لضمان الاستقرار المجتمعي. كما تحدث نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، حول جهود مكافحة الجريمة وملاحقة شبكاتها. وأوضح حسن صوفان أن الضباط الذين تم إطلاق سراحهم منذ عام 2021، والذين سلموا أنفسهم طوعاً على الحدود العراقية ومنطقة السخنة ضمن ما يعرف بـ"حالة الاستئمان"، خضعوا لتحقيقات قانونية دقيقة لم تثبت ضدهم أي تهم بارتكاب جرائم حرب. وبيّن أن استمرار احتجازهم بات غير قانوني ولا يخدم المصلحة الوطنية.
وشدد صوفان على أن هذه الإجراءات لا تُعد بديلاً عن العدالة الانتقالية، موضحاً أن اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية، التي جرى تشكيلها بمرسوم رئاسي، هي الجهة المخولة بضمان إنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة. وأكد أن العدالة الانتقالية تستهدف كبار المجرمين الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة، وليس محاسبة كل من خدم النظام سابقاً.
وقال صوفان إن تحقيق الاستقرار في البلاد لا يقتصر على إقامة العدل فقط، بل يجب أن يُبنى على مبدأ المصالحة المجتمعية الراسخ. وأضاف: "في نهاية المطاف، لدينا مطاف راسخ وهو المصالحة المجتمعية". وكشف صوفان أن اللجنة تعمل على خطوات مستقبلية سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ بعض القرارات بعيداً عن الإعلام لضمان نجاحها. كما أكدت وزارة الداخلية على تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة واستعادة الحقوق المسلوبة للشعب السوري.
من جهته، قال نور الدين البابا إن الوزارة تواصل متابعة الشبكات الإجرامية الكبرى، موضحاً أن وراء كل مجرم كبير شبكات معقدة، ويتم التنسيق مع جهات محلية ودولية للحصول على المعلومات اللازمة للقبض عليهم واسترجاع أموال الشعب السوري المنهوبة. وأضاف أن إدارة جديدة جرى تشكيلها في وزارة الداخلية لتفعيل التواصل مع الإنتربول الدولي لملاحقة مرتكبي الجرائم بحق السوريين.
وأشار الإعلامي هادي العبد الله إلى عودة ظهور شخصيات مثيرة للجدل، مثل فادي صقر وسقراط الرحيه، في مشهد السلم الأهلي، مما أثار موجة من الاستياء المجتمعي. ولفت إلى أن الصور الرسمية التي ضمت هذه الأسماء في مناسبات مرتبطة بملف السلم الأهلي أعادت تسليط الضوء على اتهامات سابقة بارتكاب انتهاكات خطيرة، شملت القصف والحرق والتسبب في وفيات مدنية، بحسب تقارير حقوقية. وأكد العبد الله أن ظهور هذه الشخصيات في الفعاليات الرسمية يثير تساؤلات حول دورها الحقيقي في قرارات المصالحة، ومدى توافق ذلك مع تطلعات الضحايا، لا سيما أن المناطق التي ورد ذكرها مثل جوبة وقطار الزحايا لا تزال تعاني تبعات الصراع.
وتتواصل التساؤلات حول جدوى المصالحة دون ضمان العدالة، خصوصاً في ظل وجود تقارير تشير إلى وجود نحو 125,000 معتقل لدى وزارة الداخلية، بالإضافة إلى 450,000 موقوف من النظام السابق، جميعهم دون محاكمات أو إجراءات عدالة انتقالية واضحة. ويطرح هذا الواقع إشكالية جوهرية حول التوازن بين المصالحة والعدالة، إذ لا يمكن تحقيق سلم أهلي مستدام دون معالجة مظالم الماضي بشكل عادل ومنصف.
وتباينت ردود الفعل في المجتمع بين من يرى أن هذه الإجراءات تدعم جهود المصالحة الوطنية، وبين من يخشى أن تؤثر سلبًا على مسار العدالة الانتقالية. ومع استمرار التحديات، يبقى نجاح اللجنة ووزارة الداخلية مرتبطاً بقدرتهم على تحقيق توازن فعّال بين الإنصاف والاستقرار.