مؤتمر باريس يؤكد دعم سورية في المرحلة الانتقالية ووحدة أراضيها

13 فبراير 2025
صورة جماعية في ختام مؤتمر باريس بشأن سورية، 13 فبراير 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم بلاده لسورية في المرحلة الانتقالية بعد إطاحة نظام الأسد، مشددًا على أهمية مكافحة الإرهاب وبناء سورية مستقرة تسهم في استقرار المنطقة.
- شددت مصر وقطر على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سورية واحترام سيادتها، داعين إلى عملية سياسية شاملة بملكية سورية، مع التركيز على المساعدات الإنسانية وإعادة بناء الدولة.
- التقى نائب وزير الخارجية التركي مع الممثل الخاص للأمم المتحدة لمناقشة التطورات في سورية، حيث تم تعيين أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية واتخاذ قرارات لحل الفصائل المسلحة.

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده مستعدة لدعم سورية في المرحلة الانتقالية عقب إطاحة نظام الأسد. وفي كلمته بختام مؤتمر باريس بشأن الانتقال السياسي والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها سورية بعد سقوط نظام الأسد اليوم الخميس، ذكَّر ماكرون بأنّ سورية تحررت من نظام "هجّر شعبه وقتله". وأعرب عن رغبته في بناء "سورية التي تسهم بصورة مباشرة في استقرار المنطقة وأمن الجميع من خلال مكافحة الإرهاب".

وأشار إلى أنّ الإدارة الجديدة تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية وإنسانية صعبة، وتحديات تتعلق بعودة اللاجئين. وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة احترام سيادة سورية. وأضاف: "لهذا ندعو إلى وقف إطلاق النار في كل الأراضي السورية، بما في ذلك في الشمال والشمال الشرقي، وإلى إنهاء التدخل الأجنبي في الجنوب".

وأكد ماكرون على أنّ سورية يجب أن تستمر في محاربة المنظمات الإرهابية، لا سيما تنظيم داعش. وقال إنّ "مكافحة داعش هي أولوية مطلقة. من هنا، فإنّ إقامة شراكة وثيقة مع التحالف (الدولي) هي فكرة جيدة جداً". ودعا جميع الشركاء في هذا التحالف إلى "إعادة تقييم مواقفهم". وأضاف: "إذا اتخذت سورية قراراً بشأن مقترح للتعاون، فإنّ فرنسا ستنظر إليه ليس فقط بنية حسنة بل أيضاً بالتزام". وتابع: "لا ينبغي أن نكتفي بأن نقول لكم حاربوا (هذه الجماعات الإرهابية). نحن مستعدّون للقيام بذلك إلى جانبكم، وربما أكثر، لذا فلننطلق!".

وأكد الرئيس الفرنسي أنّ "الهدف الأول هو الأمن، وضمان ألا تتحوّل سورية مجدّداً إلى منصة لوجستية للمليشيات المرتبطة بإيران والتي تشارك في أجندتها لزعزعة الاستقرار الإقليمي". وأشار إلى أنّ "سورية يجب أن تستمرّ في محاربة جميع هذه المنظمات الإرهابية التي تنشر الفوضى في بلدكم والتي تريد تصديرها".

ودعا إلى دمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الجيش الوطني السوري باعتبارها "حليفة" لفرنسا في مكافحة الإرهاب. وقال إنّ "إشراكهم الكامل في العملية الانتقالية السورية سيخدم هدفكم الأمني لأنّهم مقاتلون أقوياء وعددهم كبير". وأكد ماكرون أنّ "مسؤوليتكم الآن هي إشراكهم... لتحقيق الهدف نفسه وهو محاربة الجماعات الإرهابية التي تزعزع استقراركم".

ولفت الرئيس الفرنسي إلى أن البيئة السياسية الشاملة من شأنها أيضاً إقناع اللاجئين السوريين بالعودة. وذكر أنّ تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في سورية أحد التحديات التي تواجهها الإدارة الجديدة. وفي هذا السياق، أعلن ماكرون أنّ بلاده ستقدم 50 مليون يورو من المساعدات الإنسانية لسورية. وتطرق إلى أهمية مكافحة الإفلات من العقاب خلال المرحلة الانتقالية في سورية. وشدد على أنّ الذين يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان في سورية، التي شهدت دماراً هائلاً بسبب الحرب، يجب أن يعاقبوا "في أقرب وقت ممكن".

تأكيد مصري قطري لاحترام وحدة أراضي سورية وسيادتها

إلى ذلك، أكدت مصر وقطر، اليوم الخميس، خلال كلمتي البلدين في مؤتمر باريس، ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سورية واحترام سيادتها. ووفق بيان للخارجية المصرية، استعرض وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال كلمته أمام المؤتمر، "الموقف المصري الداعي للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام سيادتها". وأضاف عبد العاطي أن مصر تدعو كذلك إلى "تبني عملية سياسية شاملة بملكية سورية، بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، وأهمية أن تمثل سورية مصدر استقرار في المنطقة".

بدوره، أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي "أهمية الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها". وأدان الخليفي، في كلمة أمام المؤتمر، "كافة الانتهاكات التي تتعرض لها سورية، خاصة في ظل الوضع الراهن". وفي هذا الصدد، جدد التأكيد على "كافة القرارات الدولية ذات الصلة والتي تدين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، وضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته والحد من التصعيد غير المبرر وغير القانوني الذي يقوض جهود دعم وحدة سورية واستقلالها".

ومستغلة إطاحة نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وسعت إسرائيل رقعة احتلالها مرتفعات هضبة الجولان باحتلال المنطقة السورية العازلة وجبل الشيخ، ووسعت هجماتها على بنى تحتية ومواقع عسكرية في سورية. كما أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سورية لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان التي تحتل معظم مساحتها منذ عام 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.

الخليفي أكد في كلمته "وقوف قطر الثابت إلى جانب الشعب السوري وخياراته". ولفت إلى أنّ "السبيل الوحيد للتقدم (في سورية) يكمن في عملية سياسية شاملة تحافظ على وحدة النسيج المجتمعي وتبني مؤسساته الوطنية بالكفاءة والمصالح الوطنية، وتتوحد قواته تحت قيادة مدنية هدفها المحافظة على وحدة التراب السوري وصون أراضيه".

واعتبر الخليفي أنّ "آفاق المستقبل تعتمد على هذه المرحلة المفصلية لتحقيق آمال الشعب السوري نحو التقدم والازدهار". وأكد أنّ ذلك "يتطلب منا جميعا، كشركاء دوليين، أن نعمل معا بروح المسؤولية لمساعدة الشعب السوري في تحقيق أهدافه المشروعة". وجدد الخليفي التأكيد على "أهمية تضافر الجهود الدولية لدعم الشعب السوري من خلال المساعدات الإنسانية والمبادرات التي تهدف إلى إصلاح ما أنهكته الأزمة طيلة السنوات الماضية، وإزالة كافة العقبات التي تحد من قدرة المانحين الدوليين في تقديم أشكال الدعم المأمول".

وأشار إلى أن "التجارب أثبتت أن استقرار ووحدة سورية عامل مهم ليس فقط في استقرار المنطقة العربية، بل أبعد من ذلك". وفي هذا الصدد، رحب الخليفي بـ"الخطوات التي تهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السورية وتعزيز التوافق والوحدة بين كافة الأطراف السورية، والإعلان عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني".

وأضاف: "نتطلع إلى الخطوات القادمة في هذا الخصوص من العمل على مسار وطني جامع يحدد أولويات المرحلة ويمهد لانتقال سلمي للسلطة من خلال عملية سياسية متفق عليها من قبل السوريين". وأكد المسؤول القطري "أهمية العمل على تطبيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحق الشعب السوري"

نائب وزير الخارجية التركي يلتقي بيدرسون في إطار مؤتمر باريس

في السياق، التقى نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون في إطار مؤتمر باريس بشأن سورية. وذكرت وزارة الخارجية التركية في منشور على منصة إكس، الخميس، أنّ يلماز بحث مع بيدرسون آخر التطورات في سورية وعمل الأمم المتحدة هناك.

ويعد مؤتمر باريس استمراراً للاجتماعات بشأن سورية التي عقدت في منطقة العقبة بالأردن في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وبالعاصمة السعودية الرياض في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي. وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية تعيين أحمد الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.

(فرانس برس، رويترز، الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون