مؤتمر العدالة والتنمية التاسع.. محطة حسم لمستقبل إسلاميي المغرب

24 ابريل 2025
عبد الإله بنكيران خلال زيارة رسمية لمدريد، 6 يونيو 2015 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعقد حزب العدالة والتنمية المغربي مؤتمره التاسع في بوزنيقة لتجاوز نكسة انتخابات 2021، حيث تراجع الحزب إلى المرتبة الثامنة بعد أن كان في الصدارة.
- يهدف المؤتمر إلى تقييم الأخطاء السابقة واعتماد أوراق سياسية جديدة تشمل البرنامج العام والأطروحة السياسية، مع انتخاب قيادة جديدة لتوجيه الحزب في المرحلة المقبلة.
- يسعى الحزب لتعزيز مرجعيته الإسلامية، صيانة السيادة الوطنية، واستعادة مصداقية الخيار الديمقراطي، مع نقاش حول استمرار عبد الإله بنكيران أو إفساح المجال لقيادات شبابية.

يدخل حزب العدالة والتنمية المعارض في المغرب منعطفاً مفصلياً في تاريخه السياسي، حينما يعقد بعد غد السبت مؤتمره التاسع بمدينة بوزنيقة (جنوب العاصمة الرباط)، في ظل سياق سياسي استثنائي، تتقاطع فيه الاعتبارات التنظيمية مع رهانات التموقع السياسي استعداداً للاستحقاق الانتخابي القادم في 2026. ويعتبر هذا المؤتمر، التاسع من نوعه منذ تأسيس العدالة والتنمية عام 1997، محطة هامة في تاريخ من يوصفون في المغرب بـ"إسلاميي القصر"، لجهة أن مخرجاته ستكون حاسمة في رسم مستقبل الحزب وتأكيد تعافيه أو عدمه من نكسة الثامن من سبتمبر/ أيلول 2021، حينما مني الحزب الذي قاد الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين في سابقة في تاريخ البلاد، بهزيمة مدوية عصفت به إلى المرتبة الثامنة بـ13 مقعداً برلمانياً بعد أن كان يتصدر المشهد البرلماني بـ125 مقعداً.

وبحسب عدد من المتابعين، فإن أسئلة عدة تطرح حول إن كان المؤتمر التاسع سيشكل محطة عبور آمن ونجاة لحزب العدالة والتنمية بعد ما مر بمرحلة حرجة جراء ما واجهه منذ نكسته الانتخابية، التي هددت وحدته ومشروعه السياسي، وأبعدت العديد من مؤسسيه وقيادييه. ويبدو المؤتمر الوطني التاسع بمثابة لحظة حقيقة تتعلق أساساً بمدى نجاح أمينه العام عبد الإله بنكيران الذي جاءت به قواعد الحزب في المؤتمر الاستثنائي عام 2021، في استعادة المبادرة وتخطي مرحلة ما بعد الزلزال الانتخابي وارتداداته على البيت الداخلي. وهو الزلزال الذي جعل مشروعه السياسي ككل محل تساؤل، وذلك بالتزامن مع مخاوف من تصدع داخلي في ظل ما عاشه حينها من تباين المواقف في صفوفه بخصوص من يتحمل مسؤولية ما حصل من هزيمة انتخابية.

بنكيران: العدالة والتنمية دبت فيه الحياة

بالنسبة للقيادي في العدالة والتنمية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العالي حامي الدين، فإن الرهان الأساسي للمؤتمر الوطني التاسع للحزب هو "رهان سياسي وتنظيمي". وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الرهان الأول يتمثل في تدشين مرحلة جديدة من تاريخ الحزب، وتجاوز آثار الانتخابات التشريعية الأخيرة، والخروج للمجتمع بصورة الحزب القوي المتماسك الذي نجح في تقييم أخطائه واستخلاص العبر منها، وفي نفس الوقت قادر على بلورة عرض سياسي جديد".

وتبعا لذلك، فإن المؤتمر، يقول حامي الدين، سيعتمد أوراقاً سياسية جديدة، وهي ورقة البرنامج العام التي تتضمن التعريف بالحزب وأهدافه وورقة الأطروحة السياسية التي تتضمن توجهات المرحلة القادمة بناء على قراءة الحزب للمعطيات الوطنية والإقليمية والدولية. وإلى جانب الرهان السياسي للمؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية يبرز، بحسب المتحدث ذاته، رهان تنظيمي يتمثل أساسا في انتخاب قيادة جديدة لإدارة المرحلة القادمة. وقبل ساعات من انطلاق المؤتمر، حرص بنكيران على بعث رسائل إلى من يهمه الأمر داخل الحزب وخارجه، بالتأكيد أن العدالة والتنمية "دبت فيه الحياة من جديد وعاد إلى الصدارة".

وكان لافتا قول بنكيران، في كلمة بثها الحزب عبر منصات تواصله الرقمي، في ساعة متأخرة ليل أمس الأربعاء، مخاطباً أعضاء حزبه والمتعاطفين معه، إن "حزبكم تحرك.. عادت إليه الروح، إذا كان قد سقط من الطابق السابع عشر، فهو والحمد لله تعالج وعموماً عظامه بخير، يمكن أن يمشي أعرج، لكنه يواصل مسيرته السياسية".

من جهة أخرى، سيكون المؤتمر التاسع مناسبة لعرض ورقة البرنامج العام، التي تعد أول مراجعة شاملة وعميقة للحزب منذ عشرين سنة. كما تمثل مراجعة تحليلية لمساره. ويرتكز البرنامج العام للحزب، بحسب ما كشف عنه العدالة والتنمية في ندوة صحافية في 16 إبريل/ نيسان الجاري، على ثلاثة محاور رئيسية: "تاريخ الحزب ومساره النضالي، الممارسة السياسية خلال العقود الثلاثة الأخيرة سواء في المعارضة أو الحكومة، بالإضافة إلى استيعاب التحولات الدولية والإقليمية".

بالمقابل، ترتكز الورقة السياسية للحزب، الخاصة بالمرحلة المقبلة، والتي تمتد على مدى أربع سنوات، على ثلاثة محاور أساسية: "استيعاب السياق العام الذي يتسم بتحولات إقليمية ودولية، تطور المسار السياسي والتنظيمي للحزب، والاستجابة للتحديات السياسية والاقتصادية والقيمية المستجدة". وتقوم التوجهات السياسية الجديدة للحزب على النضال من أجل "تكريس المرجعية الإسلامية، وصيانة السيادة الوطنية وتعزيز الترافع والدفاع عن مغربية الصحراء، واستعادة مصداقية الخيار الديمقراطي، من خلال القطع مع التلاعب بالإرادة الشعبية، واحترام الدستور، وتعزيز الحقوق والحريات، ومحاربة الفساد"، فضلا عن "تصحيح مسار النموذج التنموي بإطلاق تنمية حقيقية، شاملة، عادلة ومنصفة، وصيانة استقلالية القرار الحزبي، وتوسيع دائرة التعاون والشراكات على المستويين الوطني والدولي".

إلى ذلك، ينتظر أن ينتخب المجلس الوطني للحزب المكون من 160 عضواً الأمين العام الذي سيقود العدالة والتنمية في المرحلة المقبلة، والتي يبقى من أكبر رهاناتها الانتخابات التشريعية والجماعية في 2026. في حين، يبقى الأمين العام الحالي عبد الإله بنكيران مرشحاً للاستمرار في قيادة الحزب. وقبل أسابيع من موعد المؤتمر، طفا على السطح نقاش حول مستقبل القيادة داخل الحزب الإسلامي، بين فريق دفع نحو التمديد لبنكيران بالنظر إلى "دوره في الحفاظ على وحدة الحزب وإعادة حضوره السياسي، فضلا عن كونه لم يتخل عنه في لحظات الضعف". في مقابل فريق آخر، رأى أن الحزب "في حاجة إلى تجديد دمائه"، و"إفساح المجال أمام جيل جديد من القيادات الشبابية".

المساهمون