مؤتمر الحوار الوطني السوري: اعتذارات واسعة ومقاطعة كردية
استمع إلى الملخص
- قاطع الأكراد المؤتمر، معبرين عن رفضهم للمشاركة بسبب تهميشهم، وانتقد المجلس الوطني الكردي السياسات المتبعة واعتبرها انتهاكاً لمبدأ الشراكة الوطنية.
- الاعتذارات والمقاطعات أثارت تساؤلات حول جدوى المؤتمر وفعاليته في تحقيق أهدافه، مما يضع الحوار الوطني على المحك.
يشهد مؤتمر الحوار الوطني السوري المقرر انعقاده في دمشق، اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء، سلسلة من الاعتذارات من عدد كبير من الشخصيات السورية المدعوة للمشاركة، وتعود أبرز أسباب الاعتذار إلى التأخر في إرسال الدعوات، خاصة للسوريين المقيمين خارج البلاد، بالإضافة إلى مقاطعة من الأوساط الكردية داخل سورية.
إرسال متأخر للدعوات وانتقادات لجدية التنظيم
وانتقدت عدد من الشخصيات المدعوة طريقة وتوقيت إرسال الدعوات، معتبرين ذلك مؤشراً على عدم جدية التحضير لمثل هذا الاستحقاق الوطني. من أبرز هذه الشخصيات، الدكتور سام دلة، أستاذ القانون الدستوري، الذي قال: "تلقيت دعوة بعد منتصف الليل لحضور المؤتمر. اعتذرت لعدم قدرتي على الوصول إلى دمشق، ولأني لا أرى في طريقة وتوقيت إرسال الدعوة جدية بالتعاطي مع هكذا استحقاق وطني".
معظم الاعتذارات أصدرها أصحابها عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما الدبلوماسي والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية في عهد النظام جهاد مقدسي، الذي أوضح أنه تلقى الدعوة يوم أمس، لكنه اعتذر نظراً لصعوبة الوصول السريع من واشنطن إلى دمشق، ولوجود التزامات مسبقة. وقال: "رغم غيابي، أشكر اللجنة المنظمة على دعوتها الكريمة، وأتمنى للمؤتمرين كل التوفيق والنجاح".
كذلك كان الحال بالنسب لجورج صبرا، الرئيس الأسبق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي يعيش في باريس، والذي اعتذر أيضاً بسبب ضيق الوقت، قائلاً: "أتمنى النجاح والتوفيق للفاعلين في تحقيق أهداف المؤتمر". من جهتها، أشارت المديرة التنفيذية لمنظمة "فريدوم جاسمن" في تركيا ياسمينا بنشي، إلى استحالة حضورها لعدة أسباب لوجستية، منها عدم توفر رحلات طيران من إسطنبول في هذا التوقيت، وصعوبة عبور المعابر الحدودية. أمّا الاستشاري في التنمية والحوكمة فادي حليسو، فأوضح أن وصول الدعوة قبل يومين فقط، يعطي انطباعاً بعدم جدية الدعوة، وقال: "بالتأكيد أستطيع السفر من ألمانيا على حسابي، لكنني بحاجة لأكثر من يومين لترتيب الإجراءات".
مقاطعة من الأوساط الكردية
إلى جانب الاعتذارات، واجه المؤتمر مقاطعة من السوريين ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، شمال وشرق سورية، وقد عبّر الصحافي الكردي فهد صبري عن موقفه ببيان قاطع فيه المؤتمر، موضحاً أنه يرفض المشاركة كفرد في مؤتمر "يتم فيه تهميش ثاني أكبر قومية في البلاد وهم الكرد". وأضاف: "أعتبر أي كردي يشارك في المؤتمر، يخون قضية شعبه ويسعى لمكاسب شخصية على حساب قضية الكرد في سورية"، إلا أن فرهاد شامي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية وإلهام أحمد المسؤولة الكبيرة في الإدارة الذاتية قالا لوكالة رويترز اليوم الاثنين، إنه لم تتم دعوة أي من مسؤولي الجهتين لحضور المؤتمر.
المجلس الوطني الكردي ينتقد "التهميش"
من جهته، انتقد المجلس الوطني الكردي، الاثنين، السياسات المتبعة في مؤتمر الحوار الوطني بسبب ما وصفه "تهميشاً للمكونات السياسية والقومية في البلاد"، وقال في بيان إن "عقد المؤتمر بهذه العجالة والإعلان عنه قبل يوم واحد، وتهميش المكونات السياسية والقومية بما فيها المجلس الوطني الكردي في الإعداد والتحضير، يعد انتهاكاً لمبدأ حق الشراكة الوطنية للشعب الكردي".
ورأى المجلس الوطني الكردي أن أي حوار وطني حقيقي "لا يمكن أن يكون مجتزأً أو قائماً على تجاهل مكونات الشعب السوري، كما لا يمكن أن يحقق أهدافه إذا لم يضمن معالجة الحقوق المشروعة لكافة المكونات، وفق أسس واضحة ومحددة تضمن الوصول إلى حل سياسي عادل ينهي مأساة السوريين ويفتح آفاقاً لمستقبل ديمقراطي". معتبراً أن توجيه الدعوات "بشكل انتقائي وفردي، بعيداً عن معايير واضحة تضمن تمثيلاً متوازناً لمختلف القوى السياسية والمكونات السورية، بما فيها الحركة السياسية الكردية، يثير تساؤلات جوهرية حول جدوى المؤتمر وإمكانية معالجته لمختلف القضايا التي خلفها النظام البائد".
وأكد المجلس في بيانه دعمه لأي عملية سياسية تضع الركائز لإعادة بناء سورية جديدة لا مكان فيها للاستبداد والاقصاء للمكونات السياسية والقومية. وانتقد في الوقت ذاته قصر مدة التحضير للمؤتمر، وعدم مراعاة ظروف المشاركين من داخل سورية وخارجها وقال إن هذا الأمر "يضعف فرص نجاحه بتحقيق غاياته المنشودة في بناء سورية المستقبل".
تساؤلات حول جدوى مؤتمر الحوار الوطني السوري
وجاءت هذه الاعتذارات والمقاطعة لتطرح تساؤلات حول جدوى مؤتمر الحوار الوطني السوري ومدى نجاحه في تحقيق أهدافه، في ظل غياب عدد كبير من الشخصيات البارزة، بالإضافة إلى استبعاد مكونات أساسية من المجتمع السوري، ما قد يضعف فعالية الحوار، ويقلّل من تأثيره على الساحة السياسية. ويُعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في ظل غيابات ومقاطعات عدة، ما يعكس تحديات كبيرة تواجه عملية الحوار الوطني، خاصة في ظل عدم إشراك جميع الأطراف بفعالية، ما يجعل هذه العملية التي يعوّل عليها السوريون في بدء صفحة جديدة من حياة بلادهم، على المحك.