مأزق الانتخابات الليبية: ارتباك وتراشق اتهامات ومواعيد غامضة

مأزق الانتخابات الليبية: ارتباك وتراشق اتهامات ومواعيد غامضة

28 ديسمبر 2021
مؤشرات على تأجيل الاستحقاق الانتخابي لمدد أطول(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

تسعى الأجسام الليبية المعنية بالانتخابات، أخيراً، للتنصل من مسؤوليها، بعد إلغاء يوم 24 ديسمبر الماضي لبدء عملية الاقتراح الانتخابي، وسط ارتباك حول تحديد مصير العملية الانتخابية وتقاذف الاتهامات بشأن التأجيل.
ويستعد مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، لاستئناف جلسته التي علّقها مساء أمس، لمتابعة مناقشته سير العملية الانتخابية، فيما بدأت في مؤشرات تأجيل الاستحقاق الانتخابي لمدد أطول تطفو إلى السطح، بعد أن قرر مجلس النواب استمرار اللجنة النيابية المكلفة إعداد خريطة طريق لما بعد 24 ديسمبر في عملها وبدء تواصلها مع جميع الأطراف لذلك.
وبموازاة هذا القرار، قرر المجلس أيضاً استدعاء رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السائح، للاستماع إلى ردوده على ما حوته التقارير التي استمع إليها النواب، خلال جلسة أمس، بشأن الصعوبات التي واجهت إجراء الانتخابات يوم 24 ديسمبر، وفق ما أفاد به المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق لـ"العربي الجديد".


وقال بليحق إنّ هذا الاستدعاء جاء على خلفية عدم إبلاغ المفوضية مجلس النواب رسمياً تأجيل الانتخابات إلى 24 من يناير المقبل، مشيراً إلى أن المجلس لم يحدد إطلاق الانتخابات في هذا الموعد، ولذا لا يتحمل مسؤولية تأجيل الانتخابات.

خريطة طريق مضبوطة بمدد ومراحل

وأوصت اللجنة البرلمانية المكلفة التواصل مع مفوضية الانتخابات، خلال عرضها لتقريرها في جلسة النواب، أمس، المجلس بأن يشرع في وضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة "مضبوطة بمدد ومراحل، وليس بتواريخ ومواقيت"، لمنع تكرار الخطوات السابقة نفسها، بهدف إنجاح العملية الانتخابية وضمان القبول بنتائجها.
ووصفت مواعيد الانتخابات السابقة بـ"المواعيد السياسية" التي حدّدها بعض الأطراف "بشكل غير واقعي لغرض الاستهلاك المحلي أو التسويق الدولي".
واعتبرت أن "التعويل على تاريخ بعينه لإجراء الانتخابات هو بمثابة إعادة للتجربة الفاشلة التي خاضتها المفوضية بناءً على قرار غير مدروس من لجنة الحوار السياسي برعاية البعثة الأممية"، في إشارة إلى تحديد يوم 24 ديسمبر موعداً للانتخابات من قبل ملتقى الحوار السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، واتهمت المفوضية بالاضطراب والتناقض في تقريرها المحال على مجلس النواب بشأن الصعوبات التي واجهت إطلاق الانتخابات يوم 24 ديسمبر.

السائح يلوم مجلس النواب 

وبعد انتهاء جلسة النواب بساعات خرج رئيس المفوضية، عماد السائح، في لقاء مع قناة ليبية، أمس الاثنين، ألقى خلاله باللائمة على مجلس النواب، مشيراً إلى مماطلته في إحالة القوانين الانتخابية للمفوضية وتأخر تسليمها لها.
وأكد السائح أن مجلس النواب سلّم قانون الانتخابات الرئاسية، في سبتمبر/أيلول الماضي، وقانون الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما أثر بتأخير إعلان بدء العملية الانتخابية.

وحملت تصريحات رئيس المفوضية، ردوداً ضمنية على مواقف النواب خلال جلستهم، من بينها أن المفوضية "لم تقدم مقترحات لمجلس النواب، لكنها قدمت تقارير"، في رد على قول المجلس إن المفوضية لن تخاطبه رسمياً لتأجيل الانتخابات إلى يوم 24 يناير/كانون الثاني المقبل.

الصورة
عماد السايح/سياسة/ حازم تركيا/ الأناضول
حملت تصريحات السايح ردوداً ضمنية على مواقف النواب(حازم تركيا/الأناضول)

ورأى أن إجراء الانتخابات في يناير المقبل مرتبط برفع مجلس النواب "القوة القاهرة أو يحدد موعد جديد للانتخابات قد يتجاوز 24 يناير المقبل".

شبهات التزوير وشراء الأصوات

وقبيل إعلان المفوضية القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، طالبها مجلس النواب، عبر بيان حمل توقيع 72 نائباً في الخامس من الشهر الحالي، بعدم إعلانها، وضرورة خضوع السائح وممثلي السلطات القضائية لـ"المسائلة" أمام النواب، بسبب سكوتهم عن " شبهات التزوير وشراء الأصوات"، قبل أن تعلن المفوضية عدم قدرتها على إعلان القائمة، واقتراحها تأجيل الانتخابات إلى يوم 24 يناير المقبل.


وفي ردّ على ما تضمنته التقارير الأمنية التي استعرضها مجلس النواب، في جلسة مغلقة، أمس، وحملت معلومات عن تزوير في قاعدة بيانات المفوضية، أكد السائح أنها "حملة مغرضة ضد المفوضية ولم يتمكن أي اتهام من إثبات حالة تزوير واحدة".
وألمح إلى وقوف شخصيات سياسية "لها أغراض وأجندات لا تتماشى مع المفوضية" وراء هذه الحملة.
ووفقاً لمصادر برلمانية، شاركت في جلسة مجلس النواب، أمس الاثنين، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التقارير الأمنية، التي استعرضها المجلس في جلسة مغلقة، تحدثت عن تزوير واسع في البطاقات الانتخابية، والتشديد على عدم توافر بيئة يمكن معها إجراء الانتخابات في وقت قريب، بسبب تنفذ المسلحين في مساحات واسعة خارج سيطرة الحكومة، بالإضافة إلى تدخل، وُصف بـ"الخطير"، في عمل القضاء للبت في الطعون والاستئناف عليها من جانب المترشحين ومعارضيهم.
لكن اللافت في مستجدات أوضاع الانتخابات محاولة ربط مجلس النواب مصير الانتخابات بوجود الحكومة الحالية من عدمها، فقد أوصت اللجنة النيابية المكلفة التواصل مع المفوضية بضرورة إعادة تشكيلها لـ"تحقيق متطلبات الاستقرار، الأمر الذي عجزت عنه السلطة الحالية".

نقاش النواب انصبّ على مواقف السفارات الأجنبية

ورغم تضارب موقف النواب حيال هذه التوصية، إلا أن غالبية النقاش انصبت على مواقف عدد من السفارات الأجنبية في ليبيا الداعية إلى التمسك بحكومة الوحدة الوطنية، وضرورة تسليم السلطة الحالية للسلطة الجديدة بعد إعلان نتائج الانتخابات، خصوصاً بيان السفارة البريطانية، الجمعة الماضية، التي أكدت فيه أن بلادها ستواصل الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية إلى حين إعلان نتائج الانتخابات.


ورغم إصدار السفارة البريطانية بياناً جديداً، ليل الأحد، أكدت فيه أن بلادها "لا تدعم أي شخص" في المشهد السياسي الليبي الحالي، وفي درء لاتهام السفارة بدعمها استمرار بقاء عبد الحميد الدبيبة على رأس الحكومة، حثت السفارة "الذين يشغلون مناصب في المؤسسات العامة الاستمرار في عدم شغلها حتى إعلان نتائج الانتخابات"، إلا أن مجلس النواب قرر مخاطبة المجلس الرئاسي ووزارة الخارجية بالحكومة "بتقييد تحركات وزيارات السفراء الأجانب في ليبيا"، بل وإعداد قرار للتصويت عليه باعتبار السفيرة البريطانية "شخصية غير مرغوب فيها"، وتكليف وزارة الخارجية التواصل مع الجهات المعنية لإبلاغها بهذه الإجراءات.

وقبيل بدء النواب جلستهم، أمس، عبّرت المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، عن أملها بأن يضطلع مجلس النواب بدوره في وضع معالجات سريعة للعملية الانتخابية للدفع بها إلى الأمام.

 وعقب انتهاء الجلسة، كتبت وليامز تغريدة على موقع "تويتر"، قائلة: "تتجه اليوم عيون 2.8 مليون ناخبة وناخب في ليبيا صوب مجلس النواب! كلنا أمل بأن يفي نواب الشعب بمسؤوليتهم الوطنية لمعالجة طلبات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بخصوص التشريعات الانتخابية والطعون القضائية بشكل عاجل للدفع بالعملية الانتخابية للأمام، متمنين لهم التوفيق في هذه المهمة".

المساهمون