ليونيد كرافتشوك..مسؤول البروباغندا السوفييتية مؤسس أوكرانيا المستقلة

ليونيد كرافتشوك.. مسؤول البروباغندا السوفييتية مؤسس أوكرانيا المستقلة

11 مايو 2022
ليونيد كرافتشوك أول رئيس لأوكرانيا المستقلة (سيرجي خارتشينكو/ Getty)
+ الخط -

قطع أول رئيس لـأوكرانيا المستقلة ليونيد كرافتشوك، الذي غيّبه الموت الثلاثاء، عن عمر 88 عاماً، طريقاً طويلاً ومسيرة مليئة بالتناقضات بدءاً في محاربته القومية الأوكرانية أثناء تقلده مناصب رفيعة في الحزب الشيوعي لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية، وصولاً إلى توقيعه على اتفاقات "بيلوفيجسكايا بوشا" القاضية بإنهاء وجود الاتحاد السوفييتي.

وبعد اكتساحه أول انتخابات رئاسية في أوكرانيا من الجولة الأولى في نهاية عام 1991، لم يتمكن كرافتشوك حتى من استكمال ولايته التي تميزت بمعدلات تضخم قياسية وانهيار الاقتصاد الأوكراني، ليصبح بعد خسارته في الانتخابات المبكرة أول رئيس لجمهورية سوفييتية سابقة يسلم السلطة بشكل سلمي.

ومع ذلك، وقع كرافتشوك خلال رئاسته على قانون استبعاد ذكر الاتحاد السوفييتي من الدستور الأوكراني، كما وضع في سنوات حكمه شعار أوكرانيا وعلمها ونشيدها الوطني.

وفي أعقاب خروجه من الرئاسة، تبنى كرافتشوك مواقف داعمة للتقارب مع روسيا وللسياسي الموالي لها فيكتور يانوكوفيتش، الذي انتخب رئيساً لأوكرانيا في عام 2010 حتى سقوطه في فبراير/شباط 2014.

وتحول كرافتشوك في مرحلة لاحقة إلى مناصرة انضمام بلاده إلى حلف "الناتو"، إذ تولى تمثيل كييف في مفاوضات تسوية النزاع الدائر في منطقة دونباس الموالية لروسيا منذ عام 2014.

وبصرف النظر عن مواقفه المتناقضة والمتقلبة، سيدخل كرافتشوك تاريخ أوكرانيا بمجموعة من القرارات المصيرية، وفي مقدمتها تبني المجلس الأعلى للجمهورية تحت رئاسته، بيان إعلان استقلال أوكرانيا في 24 أغسطس/آب 1991، وذلك بعد أيام على استقالته من الحزب الشيوعي احتجاجاً على انقلاب أغسطس/آب من العام ذاته على آخر زعماء الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف.

وفي الأشهر الأخيرة من عمر الدولة السوفييتية، كان لكرافتشوك السبق في إطلاق أول عملية نزع للشيوعية من خلال حظره الحزب الشيوعي الأوكراني. وجاءت المفارقة أن التصويت على قرار حظر الحزب الشيوعي قد طرحه كرافتشوك، الذي تولى رئاسة قسم البروباغندا بالحزب ذاته لمدة 18 عاما كاملة.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 1991، وقع كرافتشوك باسم أوكرانيا على اتفاقات "بيلوفيجسكايا بوشا" في بيلاروسيا التي نصت فعلياً على حل الاتحاد السوفييتي وتأسيس رابطة الدول المستقلة، بينما وقع عليها من الجانبين الروسي الرئيس الراحل بوريس يلتسين، والبيلاروسي، ستانيسلاف شوشكيفيتش، الذي رحل هو الآخر عن عالمنا مطلع مايو/أيار الجاري.

وفي فبراير/شباط 1994، صادقت الرادا العليا (البرلمان الأوكراني) تحت تأثير كرافتشوك على معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية ("ستارت-1") وبروتوكول لشبونة، ما مهد الطريق أمام توقيع الرئيس الأوكراني التالي، ليونيد كوتشما، في نهاية العام ذاته على مذكرة بودابست التي تخلت أوكرانيا بموجبها عن ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم مقابل ضمانات لأمنها لن تتحقق على أرض الواقع.

ومن اللافت أنه بعد مرور أكثر من ربع قرن، لوّح الرئيس الأوكراني الحالي، فولوديمير زيلينسكي، في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط الماضي، بإمكانية انسحاب أوكرانيا من مذكرة بودابست، مما سيستثمره الخطابان الرسمي والإعلامي الروسيان لتبرير غزو أوكرانيا داخلياً وخارجياً، بما في ذلك أثناء خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمناسبة ذكرى النصر على ألمانيا النازية الإثنين الماضي.