إتمام تسليم مؤسسة النفط الليبية لرئيسها الجديد بعد انتشار قوات مسلحة

إتمام تسليم مؤسسة النفط الليبية لرئيسها الجديد بعد انتشار قوات مسلحة

14 يوليو 2022
أكدت المصادر أن بن قدارة أصبح الرئيس الشرعي للمؤسسة (Getty)
+ الخط -

أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، المعيَّن من حكومة الوحدة، فرحات بن قدارة، تسلمه مهام رئيس مجلس الإدارة رسمياً.

وفنّد بن قدارة، خلال مؤتمر صحافي عقده داخل مقر المؤسسة في العاصمة طرابلس، الاتهامات التي وجهها له مصطفى صنع الله، البارحة في كلمة متلفزة، بانتمائه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال بن قدارة: "أنا لست محسوباً على أي طرف، وأستطيع السفر إلى كل المناطق الليبية، والحديث عن انتمائي إلى أي دولة يراد منه التشويش فقط، وأنا رجل وطني مستقل برأيه"، موضحاً أن أهم التحديات أمامه إخراج المؤسسة خارج الصراعات السياسية، مؤكداً أن النفط ملك لكل الليبيين، وأن المؤسسة تخدم كل الليبيين.

وأشار بن قدارة إلى تواصله مع السفارة الأميركية، موضحاً أن لدى الأميركيين تخوفات من إمكانية العبث بأموال المؤسسة، ودعم أطراف ضد أخرى بواسطة هذه الأموال، مؤكداً رده على هذه المخاوف وتوضيح الأمر للأميركيين والشركاء الأجانب، عبر التواصل أيضاً مع السفارة الفرنسية، مشيراً إلى تواصل حكومة الوحدة الوطنية مع بعض الحكومات الأجنبية.

وأكّد بن قدارة أن تغيير مجلس الإدارة شأن داخلي، لا تأثير خارجي له، لأن المؤسسة كيان خدمي وليس جزءاً من أي اتفاق سياسي.

ورد بن قدارة على الاتهامات الخاصة بأن القرار صادر عن حكومة منتهية الولاية، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية، قائلاً: "إذا شك أحد في هذا الأمر، ولديه تظلّم ضد قرار تغيير مجلس الإدارة فعليه الالتجاء للقضاء، وإذا حكم القضاء بأن القرار غير قانوني سأغادر المؤسسة".

وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط السابق، مصطفى صنع الله، قد أعلن رفضه قرار تغيير مجلس إدارة المؤسسة، واعتبره "باطلاً وممنوع الأثر".

وأشار صنع الله إلى أن عبد الحميد الدبيبة كلف بن قدراة رئيساً للمؤسسة من أجل إرضاء دولة الإمارات العربية المتحدة، ولضمان البقاء في رئاسة الحكومة، متهماً بن قدارة بالسعي لمنح الإمارات 600 مليون دولار سنوياً.

وقال صنع الله: "حكومة الدبيبة منتهية الولاية، وهي عبارة عن حكومة تصريف أعمال وأمر واقع، والدبيبة حدثني أكثر من مرة عن تحالفه مع الإمارات، وهو لن يستطيع تغيير مجلس إدارة المؤسسة، ونحن لن نسمح بمحاولات إرضاء الإمارات على حساب الشعب الليبي". وأضاف: "لا يمكن أن نمنح أي شيء للإمارات لكونها تأتي بطرق ملتوية، ويجب أن تحترم مؤسسة النفط المحمية بالقانون الوطني والدولي".

ويعتبر، فرحات بن قدارة، أحد المقربين من خليفة حفتر، وقد شغل منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي من عام 2006 إلى عام 2011.

من جهتها نقلت منصة "حكومتنا"، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، صوراً لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الجديد، فرحات بن قدارة، داخل مقر المؤسسة، وأخرى للحظة تسلمه لمهامه من لجنة التسليم والتسلّم.

وفي أول ردود الأفعال من جانب مجلس إدارة مؤسسة النفط، الذي يترأسه صنع الله، بعد تمكّن بن قدارة من دخول مقر المؤسسة، أصدرت الصفحة الرسمية للمؤسسة على فيسبوك بياناً، اتهمت فيه قوة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية باقتحام مقر المؤسسة "لإدخال ما يُسمى "مجلس الإدارة الجديد" الباطل والمعين من قبل "الحكومة المنتهية"، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية.

وأوضح البيان أن القوة المسلحة كانت "ملثمة وقامت باقتحام مبنى المؤسسة بقوة السلاح، والاعتداء على بعض الموظفين وإهانتهم، والدخول للمقر الرئيسي لمبنى المؤسسة دون تخويل أو إذن سابق بالدخول، الأمر الذي أدى إلى تعطيل العمل وإرباك المشهد وإحلال حال من الذعر الفوضى وجروح لبعض الموظفين".

وأضاف البيان: "وإذ تستنكر المؤسسة الوطنية للنفط محاولة البعض التحايل على القانون، وتنفيذ أجندات خارجية وصفقات مشبوهة بقوة السلاح؛ فإنها في الوقت نفسه تحمّل رئيس الحكومة منتهية الولاية وكافة أعضاء ما يسمى بلجنة التسلم والتسليم، والمدعو فرحات بن قدارة، المسؤولية القانونية الكاملة لما قد يتعرض له العاملون من أذى، أو ما قد يلحق بأصول ومستندات ومنظومات المؤسسة من عبث، وتحمّل المعتدين مسؤولية سرية المعلومات والملفات الرسمية للمؤسسة، في حال ما تعرضت للسرقة أو الإتلاف".

ونقل البيان عن صنع الله أنه تقدم لـ"النائب العام بشكوى رسمية لحماية المؤسسة الوطنية للنفط، باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وآخر خطوط الدفاع عنه، ويطالب بسرعة إنفاذ القانون، وشجب القرارات الباطلة، وإبعاد أيادي العبث عن المبنى الرئيسي للمؤسسة الوطنية للنفط".

وفي أول ردود الفعل المحلية، عبرت لجنة الطاقة بمجلس النواب، عن رفضها لقرار حكومة الوحدة الوطنية إقالة صنع الله، وتعيين بن قدارة بديلاً منه.

وقالت اللجنة، في بيان لها، اليوم الخميس، إن قرار حكومة الدبيبة "لا يعتد به"، مضيفة أن "كل المحاولات التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية تعد صفقات سياسية مشبوهة، لخلط الأوراق وتأزيم الوضع السياسي والاقتصادي للدولة الليبية"، مشيرة إلى أن القرار "لا يؤدي إلا إلى انقسام أهم القطاعات الحيوية والمصدر الوحيد لتمويل الدولة الليبية وشعبها".

من جانبه، طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، سحب قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط.

واعتبر المشري، في مراسلة للحكومة نشرها المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى، أن القرار "في هذا التوقيت المفصلي الذي تمر به البلاد قد يؤدي إلى تفكك المؤسسة وانقسامها".

وعلى الصعيد الدولي، عبّر السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن قلقه البالغ إزاء التطورات بشأن المؤسسة، مؤكداً أن المؤسسة "تعد حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها وظلت مستقلة سياسياً تحت قيادة مصطفى صنع الله".

واقترح السفير الأميركي لحل الإشكال القائم حول إدارة المؤسسة بأن يتم "الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في المحكمة، ولكن يجب ألا يتحول الأمر إلى مواجهة مسلحة".

وإثر وصول قوة مسلحة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية لحماية لجنة التسلم والتسليم، وتمكين بن قدارة من تسلّم مهامه، خرج عدد من موظفي المؤسسة أمام مقرها للتعبير عن رفضهم لتعيين بن قدارة، وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجاً من قبل الموظفين في محاولة لمنع لجنة التسلم والتسليم من دخول المقر.

وإثر اتهام صنع الله للدبيبة باتهامات من بينها اتفاقه مع دولة الإمارات على تغيير مجلس إدارة المؤسسة، بالتعاون مع وزارة النفط والغاز بالحكومة؛ اعتبرت الأخيرة اتهامات صنع الله "ادعاءات باطلة ومحض افتراء"، وعبرت عن استغرابها عن سكوته عن التجاوزات التي اتهم بها وزارة النفط والغاز "طيلة المدة السابقة".

واعتبرت الوزارة، في بيان لها اليوم الخميس، تصريحات صنع الله بأنها "محاولة للتشويش على نزاهة قرار تكليف مجلس جديد"، مؤكدة أن قرار تكليف مجلس إدارة جديدة للمؤسسة "صدر بطريقة قانونية كاملة عن مجلس الوزراء ولا مجال إلا لتنفيذ القرار".

واتهمت الوزارة صنع الله بأنه "مسيَّر من سفارات بعض الدول"، وأن وزير النفط والغاز نفسه اصطدم مع سفراء دول أجنبية عندما طالبوا بـ"بقائه بشكل سافر"، مستدركة بأن هؤلاء السفراء، دون تحديد من هم، تخلوا عن صنع الله بسبب أزمة الطاقة العالمية.