ليبيا: عقيلة صالح يختار أعضاء لجنة دستورية دون العودة لمجلس النواب

ليبيا... عقيلة صالح يختار أعضاء لجنة دستورية من دون العودة لمجلس النواب

22 مارس 2022
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (Getty)
+ الخط -

أكد أعضاء بمجلس النواب الليبي لـ"العربي الجديد" قيام رئيس المجلس، عقيلة صالح، باختيار أعضاء لجنة دستورية أول أمس الأحد، من دون الرجوع للمجلس. 

وتحدثت وسائل إعلام ليبية عن اختيار عقيلة صالح 6 أعضاء من المجلس، ضمن لجنة مقترحة من المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، قد تقوم بإعداد قاعدة دستورية بالتوافق مع نظيرة لها من المجلس الأعلى للدولة، هذا بالإضافة لـ 6 خبراء سيكونون ضمن اللجنة.

وضمّت التسريبات الإعلامية أسماء كل من: رمضان شمبش، ونصر الدين مهنا، وصالح همة، وصالح قلمة، والمبروك الخطابي، وابتسام الرباعي. 

وفيما لم تعلن رئاسة مجلس النواب بشكل رسمي عن اختيار ممثليها في اللجنة المقترحة لإعداد القاعدة الدستورية، أكد عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، صحة الأسماء. وقال لــ"العربي الجديد": "الأسماء حقيقية، كما فهمنا من بعض النواب، ويبدو أن رئاسة المجلس اختارت أعضاء اللجنة، دون أن تصل إلينا أي دعوة لعقد جلسة"، لكنه أكد أن تشكيل اللجنة جاء وفقا لما نصت عليه خارطة طريق مجلس النواب، التي أقرها في فبراير/شباط الماضي، بواقع ستة أعضاء من المجلس وستة خبراء. 

وأشار وحيدة إلى أن المجلس الأعلى للدولة اختار ممثليه بناء على المبادرة التي قدمتها المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، وقال "النتيجة هي التي ستحدد وظيفة اللجنة، لأن خارطة الطريق تنص على أن تقوم اللجنة المشتركة بتعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور، فيما تنص مبادرة وليامز على أن تقوم اللجنة بصياغة قاعدة دستورية"، مرجحا أن تتماهى لجنة مجلس النواب مع مبادرة وليامز ويتم "مزج ما بين خارطة الطريق والمبادرة الأممية". 

وتوقع أوحيدة عدم وصول اللجنتين إلى توافق، خاصة في ظل اختلاف الأهداف بين: تعديل مشروع الدستور أو الخروج بقاعدة انتخابية، إلا أنه يرجح أن تلحق لجنة النواب بركب لجنة مجلس الدولة التي ستجتمع اليوم مع وليامز في تونس. 

وكانت البعثة الأممية قد أكدت، أمس في بيان لها، عدم تلقي الأمم المتحدة قائمة بممثلي مجلس النواب في اللجنة المشتركة المكلفة بصياغة قاعدة الانتخابات الدستورية، مؤكدة استمرار التواصل الفعال مع مكتب رئيس المجلس، وأن وليامز "ستمضي في عقد جلسة تشاورية مع ممثلي المجلس الأعلى للدولة في تونس، ابتداء منذ يوم الغد".

وكانت وليامز قد أعلنت بداية مارس/آذار عن مبادرة لتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للاتفاق على قاعدة دستورية محكمة للانتخابات الوطنية، ووجّهت دعوات رسمية إلى رئاسة المجلسين لاختيار ممثلين للمشاركة في اللجنة.

ورحّب المجلس الأعلى للدولة بمبادرة وليامز، وقام الأسبوع الماضي بالتصويت على اختيار أعضاء اللجنة من طرف المجلس، وأكدت وليامز تلقيها خطاباً من رئيسه خالد المشري يتضمن أسماء المشاركين في اللجنة. وحول الخلاف القائم بين المجلسين، قال أوحيدة "من شكل الخلاف، يبدو الاتفاق صعباً، وأبرز الخلافات تدور حول شروط الترشح لرئاسة الدولة، بالإضافة لأمور خلافية متعلقة بالحكم المحلي". 

خطة بديلة

وتتحدث أوساط سياسية ليبية عن عزم وليامز بتجهيز خطة بديلة في حال عدم وصول اللجنتين لتوافق، والتي تشير لاحتمال إقرار القاعدة الدستورية من خلال مرسوم رئاسي يصدره المجلس الرئاسي. 

ويقترح وحيدة أن الحل البديل في حال عدم توافق المجلسين هو العودة لدستور سنة 1951 واعتماده لفترة محددة، مع إجراء بعض التعديلات حول شكل الدولة ونظام الحكم، دون المساس بباقي المواد، ثم إجراء انتخابات للرئيس والبرلمان ومجلس الشيوخ. 

وأضاف "دستور 1951 دستور مواطنة سيخلصنا من الخلافات الموجودة الآن، وليبيا لن تنجح إلا في شكل دولة اتحادية، وسيقود هذا لتفادي أزمة المركزية التي قادتنا لحروب، والدليل على ذلك أن نفس المشاكل التي حدثت في الأربعينات تجددت الآن، ولم يقض عليها في ذلك الوقت إلا نظام الدولة الاتحادية، ولكن كما يبدو، لا ترغب الأطراف الأجنبية بهذا الدستور، لأنها تريد للخلاف أن يستمر، وتستمر معه إدارتهم للأزمة، وما تقوم به ستيفاني الآن هو الاستمرار في إدارة الأزمة وليس السعي لحلها". 

في ذات السياق، أكد عضو مجلس النواب، الصادق الكحيلي، اختيار عقيلة للجنة بشكل فردي، دون تفويضه من المجلس بذلك، ولا الدعوة لجلسة، وقال في حديث لــ"العربي الجديد" : "لا نعلم على وجه التأكيد نوايا عقيلة من تشكيل اللجنة، ولكن اختيارها يخالف الإعلان الدستوري، وكان من المفروض أن يتم اختيارها من خلال جلسة رسمية، ولكن عقيلة ضرب بذلك عرض الحائط، وذهب في طريق المستشارة الأممية التي من المفترض ألا يكون لها علاقة بالأمر". 

وبحسب رأي الكحيلي، فإنه "يجب أن يكون الإعلان الدستوري هو الأساس المحترم في هذا الشأن، ويتم تشكيل لجنتين من المجلسين لبحث تعديل المواد الخلافية بمشروع الدستور، دون الالتفات لما تقوم به وليامز". 

وأردف في هذا الشأن: "لا يوجد نص في خارطة الطريق ينظّم آلية اختيار اللجنة، وقد يكون ذلك منح ثغرة لصالح الذي يخالف القوانين، ويفعل كل ما يريد دون الرجوع للأعضاء"، مضيفا "في كل الأحوال ستمر القاعدة الدستورية على مجلس النواب من أجل مناقشتها وإقرارها أو رفضها، وهذه اللجنة ستتولى إعطاء اقتراحات بالخصوص. وصحيح أن مجلس الدولة سيشترك في صياغة القاعدة، لكن التصويت عليها من صلاحيات مجلس النواب فقط".

في المقابل، يرى العضو الآخر بمجلس النواب، زياد دغيم أن "خطوة وليامز بجمع لجنتين من المجلسين جيدة، وقد تنشئ أساساً صحيحاً يقود لانتخابات موفقة". 

وقال دغيم لـ"العربي الجديد": "نتمنى أن يتفق المجلسان، وينتجا شيئاً إيجابياً، فقد استبشرنا بالتقارب الذي حصل بينهما في المدة الماضية، ونتطلع إلى أن يتحول هذا التقارب لتوافق حقيقي يصب في مصلحة الشعب والتوجه للانتخابات، وليس في صالح التمديد واستمرار المراحل الانتقالية". 

وحول اختيار اللجنة من قبل عقيلة صالح، تابع دغيم قائلاً: "سمعنا مع الأسف أن صالح شكّل اللجنة التي ستجتمع مع نظيرتها من مجلس الدولة بشكل منفرد، وللأسف هذا نهج غير شفاف ولا يَحْترم اللائحة الداخلية للمجلس واختصاص الرئيس المحدد فيها، فتشكيل اللجان المؤقتة حسب القانون رقم 4 المنظم لعمل مجلس النواب هو اختصاص للمجلس، ويتم بإحدى طريقتين: إما من خلال جلسة رسمية يتم فيها التصويت على اختيار اللجان من قِبل الأعضاء، أو أن يتم ذلك من خلال رئاسة المجلس مجتمعة، ولكن صالح لا يملك منفرداً أن يشكل لجنة حساسة بهذا الشكل، خاصة في غياب الأغلبية المطلقة للأعضاء".  

ويعتقد دغيم أن اختيار اللجنة بهذه الطريقة "سيؤدي إلى زيادة في التشكيك، وهذا أمر غير مطلوب في هذه المرحلة التي تحتاج تأسيساً صحيحاً". 

وحول وجود خطة بديلة لدى وليامز في حال فشل اللجنة المشتركة من المجلسين، قال دغيم "نية البعثة الأممية إصدار القاعدة الدستورية من خلال مرسوم رئاسي يصدره المجلس الرئاسي أصبحت خطة معلنة وليس مجرد تسريبات، وهذه الخطة تلقى تأييداً محليا و دولياً كبيراً، وفي المقابل لا أعتقد أن هذه الخطة ستلقى ترحيباً من مجلسي النواب والدولة، ولهذا فالمجلسان الآن أمام فرصة أخيرة لتأسيس شيء توافقي يوافق تطلعات الشعب". 

وأضاف دغيم "إذا لم يتفق المجلسان، أو في حال اتفقوا على ما يخالف إرادة الشعب المطالب بالانتخابات، فإن الضغط الشعبي والدولي قد يدفعان لإزاحة المجلسين من الصورة، ويتم البحث عن بدائل بعيدة عنهما، خاصة في ظل وجود حكومة من ضمن خطتها إجراء الانتخابات من أجل إنقاذ نفسها من الأزمة التي تعيشها، وأخشى أن السيناريو الأقرب هو انتخاب برلمان جديد يجتمع بالأغلبية المطلقة لأعضائه، ووفق النص الدستوري سيتم الاعتراف به دولياً حتى لو لم يتم الانتخابات في كل ليبيا". 

وتابع "َوِفق الإعلان الدستوري، يكفي أن يجتمع 101 نائب من أصل 200 ليكون البرلمان القادم صحيحاً، ومادام هناك تأييد دولي فسيتم تأييد نتائج الانتخابات القادمة وتمرير البرلمان الجديد، خاصة مع وجود سلطة التنفيذية متمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ليس لديها مخرج من الأزمة سوى الانتخابات". 

وأضاف "الإرادة الشعبية للانتخابات موجودة، وكذلك الأداة المؤسساتية الليبية والتأييد الدولي، ولهذا أعتقد أن الانتخابات ستُنجز، ولكن ليس في كل ليبيا، بل في جزء كاف منها، وستلقى نتائجها ترحيباً، وأتمنى أن يتفق المجلسان ويكون اتفاقهما بمثابة حسن الختام". 

ويعتقد دغيم أن الأزمة الروسية الأوكرانية "تسرق الأضواء والاهتمامات مما يحدث في ليبيا"، موضحا أنه "مع استمرار الحرب في أوكرانيا ستكون القضية الليبية مهملة تُدار من قبل السفراء، وهناك وجهتا نظر حول هذا الأمر، فالبعض يرى أن عدم الاهتمام الدولي أمر إيجابي، ويراه آخرون سلبياً على الأزمة الليبية. ليست هناك وجهة نظر حاسمة بالخصوص، وأنا أرى أن الليبيين هم القادرون على حسم أمرهم".

وزيرة الخارجية الليبية تلتقي وفد وزارة الخارجية الأميركية 

على صعيد آخر، التقت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، اليوم الثلاثاء بالعاصمة طرابلس، وفد وزارة الخارجية الأميركية الذي ضم وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية، جون باس، والمبعوث الخاص وسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، ومساعد وزير الأمن الدبلوماسي، جينتري سميث، وذلك لإعادة فتح سفارة الولايات المتحدة الأميركية لتباشر أعمالها من العاصمة طرابلس. 

وسلم الوفد الأميركي للوزيرة رسالة من نظيرها الأميركي، أنتوني بلينكن، تتعلق بتعزيز وتوسيع العلاقات بين البلدين. ووفقا لمكتب الإعلام بوزارة الخارجية الليبية، ثمنت المنقوش هذه الخطوة، وقالت: "إنها ثمرة للجهود المشتركة بين الجانبين في تسهيل حركة المواطنين بكلا البلدين".  

وأعربت الوزيرة عن استعداد الوزارة الكامل لتقديم كل الدعم للوفد الأميركي من أجل إنجاح مهمته. وعلقت السفارة الأميركية جميع أعمالها في 26 يوليو/تموز 2014 ونقلت موظفيها الى تونس، بسبب الصراعات والحروب الدائرة في ليبيا.