ليبيا: عشرات القتلى والجرحى في اشتباكات طرابلس

ليبيا: عشرات القتلى والجرحى في اشتباكات طرابلس

27 اغسطس 2022
ما زال القتال مستمراً في بعض الشوارع (Getty)
+ الخط -

عاد الهدوء إلى العاصمة طرابلس بعد توقف الاشتباكات التي اندلعت منذ فجر اليوم واستمرت لأغلب النهار، فيما أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أوامره بالقبض على كل المتورطين في أحداث العاصمة طرابلس. 

ووفقا للصفحة الرسمية لوزارة الصحة في طرابلس، فقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط 23 قتيلاً، و140 جريحاً، مع 83 حالة غادرت المستشفيات بعد تلقيها الرعاية الطبية. 

وبعد عودة الهدوء لأحياء طرابلس كلف الدبيبة بصفته وزيرا للدفاع بحكومته وزارة الداخلية ومكتب المدعي العام وجميع الأجهزة الأمنية "بالقبض على جميع الأشخاص المشاركين في العدوان على العاصمة"، مشيرا إلى عدم استثناء أي أحد من المتورطين "عسكريين كانوا أو مدنيين؛ وكذلك أية أشخاص يشتبه في تورطهم بأي شكل من أشكال الدعم مع هذه العصابات الخارجة عن الشرعية". 

وفيما لم يسمِ قرار الدبيبة تلك الجهات، لم يحدد موقف حكومته من الكتيبة 77 التابعة لوزارة الداخلية بحكومته، وكذلك لم يصدر قرارا بحلها. 

وسيطرت قوة دعم الاستقرار على جميع مقار الكتيبة 77 بعد اشتباكات ضارية شهدتها أحياء وسط العاصمة التي تتوزع فيها مقار هذه الكتيبة، لاشتباهها في موالاتها للحكومة المكلفة من مجلس النواب. 

وعقب توقف الاشتباك، قام رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بزيارة ميدانية تفقد فيها نقاط تمركز القوات المؤيدة له داخل طرابلس. 

وقال الدبيبة في كلمة مقتضبة أثناء جولته، إن الهجوم "كان مخططا له"، ووصف ردة فعل القوات التابعة له بأنه "دفاع عن الوطن والبيوت الآمنة"، مجددا التمسك بالسلطة، وموضحا أن "لا حل للأزمة الليبية إلا بالتوجه نحو الانتخابات". 

ودارت الاشتباكات بين قوتي 77 وجهاز دعم الاستقرار التابعين لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، في وقت تراجعت فيه قوات تابعة للحكومة المكلفة من مجلس النواب كانت تحاول التقدم باتجاه طرابلس، في محاولة لاستغلال حالة الصراع في العاصمة.

فعند مدخل طرابلس الغربي، وقعت اشتباكات عند جسر 17 كيلومتراً، على إثر قيام مجموعة تتبع رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا بمحاولة الدخول، قبل أن تصدها قوات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بينما تموضعت قوات أخرى تابعة لباشاغا بالقرب من مداخل العاصمة الجنوبية.

وفي غضون ذلك، أعلنت غرفة العمليات المشتركة التابعة للدبيبة استهداف 4 آليات عسكرية تابعة للقوات الموالية لباشاغا، جنوب العاصمة، بطيران مسيّر، إلا أن آمر غرفة المنطقة الغربية العسكرية اللواء أسامة الجويلي، الموالي لباشاغا، نفى ذلك في تصريحات لتلفزيون محلي.

أمّا شرقاً، فقد تقدمت قوات تابعة لباشاغا، واشتبكت مع قوات الدبيبة في مدينة زليتن (175 كيلومتراً شرقي طرابلس)، قبل أن تتراجع الأولى باتجاه مصراته.

ويستمرّ النشطاء بنشر فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر حرق ممتلكات المواطنين وبيوتهم في أحياء وسط طرابلس، بالإضافة لعدد من المقار الخدماتية والمؤسسات الصحية.

وفيما لم تنشر حكومة الوحدة الوطنية بيانات جديدة حول الأحداث في العاصمة، باستثناء بيانها صباح اليوم، الذي اتهمت فيه حكومة باشاغا بجرّ العاصمة إلى القتال، لا يزال المجلس الرئاسي يلزم الصمت، على الرغم من إعلانه قطع رئيسه محمد المنفي، زيارته إلى تونس بشكل عاجل، والعودة إلى طرابلس على خلفية الأحداث الجارية.

من جهتها، قالت وزارة الداخلية بحكومة باشاغا، إنها "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري من عبث واقتتال وصراع من أجل النفوذ والمصالح على حساب المدنيين في طرابلس"، مشددة على "اتخاذها كل الإجراءات والوسائل التي تمكّنها من حماية المدنيين ومؤسسات الدولة".

ووجهت الوزارة في بيان، رسالة إلى المجتمع الدولي، معتبرة أن ما يجري في طرابلس "نتيجة طبيعية لغياب الدولة والمؤسسات الأمنية، بسبب تشبّث حكومة الدبيبة بالسلطة، ودعمها غير المشروع لجماعات مسلحة لضمان بقائها"، موضحة أن استتباب الأمن في العاصمة لا يمكن أن يحدث في ظل ما وصفته بـ "توازن الرعب".

وفي الأثناء دعت بلدية طرابلس المركز ومكوناتها الاجتماعية، المجلس الرئاسي لأخذ زمام المبادرة والوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار، مشيرة إلى أن حكومة باشاغا "أججت الوضع وهددت باستخدام القوة".

وعادت الاشتباكات المسلحة وسط العاصمة الليبية طرابلس بعد هدوئها لساعات، واندلعت باستخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة قبيل فجر اليوم السبت، بين قوة جهاز دعم الاستقرار والكتيبة 77 التابعتين لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، بعد اقتحام القوة الأولى مقراً تابعاً للثانية في حيّ باب بن غشير.

وأعقب ذلك اقتحام الكتيبة 77 مقراً تابعاً لقوة دعم الاستقرار في شارع الجمهورية، وأدت الاشتباكات إلى أضرار كبيرة في ممتلكات المدنيين، من شقق وسيارات، قبل أن يعمّ الهدوء لساعات.

إدانات ودعوات دولية لوقف العنف

خارجياً، وبعد بيان السفارة الأميركية والبعثة الأممية، دعت المملكة المتحدة إلى الوقف الفوري للعنف في طرابلس، مشيرة إلى إدانتها أي محاولات للاستيلاء على السلطة أو الحفاظ عليها بالقوة. 

وشددت المملكة، في بيان نشرته سفارتها لدى ليبيا، على حسابها في "تويتر" اليوم، على ضرورة حماية المدنيين باعتبارها أمراً بالغ الأهمية.

أوروبياً، طالب ‏المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلىليبيا نيكولا أورلاندو، بوقفالاشتباكات في طرابلس فوراً، وعودة القوات إلى مواقعها الأولية.

من جهتها، قالت الخارجية الجزائرية إنها "تتابع بقلق بالغ التطورات في طرابلس"، داعية كل الأطراف إلى إيقاف العنف، والاحتكام إلى لغة الحوار.

وحثّت المجتمع الدولي وكل الأطراف المعنية على العمل لإنهاء التدخلات في الشؤون الليبية، والانخراط في جهود إحياء مسار التسوية السياسية السلمية، لتحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا.

بدورها، أكدت وزارة الخارجية القطرية أن الدوحة تتابع بقلق بالغ التطورات الحالية في العاصمة الليبية طرابلس، وتدعو الأطراف كافة إلى تجنّب التصعيد، وحقن الدماء، وتغليب صوت الحكمة ومصلحة الشعب الليبي الشقيق، وتسوية الخلافات عبر الحوار.

وشددت الوزارة، في بيان عبر حسابها في "تويتر"، على ضرورة أن تعمل الأطراف الليبية لضمان حماية المدنيين والمنشآت المدنية، واعتبار ذلك أولوية قصوى.

وجددت الوزارة دعم دولة قطر الكامل المسار السياسي الليبي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وكل الحلول السلمية التي تحافظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها، وتحقق تطلعات شعبها الشقيق في التنمية والازدهار.

ودعت وزارة الخارجية التركية، الأطراف الليبية إلى "ضبط النفس ووقف الاشتباكات فوراً" التي تشهدها العاصمة طرابلس منذ فجر السبت.

وقالت الخارجية التركية، في بيان أوردته وكالة الأناضول، إنّ أنقرة "تتابع بقلق بالغ الاشتباكات الدائرة في ليبيا التي أسفرت عن مقتل مدنيين".

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية المصرية إن مصر "تدعو جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية، إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس، حقناً للدماء".

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ في بيان، "ضرورة حماية المدنيين وتحقيق التهدئة، بما يحفظ للشعب الليبي الشقيق أمنه واستقراره ومقدراته ويعلي المصلحة العليا للبلاد".

كما أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن "حرص مصر على توصل الأشقاء الليبيين إلى حل ليبي-ليبي توافقي، على نحو يلبي تطلعاتهم ورؤيتهم، للانطلاق نحو المستقبل، ويحقق الاستقرار المنشود في ليبيا".

المساهمون