ليبيا: ترحيب بخريطة الطريق الأممية الجديدة وتحفظات على الجدول الزمني
استمع إلى الملخص
- تركز خريطة الطريق على إعداد إطار انتخابي متماسك، تشكيل حكومة موحدة، وإطلاق حوار واسع يشمل القوى السياسية والمجتمع المدني، مع ضمانات للجوء إلى بدائل في حال تعطيل التقدم.
- تعرض مقر البعثة الأممية في طرابلس لمحاولة اعتداء بصاروخ مضاد للدروع، مما أثار قلقاً بشأن أمن البعثات الدولية في ليبيا، والتحقيقات جارية لتحديد هوية المتورطين.
رحبت القيادات الليبية المختلفة بإعلان البعثة الأممية خريطة الطريق السياسية الجديدة، معتبرة أن الخطوة تمثل محاولة لتوحيد المسارات الانتخابية وإنهاء الانقسام المستمر في ليبيا منذ سنوات، مع الحفاظ على الحذر من أي محاولات لاستغلال المبادرة لتعطيل الاستحقاقات الوطنية. وتعكس مواقف القادة حرصهم على المضي في العملية السياسية، لكنها تعكس أيضاً التحفظات على مدى قدرة الأطراف المختلفة على الالتزام بالجدول الزمني المقترح، وما يترتب على ذلك من استحقاقات دستورية وانتخابية.
وأعلن، اليوم الجمعة، رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عن ترحيبه بـ"الجهود الصادقة" للبعثة الأممية، ومشيداً بـ"القراءة الدقيقة" للمبعوثة الأممية، هانا تيتيه، للمشهد السياسي، خاصة من جهة تأكيدها ضرورة وضع إطار زمني واضح يُلزم مجلسي النواب والأعلى بالتوافق، على أساس قانوني واقعي "يُعالج ما تبقى من نقاط خلافية محدودة واحترام مبدأ استعلام الشعب".
وأكد المنفي، في منشور على منصة إكس، أنه "آن الأوان لإعطاء الشعب كلمة الفصل في تقرير مصيره، بداية بالاستفتاء على المواد الخلافية بالقوانين الانتخابية، وعلى المسار البديل في حال استمرار عدم التوافق بين المجلسين".
كما رحب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بخريطة الطريق الجديدة، ليل أمس الخميس، مشيداً بدعوة المبعوثة الأممية لتشكيل حكومة موحدة جديدة تتولى تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة. واعتبر صالح، في بيان له، أن ما ورد في الخريطة يمثل "خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية وتعزيز وحدة الصف الليبي".
كما رحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بالخريطة وأكد أن حكومته كانت حذرت سابقاً من أن القوانين الانتخابية هي "العائق الذي عطّل مسار الانتخابات منذ 2021"، واعتبر أن دعوة تيتيه بشأن تغيير القوانين الانتخابية "تؤكد ما قلناه، وتجعل معالجة هذه النقطة أولوية أساسية للانطلاق ضمن خريطة الطريق".
وأكد الدبيبة، في منشور على منصاته الإلكترونية، أن أي مسار يفتح الطريق نحو الانتخابات وتوحيد المؤسسات "يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح"، مبدياً ترحيبه بدعوة تيتيه بشأن إنهاء الأجسام الموازية وتوحيد مؤسسات الدولة، لكنه حذر من أن يكون هذا الهدف ذريعة لتأخير الانتخابات، مشيرا إلى أن المشاركة الواسعة في الانتخابات البلدية الأخيرة تعكس "تلهف الليبيين لتجديد الشرعية، ولن يقبلوا باستمرار الدوران في دوامة المراحل الانتقالية".
بدوره، أصدر رئيس حكومة مجلس النواب، أسامة حماد، بياناً رحب فيه بالخريطة الأممية، مبدياً موقفاً متقارباً مع موقف رئيس مجلس النواب. وأكد حماد استعداد حكومته للتعاون مع الأطراف الوطنية والدولية كافة بما يخدم مصلحة ليبيا العليا ويحفظ سيادتها واستقرارها.
وتركز خريطة تيتيه التي أعلنتها، أمس الخميس، على ثلاث ركائز أساسية هي: إعداد إطار انتخابي متماسك فنياً وسياسياً، وتشكيل حكومة موحدة جديدة، وإطلاق حوار واسع يشمل القوى السياسية والمجتمع المدني ومختلف المكونات. وأوضحت تيتيه أن تنفيذ الخريطة سيكون تدريجياً على مراحل، كل منها يمهد للمرحلة التالية خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً.
وتبدأ المرحلة الأولى بإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات بسد شواغره مع ضمان استقلاله المالي والإداري، بالتوازي مع إدخال التعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لمعالجة أسباب فشل انتخابات ديسمبر 2021. وبعد الخطوتين، أوضحت تيتيه، أنه سيتم الانتقال إلى التوافق على حكومة موحدة قادرة على تهيئة البيئة الأمنية والإدارية الملائمة للاقتراع، وإطلاق "حوار مهيكل" يضم طيفاً واسعاً من الليبيين، وينتهي هذا الحوار الى توصيات تحديد مسار إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية عاجلة تسهم في العملية الدستورية. وأكدت البعثة أن الخطة ستتضمن ضمانات للجوء إلى بدائل إذا حاولت بعض الأطراف تعطيل التقدم، مع طلب دعم مجلس الأمن لاتخاذ التدابير الضرورية لضمان عدم إعاقة المسار.
من جانبه، أوضح الناطق باسم البعثة الأممية، محمد الأسعدي، أن خريطة الطريق تمثل "خطة متكاملة من خطوات متدرجة ومتزامنة تهدف إلى إيصال البلاد نحو انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات"، مشيراً إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون بالأمر اليسير، لكنه ضروري وملح. وأضاف في تصريح صحافي، نشرته البعثة على موقعها الرسمي اليوم الجمعة، أن الاتفاق على الحكومة الجديدة سيأتي بعد الانتهاء من إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، بما يشمل ملء المناصب الشاغرة وضمان استقلاليتها المالية وقدرتها التشغيلية، إلى جانب تعديل الأطر القانونية المنظمة للعملية الانتخابية، وذلك خلال شهرين حداً أقصى، مشيراً إلى أن ما يميز الخريطة هو "المشاركة الواسعة وانخراط عدد كبير من الأطراف السياسية" بهدف تحقيق توافق ودعم قوي لأي حكومة مقبلة.
ولم يصدر حتى الآن أي بيان أو موقف إزاء الخريطة من جانب المجلس الأعلى للدولة وقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بالإضافة لمواقف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بليبيا.
وتعرض مقر البعثة الأممية في طرابلس، ليل أمس الخميس، لمحاولة اعتداء بصاروخ مضاد للدروع من نوع SPG، وفق بيان وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، التي وصفت الحادث بـ"سابقة خطيرة لاستهداف مقار البعثات الدولية والدبلوماسية". وكشفت الوزارة في بيانها، أن فرقها عثرت على صاروخين إضافيين وقاعدة الإطلاق، وأن التحقيقات جارية لتحديد هوية المتورطين والقبض عليهم.
من جهتها، قالت البعثة إنها تلقت تقارير تفيد بسقوط صاروخ في محيط مجمعها بالعاصمة طرابلس، تزامناً مع تقيد تيتيه إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي. وأكدت أن مقرها لم يتأثر بالحادث، مشيدة بيقظة الأجهزة الأمنية الليبية واستجابتها السريعة لفتح تحقيق شامل وضمان استمرار أمن مقار الأمم المتحدة.