ليبيا: المجلس الرئاسي يعلن تجميد قرارات الحكومة "ذات الطابع العسكري"

15 مايو 2025
رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، نوفمبر 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرارًا بتجميد القرارات العسكرية والأمنية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، لتهدئة التوترات المسلحة، مع وقف شامل لإطلاق النار وتكليف رئاسة الأركان بمراقبة الأوضاع.
- جاءت القرارات بعد الإطاحة بجهاز دعم الاستقرار وتغيير قيادات أمنية، مما أثار تصعيدًا مسلحًا في طرابلس، وشمل حل جهاز مكافحة الهجرة ونقل تبعية هيئة أمن المرافق إلى وزارة الداخلية.
- شهدت طرابلس احتجاجات تطالب بوقف القتال وخروج التشكيلات المسلحة، وسط اشتباكات عنيفة ومقتل قائد جهاز دعم الاستقرار، مما زاد من التوتر الأمني.

أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قرارًا يقضي بتجميد كافة القرارات التي أصدرها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، يوم الثلاثاء، في محاولة لتهدئة الأوضاع بعد أن تسببت بعض تلك القرارات في تصعيد ومواجهات مسلحة. وشمل قرار المنفي كل القرارات "ذات الطابع العسكري أو الأمني المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تكليف أشخاص بمهام عسكرية أو أمنية، وذلك ضمن حدود الاختصاصات الانتقائية للحكومة".

وتضمّن القرار أيضًا توجيهًا بوقف شامل لإطلاق النار في جميع المناطق، وإلزام جميع الوحدات العسكرية بالعودة إلى مقارها "فورًا دون قيد أو شرط". كما نص القرار على أن تتولى "رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي" مراقبة وتقييم الأوضاع، والإبلاغ عن أي خروقات، وتحديد المسؤوليات على من يخالف ذلك. وبموجب القرار، شكّل المنفي "لجنة تقصّي حقائق" بشأن الأحداث التي بدأت يوم الاثنين الماضي وما ترتب عليها من أضرار بالممتلكات العامة والخاصة، على أن تقدم تقريرًا بنتائج أعمالها إلى المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش.

ونص القرار على أن تتشكّل لجنة تقصّي الحقائق برئاسة رئيس الأركان العامة، وعضوية معاون رئيس الأركان، وآمر المنطقة العسكرية الوسطى، ورئيس أركان القوات البرية. وتشمل مهام اللجنة اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدة المتضررين، وحصر الأضرار، وجبرها، وإزالة آثارها في أقرب وقت ممكن. وجاء قرار المنفي عقب الإطاحة بجهاز دعم الاستقرار في عملية عسكرية ليل الاثنين، أعقبتها سلسلة من القرارات أصدرها الدبيبة، ووُصفت بأنها "حاسمة ضمن إجراءات تعزيز هيبة الدولة وبسط سلطة القانون"، وشملت تغيير قيادات عدد من الأجهزة الأمنية المرتبطة سابقًا بجهاز دعم الاستقرار.

وتضمنت القرارات حل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ونقل تبعية هيئة أمن المرافق والمنشآت إلى وزارة الداخلية. كما شملت "إدارة العمليات والأمن القضائي" التابعة للشرطة القضائية، والمرتبطة بجهاز دعم الاستقرار وجهاز الردع، ما أثار حفيظة الأخير الذي رأى فيها استهدافًا له بعد حل جهاز دعم الاستقرار. 

ولاحقًا، سرّبت وسائل إعلام ليبية قرارًا آخر للحكومة يقضي بحل جهاز الردع نفسه، ما تسبب في تصعيد مسلح تحول بسرعة إلى مواجهات دامية بدأت باقتحام قوة جهاز الردع، ليل البارحة، لمقار تابعة للواء 444 قتال، ورد الأخير بهجوم مضاد توسعت رقعته ليشمل أغلب أحياء العاصمة التي تنتشر فيها عشرات المقرات التابعة للمجموعات المسلحة.

احتجاجات في طرابلس

وشهدت مختلف أحياء العاصمة طرابلس احتجاجات تطالب بوقف القتال وخروج التشكيلات المسلحة من المدينة، فيما طالبت بعض التظاهرات برحيل حكومة الوحدة الوطنية، محمّلة إياها مسؤولية المواجهات الدامية التي شهدتها البلاد منذ يوم الاثنين الماضي. وفي ميدان الشهداء، وسط طرابلس، تجمّع العشرات من سكان المدينة للاحتجاج على أعمال العنف، وسط هتافات تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد للعمليات القتالية. وأظهرت لقطات مصورة التقطها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تفرّق المحتجين بعد تعرضهم لطلقات نارية في الهواء، لم يُحدَّد مصدرها.

وأمام مقر الحكومة في حي طريق السور، طالب العشرات من المحتجين رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، بالرحيل وترك السلطة. كما شهدت منطقة عين زارة، جنوب العاصمة، احتجاجات مماثلة، تلا فيها متظاهرون بيانًا دعوا فيه إلى وقف نهائي للقتال ورحيل الحكومة. وشهدت أحياء الفرناج، وباب بن غشير وسط طرابلس، وجنزور غربها، احتجاجات أخرى تطالب السلطات باتخاذ إجراءات فورية لمنع عودة الاقتتال. لكن الاحتجاج في منطقة أبوسليم اتخذ طابعًا أكثر حدّة، حيث نُظم تجمع غاضب أمام مقر جهاز دعم الاستقرار، وطالب المحتجون بخروج قوة اللواء 444 قتال من المنطقة، وسط دعوات لعودة جهاز دعم الاستقرار.

وأظهرت فيديوهات متداولة على منصات التواصل الاجتماعي إقدام المحتجين في أبوسليم على إضرام النيران في آلية تابعة للواء 444 قتال، وسط أنباء عن محاولة اغتيال استهدفت آمر جهاز دعم المديريات، اللواء علي الجابري، المكلّف بفض الاشتباكات في طرابلس، وذلك أثناء مروره بالمنطقة. ولم يصدر أي تعليق حتى الآن من الحكومة.

وبدأ التصعيد العسكري في طرابلس مساء أول من أمس الاثنين، بتحشيد جهاز دعم الاستقرار عرباته المسلحة ومقاتليه في منطقة أبو سليم، معقله الرئيسي، قابله تحشيد آخر من جانب قوات وزارتي الدفاع والداخلية بالحكومة. وفي تلك الأثناء، انعقد اجتماع بين قادة المجموعات المسلحة بغرض التهدئة ووقف التصعيد. وخلال الاجتماع، قُتل قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي إثر اشتباكات اندلعت بين حراسات القادة المجتمعين، وأعقب مقتله تنفيذ قوات وزارتي الدفاع والداخلية عملية عسكرية خاطفة سيطرت خلالها على كامل مقرات الجهاز في منطقة أبو سليم.