ليبيا: اتساع دائرة الرافضين لقرار صالح إسقاط حكومة الدبيبة

ليبيا: اتساع دائرة الرافضين لقرار صالح إسقاط حكومة الدبيبة

03 فبراير 2022
حكومة الدبيبة لن تقبل بتسليم مهامها بسهولة (حازم تركيا/الأناضول)
+ الخط -

تتسع دائرة الرفض الليبي لقرار مجلس النواب، أخيراً، بشأن انتهاء ولاية الحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتشكيل أخرى بديلة عنها، في الوقت الذي ينتظر فيه أن يقدم عدد من المترشحين لرئاسة الحكومة برامجهم لمجلس النواب خلال جلسته يوم الاثنين المقبل، والتصويت لأحدهم يوم الثلاثاء.

نواب في خندق حكومة الدبيبة

وتكشف مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد" عن استعداد عدد من النواب لإصدار بيان مشترك لتحديد موقفهم من سعي رئاسة مجلس النواب فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة.
 
وتؤكد المصادر أن البيان سيكشف عن عدم طرح هذا القرار للتصويت عليه من قبل النواب، وأنه "قرار لا يمثل النواب، بل يمثل قلة منهم تسعى لإطالة أمد الفترات الانتقالية".

كما تكشف المصادر ذاتها عن تقلص عدد المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة إلى أربع شخصيات فقط، هم وزير الداخلية الأسبق، فتحي باشاغا، ونائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة أحمد معيتيق، والسياسي الليبي محمد المنتصر، وسفير ليبيا السابق لدى الإمارات العارف النايض، بعد فزر رئاسة مجلس النواب لملفات المترشحين.

وكان مجلس النواب أعلن، في وقت سابق، عزمه تشكيل حكومة جديدة، بعد تعثر إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 و24 يناير/كانون الثاني 2022.


ويعتزم مجلس النواب، وفق ما هو معلن في جلسة الثلاثاء 1 فبراير/شباط الجاري، أن يبدأ الاستماع إلى المرشحين لرئاسة الحكومة في جلسة 7 فبراير/شباط المقبل، واختيار أحدهم لتولي المنصب في جلسة 8 فبراير.

مجلس الدولة في مواجهة قرار البرلمان

وتوالت تصريحات عدد من أعضاء مجلس الدولة الرافضة لما أسمته "استمرار مجلس النواب في سلوكه الرامي إلى التفرد بالقرارات السياسية"، مشددين على ضرورة تقيد مجلس النواب بنصوص الاتفاق السياسي التي تؤكد الشراكة بينه وبين المجلس الأعلى للدولة، البت في العديد من الملفات كتعيين شاغلي المناصب السياسية والسلطة التنفيذية.

وجاءت هذه الردود بعد إصدار المجلس الأعلى للدولة بياناً، ليل الثلاثاء الماضي، عبّر فيه عن رفضه لعمل مجلس النواب على تغيير الحكومة قبل اتخاذه "خطوات عملية وموازية" في المسار الدستوري لتحديد مواعيد جديدة للانتخابات، وفقا لنتائج الاجتماعات بينه وبين أعضاء لجنة خارطة الطريق البرلمانية.

من جهته، أكد عضو مجلس الدولة، عبد القادر حويلي، عدم اعتراف مجلسه بقرار مجلس النواب حول سحبه الثقة من الحكومة، معتبراً أن "سحب الثقة من الحكومة لم يكن وفق الصورة الدستورية والقانونية الصحيحة".

وأكد حويلي، خلال تصريحات صحافية، أن أعضاء من مجلس الدولة شرعوا "في مخاطبة من يريدون الترشح لرئاسة الحكومة التي ينوي البرلمان تشكيلها لتحذيرهم من عدم قانونية هذه الخطوة".

سياسة "الأمر الواقع"

وفي مقابل ذلك، يعبّر عضو مجلس النواب، جبريل وحيدة، عن رفضه لمضمون بيان المجلس الأعلى للدولة حول شراكة مجلس الدولة السياسية مع مجلس النواب، استناداً إلى أن الأخير لم يضمّن الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري.

ويذكر وحيدة، في معرض حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مجلس النواب يتعامل مع مجلس الدولة "كأمر واقع لمحاولة الحصول على أكبر قدر من التوافق مع الأطراف على الأرض".

ويشير إلى أن الاجتماعات الأخيرة بين لجنة خارطة الطريق البرلمانية ورؤساء لجان المجلس الأعلى للدولة هي "مشاورات غير ملزمة لمجلس النواب"، ومن بينها "قضية اختيار حكومة جديدة وإسقاط الحكومة الحالية التي يؤكد أنها "اختصاص أصيل لمجلس النواب".

وفي الشأن، يؤكد وحيدة أن مجلس النواب ماض في اختيار رئيس حكومة جديد خلال جلسة مجلس النواب، الاثنين والثلاثاء المقبلين، "إذا تحصل المترشحون على التزكيات المطلوبة وتوفرت مستنداتهم".

وحول كيفية الاعتراف بالحكومة الجديدة، يشير وحيدة إلى رهان مجلس النواب على أن يكون رئيس الحكومة الجديد "من غرب البلاد، ومدى قوته ليتمكن من فرض إرادة حكومته على أرض الواقع"، إذا ما رفض رئيس الحكومة الحالي، عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة.

لكنه يعود ويرجح عدم قبول الدبيبة بتسليم السلطة ودخول البلاد في انقسام حكومي جديد، معتبراً أن "الأمر لن يكون سهلاً إذا كانت هناك أطراف دولية تدعم الدبيبة".

حكومة الدبيبة باقية

وفي المقابل، يؤكد عضو المجلس الأعلى للدولة، موسى فرج، على موقف المجلس الأعلى للدولة بشأن ضرورة البت في المسار الدستوري للتهيئة للانتخابات العامة قبل النظر في وضع الحكومة.

ويشدد فرج، في حديث لـ"العربي الجديد"، على شراكة المجلس الأعلى للدولة في القرار السياسي، وفقاً للاتفاق السياسي المعترف به من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والليبيين، وفق قوله.

ويلفت "إلى أن مجلس النواب جرب في السابق إصدار قرارات بشكل منفرد ولم ينجح"، مرجحاً عدم قبول الحكومة الحالية بتسليم السلطة لحكومة جديدة.

ويرى أنه "من الممكن جداً إجراء الانتخابات في يونيو/حزيران المقبل أو حتى يوليو/تموز، وعندها لن يكون هناك حاجة لتشكيل حكومة جديدة لأن الانتخابات ستأتي بأجسام سياسية جديدة"، وفقاً للدستور أو قاعدة دستورية متوافق عليها.

وبحسب فرج فإن "ذهاب مجلس النواب حالياً للتفرد بقرارات جديدة هدفه البقاء في السلطة".

ما وراء قرار البرلمان تغيير الحكومة؟

ولا يرى الناشط السياسي الليبي، هيثم التائب، أي نية لدى كتلة النواب التي يقودها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، لتغيير الحكومة، بقدر ما تسعى لتأجيل مواعيد الانتخابات لمدة تزيد عن السنة بهدف البقاء في السلطة.

ويوضح التائب رأيه لـ"العربي الجديد" بالقول إن "مجلس النواب سبق أن تفرد بقرارات يعلم أنها لن تنفذ وكان هدفها فقط إرباك المشهد الذي لا يسير في صالحه، والآن يضع العراقيل أمام الانتخابات، بنقل الصراع إلى ساحة الحكومة وإعادة كتابة الدستور".

ويرى أن "صالح وحلفاءه يدركون أن الداخل والخارج لن يقبلوا بوجود حكومة أخرى سيؤدي انتخابها إلى سيناريوهات ليس أقلها العودة إلى مربع الحرب".

وهو ما يوافق عليه أيضاً الباحث في الشأن الدولي، مصطفى البرق، الذي يرى أن ما يحدث حالياً في ليبيا أكبر من قرارات كافة الأطراف السياسية الليبية، بل هو انعكاس لحالة صراع دولي كبيرة يقع فيها الملف الليبي كأحد نقاط التوتر ضمن حملة من النقاط الأخرى في إطار الصراع بين روسيا وخصومها الغربيين.

ويقول البرق، لـ"العربي الجديد"، إن "ذلك تجلى بشكل واضح، أخيراً، في الخلاف حول مطالبة موسكو بضرورة تعيين مبعوث أممي جديد ومعارضة بقاء ستيفاني وليامز وحدها تسير الأعمال الأممية في البلاد".

ويرجح البرق أن ينعكس ذلك الخلاف على الداخل الليبي بشكل مباشر، قائلاً "صالح وشركاؤه يترجمون نهجاً روسياً من مصلحته خلط أوراق المشهد في ليبيا، وسنشهد قريباً تراجعاً في قرارات صالح بعد وقوعه تحت ضغوط أميركية وأوروبية هدفها على الأقل تقليص التأثير الروسي في الملف الليبي".

كما يرجح أن "يبقى ملف الانتخابات وتحديد مواعيد جديدة له دون حسم في الأمد القريب".