- تناولت اللقاءات قضايا الاعتداءات الإسرائيلية وضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، مع دعم فرنسا للمؤسسات اللبنانية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والتأكيد على التعاون بين الجيش اللبناني و"اليونيفيل".
- عقد الرئيس اللبناني والملك الأردني قمة في عمان لتعزيز العلاقات الثنائية ورفض تهجير الفلسطينيين، مع التركيز على السلام العادل والتعاون الاقتصادي ودعم الجيش اللبناني.
التقى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الثلاثاء المسؤولين اللبنانيين وقوى سياسية ورؤساء أحزاب محلية في إطار جولته في بيروت، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والتطورات في لبنان والمنطقة. ومساء اليوم، استقبل الرئيس اللبناني جوزاف عون لودريان وذلك في إطار الجهود الفرنسية المستمرة لدعم لبنان ومتابعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية فيه. وتم خلال اللقاء التداول في التطورات السياسية الراهنة في لبنان والتحديات التي تواجهه.
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن لودريان نقل إلى عون تحيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتأكيده استمرار الدعم الفرنسي للبنان في مختلف المجالات. ونوّه عون بالدور الذي يلعبه ماكرون لمساعدة لبنان والاتصالات التي يجريها مع عدد من قادة الدول الصديقة لتوفير المساعدات للبنان وتأمين المناخات اللازمة لتعزيز الاستقرار والأمن في البلاد عموماً، والجنوب خصوصاً.
وفي هذا السياق، شكر عون فرنسا على الدور الذي تلعبه لتأمين التجديد لقوة "اليونيفيل" العاملة في الجنوب، بالنظر إلى الدور الذي تقوم به بالتعاون مع الجيش اللبناني لتوفير الأمن والاستقرار، ليس في المناطق الجنوبية فحسب، بل في المنطقة كلها لأن وجود "اليونيفيل" بات حاجة إقليمية وليس حاجة لبنانية فقط، وفق بيان للرئاسة. ودان عون الاعتداءات التي تتعرض لها دوريات "اليونيفيل" من حين إلى آخر، معتبراً أن مثل هذه الممارسات "غير مبررة ومرفوضة مهما كانت الذرائع التي تساق لتبريرها"، ومشدداً على "وجوب التوقف عن القيام بأعمال تخدم العدو الإسرائيلي وتسيء إلى الاستقرار في الجنوب".
كذلك، أبلغ عون الموفد الرئاسي الفرنسي أن استمرار إسرائيل في اعتداءاتها على الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وباقي المناطق اللبنانية، يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي برعاية فرنسية وأميركية، ما يوجب على المجتمع الدولي ولا سيما راعيي الاتفاق، ممارسة الضغط لوضع حد لهذه الاعتداءات التي تقوّض عمليا مفاعيل القرار 1701. وتطرق اللقاء بين عون والمسؤول الفرنسي إلى أهمية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، إذ أكد رئيس الجمهورية انطلاق مسيرة هذه الإصلاحات التي هي حاجة لبنانية قبل أن تكون مطلب المجتمع الدولي. وعلى الصعيد الثنائي، تم تأكيد تعزيز العلاقات اللبنانية-الفرنسية وآفاق التعاون المستقبلي، وشكر عون الجهود التي يبذلها ماكرون لانعقاد المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان في الخريف المقبل.
وفي وقت سابق اليوم، التقى الموفد الرئاسي الفرنسي رئيسي البرلمان اللبناني نبيه بري والوزراء نواف سلام في إطار جولته في بيروت. وقالت مصادر مقرّبة من رئيس البرلمان نبيه بري لـ"العربي الجديد" إنّ "اللقاء تناول ملفات عدّة بينها الملف الأمني ربطاً بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واستمرار إسرائيل باحتلال المواقع الخمسة في الجنوب"، مشيرة إلى تأكيد لبنان التزامه بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار "بعكس الإسرائيلي الذي يخرقه منذ اليوم الأول لدخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولا يتعاون مع لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية".
وأشارت المصادر إلى أنّ "لودريان أكد خلال اللقاء وقوف فرنسا إلى جانب لبنان ودعمها لمؤسساته في هذه الظروف، ولا سيما الجيش اللبناني، الذي يؤدي دوراً كبيراً في هذه المرحلة، وضرورة التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار للحفاظ عليه، مشدداً كذلك على أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، وقيام إصلاحات في لبنان كونه مساراً أساسياً لإعادة الإعمار".
وقال المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان نبيه بري إن اللقاء تطرق إلى "الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة إسرائيل احتلالها لأجزاء من الأراضي اللبنانية وعدم تعاونها مع اللجنة الخماسية الموكل إليها تطبيق اتفاق وقف النار والقرار 1701، كما تطرّق إلى ملف إعادة الإعمار والمسار الإصلاحي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي". وأكد بري "التزام المجلس النيابي بإنجاز كل التشريعات الإصلاحية المطلوبة"، مشدداً على وجوب المباشرة بمشروع إعادة إعمار ما تسبب به العدوان الإسرائيلي على لبنان، مقدراً لفرنسا جهودها في إطار التحضير لمؤتمر الإعمار.
وحول التمديد لقوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، "حرص بري على الجهد الفرنسي لمؤازرة لبنان بالتصدي للمؤامرة التي تحاك على القوات الدولية للنيل منها ومن لبنان وجنوبه"، بحسب ما أفاد مكتب رئيس البرلمان الإعلامي.
من جهته، قال مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد"، إنّ "فرنسا ستقف دائماً إلى جانب لبنان، والشعب اللبناني الذي عانى كثيراً في السنوات الماضية ولا يزال يعاني، وهناك ثقة موضوعة بالعهد الجديد خصوصاً لناحية فرض الدولة سيادتها على أراضيها، وبدء العملية الإصلاحية التي تعد مساراً أساسياً للدعم". ولفت المصدر إلى أن "الخشية تبقى موجودة على الاستقرار في ظل استمرار الاعتداءات، وآخرها على الضاحية الجنوبية لبيروت". وأضاف: "من هنا نؤكد أهمية وقفها كما ضرورة انسحاب إسرائيل بأسرع وقت من النقاط التي لا تزال تحتلها، وذلك حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار بالشكل المطلوب، كما يعود الأهالي إلى قراهم"، مشيراً إلى أن "التحديات كبيرة أمام لبنان والشركاء الدوليين ينتظرون إجراءات ملموسة وإصلاحات هيكلية على مستويات عديدة لمساعدة المؤسسات على النهوض، وهذا أيضاً مسار مطلوب لأي مؤتمر دولي للدعم".
في السياق، قالت رئاسة الوزراء في بيان، إنّ سلام استقبل لودريان في حضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، وجرى عرض للمستجدات السياسية والاقتصادية الراهنة والتطورات في الجنوب، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وقبيل لقاء سلام ولودريان، كانت كلمة لرئيس الوزراء اللبناني في مؤتمر إعادة بناء لبنان صباح اليوم الثلاثاء كرّر خلالها بنوداً أساسية جاءت في البيان الوزاري لحكومته، منها أن الدولة تحتكر وحدها السلاح في لبنان، وهي المخوّلة باتخاذ قرارات السلم والحرب، ويلتزم لبنان بجميع القرارات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 1701، وتنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وكشف سلام أننا "اتّخذنا، ونواصل اتخاذ، إجراءات ملموسة لترجمة هذه المبادئ إلى واقع على الأرض. فقد فكّكنا أكثر من 500 موقع عسكري ومستودع أسلحة جنوب نهر الليطاني. كما أجرينا تحسينات كبيرة على الصعيدين الإداري والأمني في مطار بيروت الدولي وطريق المطار، بما في ذلك مكافحة التهريب وتوقيف الأفراد الذين هاجموا قوات اليونيفيل على طريق المطار". وأشار سلام إلى أننا "نكثّف جهودنا عبر القنوات الدبلوماسية لإلزام إسرائيل بوقف هجماتها واعتداءاتها المتواصلة على شعبنا، واستكمال انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية، بما في ذلك خمس نقاط لا تزال تحتلها بشكل غير قانوني، في انتهاك صريح لالتزاماتها وللقانون الدولي".
عون والعاهل الأردني يرفضان أي مخططات لتهجير الفلسطينيين
على صعيد آخر، أكد الرئيس عون والملك عبد الله الثاني على مواصلة التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا، وتكثيف العمل لإيجاد حلول سياسية لها. كما شددا على رفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين، وعلى ضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية للتوصل إلى السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين. وأكد عون على موقف لبنان الملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 في وقت تواصل إسرائيل اعتداءاتها على القرى الجنوبية وعلى الضاحية الجنوبية من بيروت، شاكراً الأردن على دعمها للمواقف اللبنانية حول هذا الموضوع وغيره في المحافل الإقليمية والدولية.
قمة لبنانية-اردنية في قصر بسمان في عمان: توافق على اهمية تعزيز العلاقات اللبنانية -الأردنية ومواصلة البناء عليها بما يخدم المصالح المشتركة والقضايا العربية ويحقق استقرار المنطقة.
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) June 10, 2025
- الرئيس عون والملك عبد الله الثاني: للتنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا وتكثيف العمل لإيجاد حلول… pic.twitter.com/KozWFrJX1D
من جهته، أكد الملك عبد الله الثاني على وقوف الأردن إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه. مواقف الرئيس عون والملك عبد الله الثاني جاءت خلال لقاء القمة والمحادثات الموسعة التي عقداها ظهر اليوم في قصر بسمان في العاصمة الأردنية.
وكان عون إلى مطار ماركا العسكري في الأردن ظهر اليوم، حيث كان في استقباله على أرض المطار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وسط تشريفات رسمية. وعند وصوله إلى مطار ماركا العسكري، قال عون إن "هذه الزيارة تؤكد ما يجمع بين البلدين الشقيقين من علاقات أخوّة تاريخية، وروابط متينة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء"، مشيراً إلى أن "الزيارة تأتي في ظرف دقيق تمرّ به منطقتنا، حيث تزداد التحديات وتتعاظم الحاجة إلى توحيد الجهود العربية لمواجهة الأزمات المشتركة، والتصدي لمخاطر الإرهاب والتطرف، وصون الأمن والاستقرار في دولنا".
جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون يعقدان مباحثات، في قصر بسمان الزاهر، تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، وأبرز التطورات في المنطقة
— Jordan TV-التلفزيون الأردني (@JrtvMedia) June 10, 2025
وأكد الزعيمان خلال المباحثات اعتزازهما بالعلاقات التي تجمع #الأردن و #لبنان، وأهمية مواصلة البناء عليها بما يخدم… pic.twitter.com/tr8uszWqZM
وأضاف عون: "سأبحث مع الملك سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات كافة، لا سيما في ما يخص دعم المؤسسات الوطنية، وفي طليعتها الجيش اللبناني، إضافة إلى ملف النازحين السوريين الذي يشكل عبئاً كبيراً على بلدينا، ويستدعي حلاً عادلاً يضمن العودة الآمنة والكريمة لهم إلى وطنهم، وسنؤكد أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وتبادل الخبرات، بما يخدم مصالح الشعبين اللبناني والأردني، ويسهم في تنمية مستدامة تعزز صمود دولنا في مواجهة التحديات".
وتابع: "نحن في لبنان نثمّن مواقف المملكة الثابتة إلى جانب بلدنا في مختلف المحافل، والدعم الذي لطالما قدمته في أوقات الشدّة، بتوجيه من الملك الذي أشكره على حفاوة الاستقبال وصدق المحبة، وآمل أن تشكل هذه الزيارة محطة جديدة في مسيرة التعاون الأخوي بين لبنان والأردن".
وشدد ملك الأردن والرئيس عون، بحسب الموقع الرسمي للديوان الملكي الأردني، على رفضهما لأية مخططات لتهجير الأشقاء الفلسطينيين، وضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية للتوصل إلى السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، وأكدا ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية الكافية لكل المناطق. ولفت العاهل الأردني إلى خطورة استمرار التصعيد غير المسبوق الذي يستهدف الفلسطينيين في الضفة الغربية، والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. كما تطرقت المباحثات إلى أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في سورية، الأمر الذي سيساعد في تسهيل عودة اللاجئين الطوعية والآمنة إلى وطنهم.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أكد ملك الأردن وقوف بلاده إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه. وتطرقت المباحثات إلى أهمية زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز الاستثمارات المشتركة، خاصة في قطاعات الطاقة والكهرباء والبنية التحتية.