لماذا يصرّ ترامب على وجود "مؤامرة" لا يصدّقها أحد في واشنطن؟

لماذا يصرّ ترامب على وجود "مؤامرة" لا يصدّقها أحد في واشنطن؟

06 ديسمبر 2020
يصر ترامب على أنه ضحية عملية "تزوير" (Getty)
+ الخط -

في أول خطاب سياسي له بعد الانتخابات، كرّر الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات دونالد ترامب، ليل أمس السبت، زعمه بأنه كان ضحية عملية "تزوير" كبيرة في الأصوات، وبما أدى إلى فوز خصمه الديمقراطي جو بايدن
جاءت كلمته في مهرجان انتخابي مخصص لدعم مرشحي الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ، في الخامس من يناير/كانون الثاني المقبل.

وبدلاً من التركيز على حث واستنفار محازبيه في هذا الاتجاه، عاد في الشق الأوسع من حديثه إلى موضوع النتائج وتمسّكه باعتراضاته عليها وطعونه فيها، رغم رفضها من قِبل حوالي 50 قاضيا في أكثر من 36 دعوى قضائية نظرت فيها محاكم محلية وفيدرالية في ست ولايات. فهو ما فتئ يردد بأنها سُلبت منه على غير وجه حق. معزوفة لا يشاركه فيها علانية حتى الجمهوريون في الكونغرس، غير اثنين منهم في مجلس النواب. الباقون سلّموا بصحة الانتخابات وبالتالي بفوز بايدن، إما بالصمت وإما بالاعتراف الصريح. وحتى ترامب نفسه نأى عن لغة الرفض القاطع مع تلميحه بين السطور إلى أن هناك إدارة جديدة مقبلة. 

تقارير دولية
التحديثات الحية

إذن، لماذا المعاندة والإصرار على نفي أمر واقع صار في حكم تحصيل الحاصل؟ ثمة، على ما يبدو، أكثر من سبب. في الشكل، يعفيه تمسّكه بنظرية المؤامرة من التنازل والاتصال بالرئيس المنتخب للتهنئة وضمناً الاعتراف بفوزه. خطوة تقليدية لم تصدر عن ترامب أي إشارة بأنها واردة في حساباته. كذلك يبرر له موقفه هذا غيابه المتوقع عن حفل التدشين في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل. عادة يرافق الرئيس خَلَفه من البيت الأبيض إلى مبنى الكونغرس حيث يقام على مدرجه حفل أداء القسم للرئيس المنتخب. تقليد آخر لا يريد ترامب على ما يظهر الالتزام به. والحديث حول غيابه عن هذه المناسبة، متداول في واشنطن وبكثير من اليقين. 
أما في الجوهر، فإن العزف على هذا الوتر ينطوي على هدف سياسي أبعد يزمع ترامب تحقيقه. فهو يراهن على توطيد وتثمير علاقته بقاعدته وتحويلها إما إلى جسر عبور للفوز بترشيح الحزب في انتخابات 2024، وإما إلى ورقة يستقوي بها لإجبار الجمهوريين في الكونغرس على عرقلة رئاسة بايدن قدر الإمكان. وبذلك يصبح القوة المقررة في الحزب. أو ربما يفسح له ذلك المجال لتزعّم تيار سياسي جديد، حسب بعض التقديرات. فالتصاق جمهوره به يوفر له الحضور على المسرح السياسي حتى إشعار آخر، إلا إذا تبدد هذا الحضور مع الوقت وتغيّر الظروف، كما حصل للظاهرة المكارثية في خمسينيات القرن الماضي. لكن لغاية الآن هو يستند إلى قوة وازنة لم يتخلخل ولاؤها له حتى بعد خسارة المعركة. فبالرغم من التسليم العام بفوز بايدن ومن رد القضاء لكافة طعون الرئيس مع ما يحظى به، أي القضاء، من ثقة عالية لدى المواطن الأميركي؛ وكذلك بالرغم من تأكيد وزير العدل وليام بار الجمهوري والمقرب من ترامب بأن الانتخابات خلت من التزوير "المؤثر بالنتائج"؛ مع كل ذلك بقي جمهور ترامب إلى جانبه بأن الانتخابات كانت "مزوّرة" وبشكل فاقع. وتعبيراً عن هذا البصم على بياض، تبرع أنصاره خلال الأسبوعين الأخيرين بأكثر من 207 ملايين دولار لحملته القضائية، ولو أن قسماً منها وضع بتصرف لجنة سياسية شكلها أخيراً. وهو مبلغ غير مسبوق جمعه من التبرعات في فترة ما بعد الانتخابات، خاصة إذا كانت خاسرة، إلا في حالة ترامب وعلاقته النادرة بقاعدته التي ترى فيه صورة قناعاتها وطموحاتها.

بعد 9 أيام موعد تصويت المجمع الانتخابي. وبعد شهر تجري انتخابات جورجيا. وفي اليوم التالي، السادس من يناير، يجتمع الكونغرس للمصادقة على تصويت المجمع، وفي منتصف نهار 20 يناير تبدأ رئاسة بايدن. كلها باتت روتينية بعد وصول محاولات تغيير النتائج إلى الطريق المسدود. الأهم انتخابات جورجيا التي تحدد ميزان القوة في مجلس الشيوخ، والذي يتقرر معه وإلى حدّ بعيد كم ستكون طريق بايدن سالكة للقيام بعملية الترميم التي وعد بها.

المساهمون