استمع إلى الملخص
- تناولت المباحثات قضايا المفقودين اللبنانيين، التعاون القضائي، والتعاون الاقتصادي في مجالات التجارة والطاقة، مع الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الملفات المشتركة.
- تهدف الزيارة إلى تصحيح مسار العلاقات وفتح مجالات جديدة للتعاون، مع التركيز على ترسيم الحدود ومنع التهريب، ودعم الدول العربية للبنان في تجاوز أزماته.
اختتم رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام زيارة إلى العاصمة السورية دمشق على رأس وفد وزاري ضم وزراء الخارجية يوسف رجي، والدفاع ميشال منسى، والداخلية أحمد الحجار، إذ التقى الوفد بالرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني. وأشار سلام إلى أن هذه الزيارة "من شأنها فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل واستعادة الثقة، وحسن الجوار، والحفاظ على سيادة بلدينا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض، لأن قرار سورية للسوريين وقرار لبنان للبنانيين".
وبحث الوفد اللبناني مع الرئيس الشرع والمسؤولين السوريين ضبط الحدود والمعابر، ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود براً وبحراً، والذي كان قد انطلق في لقاء جدة بين وزيري دفاع البلدين برعاية من السعودية. وكان هناك تشديد من الطرفين على تعزيز التنسيق الأمني، بما يحفظ استقرار البلدين. كذلك، تم التداول في تسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين إلى أراضيهم ومنازلهم بمساعدة الأمم المتحدة، والدول الشقيقة والصديقة.
وبحث الوفد اللبناني في مصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سورية، بالإضافة إلى مطالبة السلطات السورية بالمساعدة في ملفات قضائية عدة، وتسليم المطلوبين للعدالة في لبنان، أبرزها تفجير مسجدي التقوى والسلام، وبعض الجرائم التي يُتهم بها نظام الأسد. كما جرى البحث في ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد جرى البحث في التعاون بالمجالات المختلفة، وفتح خطوط التجارة والترانزيت، وفي استجرار النفط والغاز، والنظر في خطوط الطيران المدني. كما تم التطرق إلى البحث في الاتفاقيات بين البلدين والتي ينبغي إعادة النظر بها، ومن ضمنها المجلس الأعلى اللبناني السوري.
وتم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مؤلفة من وزارات الخارجية، الدفاع، الداخلية والعدل لمتابعة كل الملفات ذات الاهتمام المشترك. على أن يستكمل البحث في ملفات أخرى من وزارات الاقتصاد، الأشغال العامة والنقل، الشؤون الاجتماعية والطاقة. مع الإشارة إلى أهمية الحفاظ على وحدة سورية، ورفع العقوبات عنها، بما يسمح بالنهوض بالاقتصاد السوري ويفتح الطريق أمام الاستثمارات وإعادة الإعمار، ولما في ذلك ايضاً من منافع يستفيد منها لبنان، خصوصاً بما يتصل بالعمل على إعادة اللاجئين، وتسهيل عمليات التصدير اللبنانية براً، واستجرار الطاقة.
إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الشرع التقى سلام والوفد المرافق له في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وذكر مصدر إعلامي سوري مطلع لـ"العربي الجديد" أن المباحثات بين الجانبين تؤسس لبداية جديدة من العلاقات بين البلدين بعد عقود من التعاملات غير السليمة، والتي اتسمت بالفساد والاستزلام ومحاولات الهيمنة.
ولفت إلى أن "اتفاق جدة" الذي رعته القيادة السعودية بمشاركة وزيرَي الدفاع في البلدين، مهّد الطريق أمام تخفيف التوتر الذي ساد قبل فترة بفعل الاشتباكات عند الحدود. وتم خلال اتفاق جدة في 28 مارس/آذار الماضي التوقيع على اتفاق أكد خلاله الجانبان الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بينهما للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية.
وقال الصحافي محمد جزار لـ"العربي الجديد" إن قضية ترسيم الحدود يرتبط بها مسألة هوية مزارع شبعا، وهل هي سورية أم لبنانية، لافتاً إلى أن حزب الله اللبناني كان يستغل هذه المسألة لشرعنة احتفاظه بالسلاح بدعوى تحريرها من إسرائيل بوصفها أراض لبنانية. وقال إن هناك توجه اليوم لترسيم هذه المنطقة وحسم هويتها، لكن من غير الواضح كيف سيتم ذلك، وإن كانت مصادر الجانب السوري تشير إلى أن دمشق تعتبر تلك المناطق سورية، وفق ما تصنفها خرائط الأمم المتحدة.
وكانت الزيارة قد بدأت اليوم الاثنين بلقاء موسع بين الوفدين السوري واللبناني، تلته مأدبة غداء ومن ثم عقدت خلوة بين الرئيسين الشرع وسلام استمرت أكثر من نصف ساعة. وقد وجه سلام دعوة للرئيس الشرع ولوزير الخارجية أسعد الشيباني لزيارة لبنان.
وأكدت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة تبحث فتح مسار جديد لتصحيح العلاقات، على قاعدة احترام الدولتين لسيادة بعضهما البعض، وفتح مسار جديد حول تكريس الاستقرار وتثبيته، بحثاً عن الدخول في استثمارات على قاعدة المصالح المشتركة بين البلدين. وقالت المصادر، إن "الزيارة ستكون تمهيدية لزيارات لاحقة من قبل وزراء معنيين ومختصين بملفاتهم، مثل طرق التجارة، والترانزيت، والزراعة، واستجرار النفط والغاز، وكل ما يمكن أن يبنى عليه كمصالح مشتركة، بالإضافة إلى البحث بضبط الحدود، وإغلاق المعابر غير الشرعية، وضبط المعابر الشرعية، فضلاً عن تكثيف التفتيش، ومنع حصول أي اشتباكات وعمليات تهريب.
وأكدت المصادر أنه ستكون هناك مواكبة لملف ترسيم الحدود، والبحث بملف اللاجئين السوريين، وأن زيارة سلام هي زيارة أو محطة تأسيسية أو تمهيدية لزيارات لاحقة يبحث فيها ملف اللاجئين.
وكان سلام قد أكد بعد وضع إكليل على نصب الشهداء في وسط بيروت في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية اللبنانية، أمس الأحد، أن موضوع المخفيين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته إلى سورية.
وكانت مصادر رسمية لبنانية قد قالت لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إنّ "الهدف الأساسي من زيارة سلام هو تصحيح مسار العلاقة بين لبنان وسورية بعد عقودٍ من اختلال العلاقة، وفتح مسار جديد في العلاقات على قاعدة حسن الجوار، والبحث أيضاً في الملفات العالقة على صعيد الاتفاقيات القديمة لمراجعتها، والبحث في وضع اتفاقيات جديدة". وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ "البلدين أمام فرصة جدّية يمكن الاستفادة منها بعد التغيير الذي حصل، وهناك حرص لبناني على التنسيق وزيادة التعاون، خصوصاً أن مجالات الاستثمار عديدة، بينها موضوع النفط، والتجارة، والترانزيت، والطاقة، والكهرباء، والغاز، والأهم تثبيت الحدود لمنع حصول أي خروقات، والحؤول دون تجدد الاشتباكات، إلى جانب منع التهريب كلياً، مع الحرص على مواصلة اللجنة عملها ربطاً بالاجتماع الذي عقد في السعودية ومواكبتها للوصول إلى ترسيم الحدود".
وفي 28 مارس/آذار الماضي، وقّع وزير الدفاع اللبناني ونظيره السوري مرهف أبو قصرة اتفاقاً في السعودية بخصوص الحدود بين البلدين، أكدا فيه الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين سورية ولبنان، وتشكيل لجان قانونية ومتخصّصة بينهما في عددٍ من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية، وخاصة ما قد يطرأ على الحدود بينهما.
سلام يبحث تطورات لبنان والمنطقة مع أبو الغيط
وقبيل توجهه إلى سورية، استقبل سلام أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على مائدة فطور صباح اليوم، حيث جرى خلال اللقاء البحث في تطورات الوضع في لبنان والمنطقة، مع التشديد على عمق علاقات لبنان العربية، ومساعدة الأشقاء العرب للبنان على تجاوز الأزمات، انطلاقاً من التزامه بإقرار برنامج الاصلاحات، ومساعدته في تثبيت سيادته على كامل أراضيه والضغط لتأمين الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، وبسط الدولة سلطتها الكاملة بقواها الذاتية.
كما جرى التطرق إلى تطورات الوضع في فلسطين وخصوصاً في قطاع غزة، مع التشديد على وجوب وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، ومواصلة المساعي العربية مع القوى الدولية للالتزام بمقررات قمة بيروت العربية في العام 2002 والتي تنص على حلّ الدولتين.