لقاءات للسفير الأميركي في بغداد وأربيل تثير تساؤلات بشأن دلالاتها

لقاءات للسفير الأميركي في بغداد وأربيل تثير تساؤلات بشأن دلالاتها

16 فبراير 2022
عقد تولر اجتماعاً مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في مكتبه بمبنى البرلمان (تويتر)
+ الخط -

أجرى السفير الأميركي في العراق، ماثيو تولر، خلال الأيام الثلاثة الماضية، سلسلة لقاءات في بغداد وأربيل شملت عدة شخصيات عراقية بارزة، ما أثار جملة من التساؤلات بشأن الغرض منها في هذا التوقيت، وما إذا كانت مرتبطة بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ منتصف أكتوبر العام الماضي، عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية وما تبعها من تداعيات على مجمل المشهد العراقي.

وعقد تولر اجتماعاً مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في مكتبه بمبنى البرلمان وسط المنطقة الخضراء ببغداد، وفقاً لبيان صدر عن مكتب الأخير، أوضح فيه أن "اللقاء بحث تطورات الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة، وعدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك".

وأعقب ذلك اجتماع للسفير تولر، مع المرجع الديني آية الله حسين الصدر في مقر إقامته بمدينة الكاظمية ببغداد، بحسب بيان صدر عن مكتب المرجع العراقي نشرته وسائل إعلام محلية عراقية، دون أن يكشف عن فحوى اللقاء.

فيما أكدت حكومة إقليم كردستان في أربيل عقد رئيس الإقليم، نيجيرفان البارزاني، اجتماعاً مع السفير الأميركي الذي، وصل إلى أربيل الأربعاء جرى خلاله بحث ملفات عديدة.

وبحسب بيان صدر عن حكومة الإقليم فإن البارزاني شدد على أن "الأوضاع العراقية الحالية تتطلب من المحكمة الاتحادية، وجميع الجهات العراقية البحث عن حلول للمشاكل"، معبراً عن "التزام إقليم كردستان بحل المشاكل مع الحكومة العراقية حسب الدستور".

كما عقد تولر اجتماعا مماثلا مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بحسب بيان لمكتب الأخير قال إنه جرى خلاله "تناول آخر المستجدات والخطوات الدستورية في تشكيل الحكومة".

ووصفت وسائل إعلام مرتبطة بقوى "الإطار التنسيقي"، اجتماع السفير الأميركي في أربيل مع البارزاني بأنها تجري في "أجواء غامضة".

واعتبرت وكالة أخبار "العهد" المرتبطة بجماعة "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، الاجتماع بأنه يأتي "في خضم احتدام التنافس السياسي بين الأطراف المشاركة في الانتخابات، والسعي إلى استكمال تمرير الرئاسات الثلاث".

لقاءات "غير مستغربة"

النائب السابق عن التيار المدني، شروق العبايجي، قالت لمراسل "العربي الجديد"، إن لقاءات السفير تولر مع السياسيين العراقيين في ظل الأزمة الحالية "غير مستغربة. المشكلة تكمن بأن التدخلات الخارجية بأجمعها، لا تصب بصالح الشعب ومعاناته، بل تخدم الطبقة السياسية المتصارعة على السلطة".

وشددت العبايجي على أن "حل أزمة الحكومة لا يمكن أن يكون عراقياً، بل لا شك أنه حل مستورد من الخارج"، مرجحة أن "تنتهي بالتالي أزمة اختيار رئيس للجمهورية، ومن ثم تشكيل الحكومة على وفق الحلول الخارجية".

وأشارت إلى أن "المنظومة السياسية التي حكمت العراق، هي التي أوصلته إلى هذه الحال من الانسداد السياسي، وفتح الباب للتدخلات الخارجية".

نتائج عكسية

لكن الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، اعتبر أي تدخل أميركي يأتي على غرار التدخل الإيراني الحالي "سيكون له نتائج عكسية ويُعقد المشهد".

وأضاف الحمداني لـ"العربي الجديد"، أن "الطرف الأهم في المعادلة السياسية الحالية، وهو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يعارض أي تدخل أميركي كما هو رافض للتدخل الإيراني، عبر شعار (لا شرقية ولا غربية) لذا يمكن القول إن العراق أمام نقطة تحول مهمة يجب أن تسمح كل الأطراف التي أدت سابقاً تدخلاتها في وصوله إلى هذه الحالة السيئة أن تتركه يقرر داخلياً ما يفعل دون إملاء، وهذا يشمل الفاعلين الإيراني والأميركي".

واعتبر أن ذهاب الصدر في مشروع الأغلبية الوطنية "يمكن أن يخلق تغييرا سياسيا ما في العراق، خاصة مع وجود تحالف عابر للطوائف من العرب السنة والكرد إلى جانبه".

يجري ذلك في ظل انسداد سياسي تشهده البلاد تعقّد بشكل كبير، على إثر فشل البرلمان العراقي بعقد جلسة الأسبوع الفائت، لاختيار رئيس للجمهورية، والتي قاطعتها أغلب القوى السياسية.

ولا يمكن التوجه نحو تشكيل الحكومة الجديدة، إلا بعد الخروج من أزمة اختيار رئيس للجمهورية، والذي يحتاج إلى أصوات أغلبية الثلثين من البرلمان، وهذا الشرط من أهم الدوافع التي تفرض التوافق بين الكتل الفائزة لجمع نحو 220 صوتاً من مجموع عدد أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً.

وإذا فشل أيّ من المرشحين في نيل ثقة ثلثي عدد أعضاء البرلمان، يجري الاختيار بين أعلى مرشحين اثنين للمنصب، ويكون رئيساً للجمهورية مَن يحصل على أعلى الأصوات بعد إجراء عملية الاقتراع الثانية داخل البرلمان.