لقاءات سياسية وعسكرية ليبية.. حوار منفصل أم توافق حول خريطة الطريق؟

لقاءات سياسية وعسكرية ليبية.. حوارات منفصلة أم توافق حول خريطة الطريق؟

09 يناير 2022
غموض شكل المرحلة السياسية المقبلة (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر جهود التقارب بين القادة السياسيين وقادة الأطراف المسلحة في ليبيا، في الوقت الذي لا تزال حقيقة شكل المرحلة السياسية المقبلة غامضة حتى الآن، خاصة في ما يتعلق بخريطة الطريق الجديدة بعد فشل إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وسط صمت أممي ودولي مطبق.

المسار الدستوري أولوية أم إجراء الانتخابات؟

وينتظر أن تلتقي اللجنة النيابية المكلفة إعداد خريطة الطريق للمرحلة المقبلة بأعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، اليوم الأحد، لبحث إمكانية الدفع بالمسار الدستوري كأولوية قانونية تجرى على أساسها الانتخابات.

ووفقاً لمصدر برلماني تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن اللقاء سيناقش إمكانية تشكيل لجنة من الخبراء الليبيين في القانون الدستوري لفتح مسودة الدستور وإجراء التعديلات اللازمة عليها وإعدادها للاستفتاء، لتكون أساساً دستورياً للانتخابات في مواعيدها الجديدة عند تحديدها، مشيراً إلى أن اللجنة ستصدر بياناً توضيحياً لمضمون اللقاء عقب انتهائه. 

ويأتي اللقاء المنتظر بعد ساعات من لقاء جمع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في طرابلس، لـ"بحث المسار الدستوري وسبل تسريع العملية الانتخابية"، بحسب بيان للمجلس الأعلى للدولة، ليل أمس السبت.

ونقل البيان عن المشري والنويري "تأكيدهما "رفضهما للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي"، وأن العملية السياسية "ملكية وطنية، وحل الأزمة لن يكون إلا ليبيا – ليبيا، وعبر الأطراف الليبية مباشرة. 

وتأتي الخطوات متسقة مع معلومات أدلت بها مصادر ليبية مطلعة لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، بشأن توافق قادة من مجلسي الدولة والنواب، على رأسهم رئيسا المجلسين عقيلة صالح وخالد المشري، بشأن النقاط الرئيسية لخريطة الطريق للمرحلة الجديدة، ومن بينها تأجيل إجراء الانتخابات إلى يناير/ كانون الثاني من العام المقبل.

وأوضحت المصادر أن الاتفاق انتهى إلى الدفع بالمسار الدستوري إلى واجهة المشهد، بحجة أنه الحل والضمان لعدم تكرار أسباب فشل إجراء الانتخابات في موعدها الماضي يوم 24 ديسمبر، والبدء بتشكيل لتعديل مسودة الدستور المقرة من الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عام 2017، قبل الاستفتاء عليها وإحالتها إلى مفوضية الانتخابات لتبدأ العمل عليها كأساس دستوري للانتخابات المقبلة. 

وفي وقت أشارت فيه المصادر إلى أن الخريطة لن يعلن عنها قبل المضي بخطوات في المسار الدستوري، بدا واضحاً أن لجنة إعداد خريطة الطريق تسير وفق ذلك، كما أن اجتماع النويري والمشري تصدره بحث المسار الدستوري وتسريع العملية الانتخابية.

وبالتزامن، التقى رئيس أركان الجيش بالمنطقة الغربية الفريق محمد الحداد والفريق عبد الرزاق الناظوري، القائد المكلف قيادة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مساء أمس السبت، في مدينة سرت، للمرة الثانية في أقل شهر. والجديد في هذا اللقاء هو مشاركة عدد من رؤساء الأركان من الجانبين. 

وفي 11 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، التقى الحداد والناظوري، لأول مرة، لـ"بحث سبل توحيد المؤسسة العسكرية"، بحسب بيان لرئاسة أركان الجيش في طرابلس. 

 

 غموض المرحلة السياسية

 

وتجرى هذه اللقاءات بين القادة السياسيين من دون توضيح لشكل المرحلة السياسية المقبلة، كما تسير الخطوات في الجانب العسكري على نفس المنوال، فرغم الشعار المعلن للقاءات بين الحداد والناظوري، وهو "توحيد المؤسسة العسكرية"، لم يتحدث أي منهما عن كيفية حل الملفات الشائكة التي تعترض سبيل توحيد المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب.

وحول لقاءات الناظوري والحداد وإمكانية أن تنتج عنها خطوات فعلية على طريق توحيد المؤسسة العسكرية، يرى الناشط السياسي الليبي صالح المريمي أن هذه اللقاءات، وإن كانت مهمة، فربما تكون بغرض الاستكشاف أو لتهدئة الوضع العسكري استباقاً لمنع أي تصعيد. وقال "ستفكر أي مجموعة مسلحة بمواجهة الأخرى في أنها مسؤولة عن قرارها في ظل لقاءات القيادات العسكرية الكبرى تحت شعار توحيد المؤسسة العسكرية". 

وأكد المريمي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن القائدين العسكريين لن يكونا بمعزل على الحراك السياسي الرامي لتمديد فترة الوصول إلى الانتخابات. وقال "على الأقل، الناظوري لن يكون بمعزل عن قرارات حفتر الذي دخل لأتون السياسية وعقد التحالفات حتى مع خصومه في غرب البلاد".

ورجح أن تكون لقاءات الناظوري بالحداد دعما للاتجاه السياسي نحو رسم ملامح خريطة الطريق، ورسالة موجهة للخارج تقلل من خلالها الأطراف السياسية مخاوف المجتمع الدولي من عودة البلاد إلى دائرة الصراع المسلح. 

ورغم ترحيب المستشارة الأممية ستيفاني وليامز بتجدد لقاء الحداد والناظوري، إلا أن المريمي يعتبر أن تراجع كثافة لقاءاتها مع الأطراف الليبية وتوقفها عن إعادة تفعيل ملتقى الحوار السياسي، وسط الصمت الدولي حال غموض المرحلة الحالية في البلاد، لا ينبئ عن شيء إلا غياب الرؤية الواضحة لدى المجتمع الدولي حول مستجدات الوضع في البلاد.

ترحيل 300 مرتزق سوداني

في غضون ذلك، تضاربت الأنباء بشكل كبير بشأن ترحيل 300 مرتزق سوداني من صفوف مليشيات اللواء المتقاعد خليفة إلى بلادهم، فبعد أن أعلن اللواء امراجع العمامي، عضو الوفد الممثل لمعسكر حفتر في لجنة 5 + 5 العسكرية المشتركة، خلال تصريح لمنصة إخبارية ليبية في الأول من الشهر الجاري، عن ترحيل 300 مقاتل من الجنسية السودانية، كانوا ضمن صفوف مليشيات حفتر، خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، كـ"مبادرة حسن نوايا" من جانب حفتر، نفى اللواء فرج الصوصاع، العضو الآخر بالوفد الممثل لحفتر في ذات اللجنة، الخطوة. وأكد الصوصاع، في تصريحات صحافية لوسائل إعلام ليبية، أن اللجنة العسكرية المشتركة "لا تزال تجتمع لتحديد موعد لإجلاء المرتزقة من ليبيا". 

وحتى الساعة، لم تعلن لجنة 5 + 5 العسكرية المشتركة موقفها الرسمي نفياً أو إثباتاً للأمر، فيما أكدت مصادر عسكرية مقربة من اللجنة صحة الأنباء.

وأشارت المصادر إلى احتمالية أن يكون للمرحلين الـ300 إلى السودان علاقة بالعناصر الذين جندتهم الإمارات للعمل عبر شركة توظيف، قبل أن يجدوا أنفسهم في ليبيا للعمل ضمن صفوف مليشيات حفتر. 

وأكدت المصادر أن العناصر السودانيين، وعددهم يتجاوز 300، كانوا موزعين كأفراد حراسات في عدد من المواقع النفطية، وأبرزها حقلا تازربو ورأس الأنوف، قبل أن يتم تجميعهم قبل شهر ونقلهم إلى بنغازي استعداداً لترحيلهم جواً بعد التنسيق مع دولتهم. 

وفيما لا تمتلك المصادر توضيحاً عن أسباب ترحيلهم دون غيرهم من فرق المرتزقة الذين تعج بهم صفوف حفتر، يرى الباحث الليبي في الشأن الأمني الصيد عبد الحفيط أن الخطوة تحقق أكثر من هدف لصالح معسكر حفتر، ومن بينها تخفيف العبء المادي، كما أنها ترسل رسالة للخارج عن تجاوب حفتر مع مطالب مغادرة المرتزقة. 

كما يرى عبد الحفيظ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المرحلين لا يشكلون أي خطر سياسي أو عسكري على دولهم كونهم ليسوا من مسلحي المعارضة، ما يجعل القبول بعودتهم ميسراً، مضيفاً "سيحقق ذلك نصراً أيضاً للدبلوماسية الفرنسية، التي بدا واضحا تبنيها الخطوة بهدف عودتها طرفاً فاعلاً في الملف الليبي من جانب، ومن جانب آخر تخليص حليفها الإماراتي من ورطة طريقة تجنيدها العناصر السودانية بعد خداعهم بالعمل على أراضيها في وظائف أمنية". 

وفي يناير/كانون الثاني من العام الماضي، تناقلت وسائل إعلام دولية أنباء عن خداع الإمارات عشرات السودانيين بعرضها عليهم وظائف للعمل في الحراسات الأمنية على أراضيها، قبل أن تزج ببعضهم في صفوف مليشيات حفتر في ليبيا.