باشرت الجزائر تسليم الدعوات الرسمية لقادة الدول العربية لحضور القمّة العربية المقرر أن تستضيفها في الأول والثاني من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وسلّم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الذي وصل مساء أمس الإثنين إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماع الـ31 لوزراء الخارجية العرب، كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يزور القاهرة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعوة رسمية موجهة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لحضور القمّة، علماً أن تبون افتتح الدعوات بدولة فلسطين.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لعمامرة، اليوم الثلاثاء، في قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث تسلّم منه رسالة من نظيره الجزائري، ودعوة رسمية للمشاركة في القمّة العربية المقبلة.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية إن وزير خارجية الجزائر سلم السيسي رسالة خطية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تضمنت دعوة للمشاركة في القمة العربية المقبلة بالجزائر، مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، فضلاً عن التأكيد "على حرص الجزائر على تعزيز أطر التعاون الثنائي على شتى الأصعدة والانطلاق بها إلى آفاق أرحب اتساقاً مع عمق أواصر الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين".
من جانبه، طلب الرئيس السيسي نقل تحياته إلى الرئيس عبد المجيد تبون، مرحباً بالدعوة الموجهة من الرئيس الجزائري، ومعرباً عن "تطلع مصر للعمل مع الجزائر لضمان نجاح القمة العربية في تعزيز العمل العربي المشترك للتصدي للتحديات الضخمة التي تواجه الأمة، وذلك بهدف استعادة مكانتها ووحدتها، وبما يدعم مفهوم الدولة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعوب العربية".
كما أكد تبون، وفقاً للمتحدث باسم الرئاسة الجزائرية، "اعتزاز مصر بما يربطها بالجزائر وشعبها من علاقات تاريخية وثيقة ومتميزة على المستويين الرسمي والشعبي، والاهتمام بتعزيز مجالات التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة في كافة المجالات".
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول التباحث بشأن "آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تم تأكيد الرغبة المشتركة لتعزيز أطر التعاون في شتى المجالات وتعظيم قنوات التواصل الفعال بين البلدين حكومياً وشعبياً".
كما تطرق اللقاء إلى "تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك على المستوى العربي، لا سيما مستجدات الأوضاع في كلٍ من سورية وليبيا والعراق، حيث تم التوافق حول أهمية تكثيف التنسيق المتبادل للعمل على استعادة الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي".
ولم تكن وزارة الخارجية الجزائرية قد أعلنت مسبقاً عن لقاء مرتقب بين السيسي ولعمامرة خلال زيارة الأخير للقاهرة، في ظلّ حديث عن أزمة صامتة بين البلدين تخص بعض الملفات، مثل ليبيا. ومن شأن لقاء السيسي بلعمامرة أن يكون قد ساهم في مناقشة بعض القضايا الخلافية بين البلدين، خصوصاً في ما يتعلق بتحفظات مصرية على العلاقة مع إثيوبيا، وبشكل أكبر حول الأزمة في ليبيا. وتدعم الجزائر حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بينما تدعم مصر الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، والتي لا تحوز على الاعتراف الدولي. ويأتي ذلك خصوصاً أن الاجتماع الوزاري العربي المنعقد اليوم في القاهرة يجرى تحت رئاسة وزيرة خارجية حكومة الدبيبة نجلاء المنقوش.
وأكد مصدر دبلوماسي جزائري، لـ"العربي الجديد"، أن "لقاء لعمامرة بالسيسي كان إيجابياً جداً، حيث أكد السيسي التزامه بالحضور شخصياً والمساهمة في إنجاح القمة العربية المقبلة في الجزائر"، وهو تطور مهم يصب في صالح الجزائر ويعزز نجاح القمة، خاصة أن الجزائر تراهن على حضور نوعي للقادة العرب في القمة. وأضاف المصدر أن "الرئيس السيسي أبلغ الوزير لعمامرة تقديره جهود الرئيس تبون لضمان نجاح القمة العربية، وعزمه على مواصلة العمل مع الرئيس تبون في مختلف مجالات التعاون".
وكان لعمامرة قد سلّم، مساء الإثنين، فور وصوله إلى القاهرة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوة رسمية لحضور القمّة العربية، وهي أول دعوة رسمية يوجهها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لنظرائه للمشاركة في أعمال القمة العربية.
وجدّد لعمامرة، خلال اللقاء، التزام الجزائر الدائم بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وتطلعها للدور الفاعل لدولة فلسطين في إنجاح هذا الموعد العربي المهم، بحسب الخارجية الجزائرية.
من جهته، أكد الرئيس الفلسطيني "اعتزازه بأن تكون دولة فلسطين أول من يستلم الدعوة الرسمية للمشاركة في قمة الجزائر تأكيداً للمكانة المركزية التي تحظى بها القضية الفلسطينية في صلب أولويات العمل العربي المشترك". كما جدّد عباس "عزمه على المشاركة في القمة والمساهمة برفقة أشقائه قادة الدول العربية الأخرى في إنجاح أشغالها، عبر تحقيق مخرجات نوعية ترقى إلى مستوى تطلعات الشعوب العربية، وكذا امتنانه للجزائر نظير دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية".
وجرت خلال لقاء لعمامرة وعباس مناقشة الإمكانية السياسية لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية على ضوء المبادرة التي أطلقتها الجزائر في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، والتي بدأت في تجسيد بعض خطواتها من خلال إجراء جولتي لقاءات مع قادة الفصائل الفلسطينية في الجزائر، وتلاها اللقاء الذي جمع بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية إسماعيل هنية في الجزائر، بمناسبة مشاركتهما في احتفالات ذكرى الاستقلال.
وتأتي زيارة لعمامرة إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماع الـ31 لوزراء الخارجية العرب، والذي ستكون القمة العربية المقبلة أبرز بنوده. ويعقد الاجتماع الوزاري العربي برئاسة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، وتحت إشراف ليبي للمرة الأولى منذ تسع سنوات. كما أنها المرة الأولى التي تشرف فيها وزيرة امرأة على هذا الاجتماع. ومن المقرر أن يلتقي لعمامرة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، كما سيجري مشاورات مع عدد كبير من نظرائه وزراء الخارجية.
مصالحة فلسطينية تسبق القمة العربية
في الأول من أغسطس/آب الماضي، أعلن الرئيس الجزائري عن التحضير لعقد مؤتمر لمنظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر، لتحقيق المصالحة الوطنية، في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، قبل القمة العربية في الجزائر، استكمالاً لمبادرة كانت قد أطلقتها الجزائر في يناير/كانون الثاني الماضي، لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
وكانت الجزائر قد استقبلت كبار القيادات السياسية للفصائل الفلسطينية لجمع وثائق ومقترحات الفصائل الفلسطينية حول مسار المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي، بينهم رئيس الدائرة السياسية لـ"الجهاد الإسلامي" محمد الهندي ووفد من حركة "فتح" يضم عزام الأحمد، ووفد من حركة "حماس" ضم كلاً من خليل الحية وعلي بركة، ووفد "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" برئاسة نائب الأمين العام فهد سليمان، ووفد عن الجبهة الشعبية - القيادة العامة بقيادة طلال ناجي.