لجنة جديدة في ملتقى الحوار الليبي: تمديد وإرجاء للحل أم تسريع لخطاه؟

لجنة جديدة في ملتقى الحوار الليبي: تمديد وإرجاء للحل أم تسريع لخطاه؟

03 يناير 2021
تضمّ اللجنة 18 عضواً (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، فجر اليوم الأحد، تأسيس اللجنة الاستشارية المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي الليبي بقوام 18 عضواً من أعضاء الملتقى، بعد تلقيها 28 طلباً للترشح للجنة.

ونقل بيان للبعثة عن رئيستها بالإنابة ستيفاني ويليامز، قولها إن البعثة قرّرت توسيع عضوية اللجنة الاستشارية بواقع 18 عضواً من أعضاء ملتقى الحوار لضمان تنوّع جغرافي وسياسي واسع النطاق، وبمشاركة ممثلين عن شرائح المرأة والشباب والمكونات الثقافية.

وأكدت ويليامز أن البعثة صارمة في تحديد ولاية اللجنة، وستكون مهمتها الرئيسية مناقشة القضايا العالقة والمتعلقة باختيار السلطة التنفيذية الموحدة، وتقديم توصيات ملموسة وعملية لتقرّر بشأنها الجلسة العامة للملتقى.

ووفق مصادر مقربة من أعضاء بملتقى الحوار السياسي فإن البعثة تلقت حتى مساء أمس السبت 28 طلباً من أعضاء الملتقى لشغل عضوية اللجنة الاستشارية، قبل أن تختار منهم 18 عضواً، مشيرة إلى أن كامل أعمال الملتقى انقسمت بين أعمال تجريها اللجنة القانونية بشأن قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات نهاية العام المقبل، وأخرى استشارية ستعمل على تجسير هوة الخلافات بين الأعضاء بشأن اختيار شاغلي السلطة التنفيذية المقبلة.

لكن المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أكدت أن أجندة عمل اللجنة الاستشارية لم تتضح بعد، حيث تحتفظ البعثة بتفاصيلها لتطرحها على اللجنة في أولى اجتماعاتها التي لم تحدَّد أيضاً، وسط انزعاج من بعض الأعضاء من طريقة إدارة البعثة لمسار الحوار.

وأثار قرار البعثة توسيع عضوية اللجنة إلى 18 عضواً بعدما كان مقرّراً أن تكون بقوام 15 عضواً، تساؤلات لدى المحلل السياسي الليبي خميس الرابطي، وعلى الرغم من تعليله بأنه لـ"ضمان تنوع جغرافي وسياسي واسع"، ولمشاركة شرائح أخرى مثل المرأة والشباب والمكونات الثقافية، إلا أن الرابطي يرى أن القرار يعكس استمرار الخلافات وربما توسعها داخل الملتقى، وأن توسيع عضوية اللجنة جاء لترضية أكبر عدد ممكن من المختلفين.

ويشير الرابطي، المتابع لسير أعمال الملتقى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تشديد البعثة حول ولاية اللجنة وأنها صارمة في ذلك، لكنه يتساءل: "لماذا لم تعلن عن زمن ولايتها ومتى ينتهي؟"، معتبراً أن بيان البعثة جاء فضفاضاً ولا يتناسب مع حجم الخلافات والاستحقاقات المنتظر إنجازها من قبل الملتقى، لتلافي دخول البلاد في فراغ سياسي.

وربط بيان البعثة انعقاد جلسة مباشرة للملتقى بتقديم اللجنة الاستشارية لـ"توصيات ملموسة وعملية" تنتهي منها بعد مناقشتها للقضايا العالقة بشأن اختيار السلطة التنفيذية الموحدة. ويعلّق الرابطي بأن البعثة أقدمت على تقسيم أعضاء الملتقى بين لجنة قانونية وأخرى استشارية في محاولة لتجاوز العقبات الداخلية في الملتقى، بعيداً عن معطيات الواقع السياسي التي تشير إلى وجود مساعٍ دولية للإبقاء على أجسام سياسية حالية مثل المجلس الرئاسي، وأن يكون التوافق على الحكومة فقط.

وخلال ذات البيان، شددت البعثة على أن موعد الانتخابات الوطنية المقرّر في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول المقبل سيبقى أمراً ثابتاً بالنسبة إليها وهو مبدأ إرشادي، وهدف لا يمكن التخلي عنه.

وتأتي هذه الخطوة من جانب البعثة ضمن حراك إقليمي مكثف، تجري فيه تفاهمات وتقارب في وجهات النظر في الملف الليبي، ويأمل الرابطي في أن تؤدي تلك المواقف الإقليمية الجديدة إلى إخراج البلاد من نفق العنف الذي يرى أن البعثة الأممية تسير وسطه في ركاب سياسة الدول الكبار في المنطقة، التي يبدو أنها غير مرحبة بشكل التفاهمات غير المباشرة بين أطراف إقليمية مؤثرة في أزمة ليبيا.

ويوافق الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، على أن مسارات جهود الأمم المتحدة دوماً تخدم مصالح الدول الكبرى، بل وتعتبر الأمم المتحدة إحدى أهم أدوات تمرير المصالح في الملف المتأزم، لكنه في ذات الوقت يرى أن البعثة تواجه مصاعب جمة تتعلق باللاعبين المهمين في الملف الليبي، ويقول: "باستطاعة الأمم المتحدة إفراز سلطة تنفيذية من الجلسات الأولى لملتقى الحوار، وتحصين خطوتها بقراراتها، لكن عقبتها تتمثل في عدم قدرتها على فرض شرعية السلطة الجديدة في محيطٍ، الكلمة فيه للسلاح".

ويعتقد البرق خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن نهج البعثة في تمديد وتطويل أمد عمل مسار الحوار السياسي وإرجاء فرض بنود الاتفاق العسكري، خطوات كلها تتعلق بالمتغيرات الجديدة، ومنها جهود أنقرة في فرض المجلس الرئاسي من جانب، وموسكو في فرض حلفائها في معسكر شرق البلاد من جانب آخر، تزامناً مع التقارب الذي حدث أخيراً بين القاهرة وأنقرة في الملف الليبي، مرجحاً أن البعثة الأممية تنتظر خطوات أخرى لتعلن عن خارطة ليبيا السياسية الجديدة.

ويتساءل البرق: "ماذا لو أعلنت البعثة عن توصل الملتقى لسلطة جديدة ولم يعترف بها الحكام الحاليون وبقي كل طرف متمسكا بحكومته؟ هذا ما لا تريده البعثة ولا من يقف وراءها من الدول الكبرى"، لافتاً إلى أن نتائج كلّ مسارات الحل الليبي ستنتظر الانتهاء من رسم الخارطة الجديدة للمتنافسين في الملف الليبي، لتعلن عن شكل حكومة ترضي كل الأطراف.