لبنان ينتظر الردّ الإسرائيلي النهائي مع عودة برّاك على وقع استمرار الاعتداءات جنوباً

25 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 16:33 (توقيت القدس)
أثناء زيارة توماس برّاك بيروت، 18 أغسطس 2025 (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعود الموفد الأميركي توماس برّاك إلى لبنان لمناقشة موقف إسرائيل من ورقة واشنطن، بعد أن أقر لبنان أهدافها وكلف الجيش بحصر السلاح بيد الدولة، منتظراً جواباً حاسماً من إسرائيل حول وقف الاعتداءات والانسحاب من التلال الخمس وإطلاق سراح الأسرى.

- أبدت إسرائيل استعدادها للتعاون مع الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله وتقليص قواتها تدريجياً، وسط دفع أميركي نحو ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان وسوريا.

- لبنان ينتظر الرد النهائي الإسرائيلي، مؤكداً على حصرية السلاح بيد الدولة، وماضية في قراراتها رغم معارضة حزب الله وحركة أمل، مع تأكيد على ضرورة انسحاب إسرائيل لتمكين الجيش من الانتشار وإعادة الإعمار.

يعود الموفد الأميركي توماس برّاك في زيارة هي الثانية له إلى لبنان في غضون أسبوع للقاء المسؤولين في بيروت غداً الثلاثاء وسط ترقّب لما سيحمله معه من موقف إسرائيلي بشأن ورقة واشنطن بعدما أقدم لبنان على إقرار أهدافها وكلّف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري. ويعوِّل المسؤولون اللبنانيون على حمل الوفد الأميركي جواباً حاسماً من جانب الاحتلال الإسرائيلي ولا سيما على صعيد وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والانسحاب من التلال الخمس في الجنوب اللبناني وإطلاق سراح الأسرى، خصوصاً أن لبنان قام بالخطوات المطلوبة منه، وهو ماضٍ في تطبيقها، بينما بات لزاماً على إسرائيل أن تبادر بخطوة مقابلة، الأمر الذي كان قد أكده أيضاً برّاك في زيارته لبيروت في 18 أغسطس/آب الجاري.

وعشية جولة برّاك والوفد المرافق، يتقدّمه مورغان أورتاغوس والسيناتوران جاين شاهين وليندسي غراهام، أفاد ديوان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، بتقدير تل أبيب جهود الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، معرباً عن استعدادها "للتعاون" معها ودعم جهودها، و"التقليص التدريجي" لقوات الاحتلال في لبنان إذا اتخذت قوات الأمن اللبنانية خطوات لنزع سلاح حزب الله.

وقبيل مجيئه إلى لبنان، ناقش برّاك، أمس الأحد، مع نتنياهو مطلب الإدارة الأميركية بـ"كبح" الهجمات الإسرائيلية على لبنان، والمباحثات بين إسرائيل وسورية. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية وأميركية قولها إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "تدفع باتجاه ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان، وبين الأولى وسورية، تمهيداً لتطبيع العلاقات مستقبلاً بين الجانبين".

مصادر لبنانية: ننتظر الرد النهائي

في هذا الإطار، قالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد": "ننتظر ما سيحمله برّاك في زيارته لبيروت، ونتوقع أن يكون حاسماً بما خصّ الورقة، بما يحدّد مصيرها، فلبنان قام بخطوته وقال ما عنده، ومطلبه الأساسي اليوم هو التزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط الخمس إلى جانب إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لديها، وكذلك بدء مسار إعادة الإعمار والبنود الأخرى الواردة في الورقة"، مشيرة إلى أننا "تبلغنا أن الوفد الأميركي سيكون موسّعاً، ويضم شخصيات بارزة، ما يشي بأن ملفات عدة ستطرح سواء أمنية أو سياسية أو دبلوماسية وكذلك على صعيد المساعدات الدولية ودعم المؤسسة العسكرية وملف إعادة الإعمار والملف اللبناني السوري واليونيفيل".

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "كلاماً كثيراً انتشر في الإعلام حول شروط إسرائيلية ونية بإنشاء منطقة عازلة في الجنوب ومطالب تريد إدراجها على الورقة، لكن لبنان لم يتبلغ رسمياً أي شيء منها، أما موقفه فهو حاسم لناحية أنّه قام بخطواته وهو ماض بتحقيقها، وبات على إسرائيل أن تقوم بالخطوات المطلوبة منها، وعلى الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (أي فرنسا والولايات المتحدة) القيام بدورهما لناحية الضغط على إسرائيل للالتزام"، مشددة على أن "لبنان أقرّ أهداف الورقة الأميركية اللبنانية، وتبقّى على إسرائيل وسورية الموافقة عليها".

ولفتت المصادر إلى أن "لبنان ماضٍ بقرار حصرية السلاح بيد الدولة، وقد بدأ خطواته الأولى على صعيد المخيمات الفلسطينية، وسيستكمل سحب السلاح من جميع الأطراف، بما في ذلك حزب الله، فالسلاح يجب أن يكون بيد الدولة والجيش اللبناني فقط"، مشيرة إلى أن "الجيش اللبناني يعمل على خطته، وهو يحرص على ألا يكون بمواجهة مع أحد، وأن تكون الخطة تراعي مصلحة لبنان، وتحفظ سلمه الأهلي واستقراره، ومُنتظر أن ينتهي منها ويعرضها في جلسة مجلس الوزراء المقرّرة في الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل".

وحول مواقف حزب الله وحركة أمل الرافضة لمقررات الحكومة وغير المعترفة بها، والداعية إلى تحرّك احتجاجي في بيروت يوم الأربعاء، اكتفت المصادر بالقول "إن لبنان ماضٍ بالقرارات التي اتخذتها حكومته ولا تراجع عنها، والجيش اللبناني بات على مقربة من إنهاء خطته، والجميع مدعو في مجلس الوزراء لمناقشتها في الثاني من سبتمبر". من جهته، أكد مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، أن "لا بحث ولا نقاش بأي مسألة وضمنها السلاح في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ومواصلة إسرائيل احتلالها مواقع لبنانية وأسرها لبنانيين"، مشدداً على أن "لا اعتراف بقرارات الحكومة وعليها التراجع عنها".

سلام: لضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها

ولا يزال السيناتور الأميركي دارين لحود يجول على المسؤولين اللبنانيين، حيث التقى اليوم الاثنين رئيس الوزراء نواف سلام، ووزير المال ياسين جابر، بعدما كان قد اجتمع يوم السبت مع الرئيس جوزاف عون، الذي أبلغه بأن لبنان ينتظر الرد النهائي الإسرائيلي على الورقة التي حملها برّاك. ونوّه لحود خلال لقائه سلام "بما قامت به الحكومة اللبنانية حتى الآن من إجراءات لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، بالإضافة إلى الإصلاحات القضائية والمالية الجارية"، معتبراً أنّ هذه الخطوات تساهم في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.

وأكد أنّ الجيش اللبناني يقوم بدور أساسي في تعزيز الأمن والاستقرار، مشدداً على سعيه المتواصل داخل الكونغرس الأميركي لضمان استمرار دعم الجيش. كما جرى التطرّق إلى أهمية تجديد ولاية قوات اليونيفيل في هذه المرحلة لمساندة الجيش اللبناني على تعزيز انتشاره في الجنوب.

بدوره، شدّد رئيس مجلس الوزراء على ضرورة احترام إسرائيل سيادة لبنان وانسحابها من الأراضي التي ما زالت تحتلها، بما يمكّن الجيش من استكمال انتشاره في الجنوب، ووقف أعمالها العدائية والإفراج عن الأسرى، تمهيداً لبدء مسار إعادة الإعمار والتعافي. كما أكّد أنّ الجيش اللبناني هو جيش لكل اللبنانيين، وأن دعمه وتزويده بالقدرات اللازمة يشكّلان ركيزة أساسية لتعزيز الأمن والاستقرار. ميدانياً، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، حيث أعلنت وزارة الصحة اللبنانية اليوم الاثنين أن "غارة العدو الإسرائيلي بمسيرة استهدفت رابيد على طريق عين المزراب - تبنين، قضاء بنت جبيل، أدت إلى سقوط شهيد".

وزير يدعو لتوفير ضمانات يحتاجها لبنان

وجدّد وزير المالية ياسين جابر التأكيد على أن المطلوب من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي توفير ضمانات جدية يحتاجها لبنان تكون قادرة على تأمين استقرار دائم للجنوبيين ولكل أبناء المناطق التي تستهدفها الاعتداءات الإسرائيلية. وشدّد أمام وفد من الكونغرس الأميركي استقبله في مكتبه في وزارة المالية برئاسة لحود وبحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، على أن "البيئة الجنوبية والبقاعية وأبناء الضاحية هي بيئة تنشد العيش الكريم ولا تهوى الحروب، وهي تتمسك بكل ما يطمئنها إلى حاضرها ومستقبلها، لكن السؤال من يطمئنها إلى ذلك؟ ومن أين تتوافر لها عناصر الاطمئنان ما دامت إسرائيل ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تستبيح على مدار الساعة الأرض والأجواء وتعتدي وتغتال وتدمر وترفض الانسحاب من المناطق التي احتلتها وتمنع الأهالي من الاقتراب من بيوتهم وأرزاقهم ولا من رادع لها؟".

وقال جابر "ندرك أن المنطقة تمر بمتغيرات كبرى، وأعتقد أن لبنان التزم بما عليه لكن على الأطراف الأخرى أن تلتزم بما عليها"، مؤكداً أن "القاعدة الأساسية لأي بناء للدولة ولإصلاح مؤسساتها والنهوض باقتصادها هو الاستقرار، وهذا الأخير لا يتوقف على إرادة الدولة والتزامها بمندرجات أي اتفاق أو قرار، إنما على جهود تفضي إلى نتائج حاسمة تسمح للبنان باستنهاض شامل لكل قطاعاته والاستفادة من موارده ومنها البدء بورشة التنقيب عن نفطه في المنطقة الخالصة التي مضى على ترسيمها قرابة الخمس سنوات".

وتطرق جابر إلى "الإصلاحات التي قامت بها الحكومة وأقرها المجلس النيابي"، مشيراً إلى "الدور الكبير الذي قام به رئيس المجلس النيابي للإسراع في إقرارها"، لافتاً إلى أنه "وعلى عكس ما يشاع، إلى أن نواب ووزراء ما يسمى الثنائي الشيعي كانوا ولا يزالون من أوائل الداعمين لكل قرار أو تشريع في هذا المجال، ومن أوائل الداعمين لقيام الدولة القادرة على حماية شعبها وحفظ أمنها واستقرارها". بدوره، أكد لحود "حرص الولايات المتحدة على دعم لبنان وجيشه"، مشدّداً على أن ما تريده بلاده هو أن ترى لبنان مزدهراً وينعم شعبه بالسلام.

المساهمون