لبنان: نتائج جولة الحريري الخارجية وما يتوقع من زيارة باسيل لموسكو

لبنان: نتائج جولة الحريري الخارجية وما يتوقع من زيارة باسيل إلى موسكو

27 ابريل 2021
عقدة تشكيل الحكومة لم تحل بعد (حسين بيضون)
+ الخط -

لم تأتِ الجولات الخارجية المرفقة بالحراك الدبلوماسي في لبنان بأي نتيجة واضحة حتى اليوم بشأن فك عقدة تشكيل الحكومة، لا بل عاد منطق التحدّي بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه صهره النائب جبران باسيل، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.

ويرى الفريق الأول في الحريري رأس التعطيل ويكرّر اعتباره رئيساً "سياسياً حزبياً" لحكومة يفترض أن تحمل عنوان "الاختصاصيين"، وبدأ يبحث في سبل سحب التكليف منه، وهو ما لمّح إليه باسيل في كلمته الأخيرة، السبت الماضي. في المقابل، يرد الفريق الثاني كرة الاستقالة إلى مرمى رئاسة الجمهورية ويؤكد أن الحريري لن يعتذر.
وأكد مصدر قيادي رافق الحريري في جولاته الخارجية، التي كانت آخرها موسكو وروما، لـ"العربي الجديد"، أنّ الرئيس المكلَّف لن يتراجع عن مهمة تشكيل الحكومة. وشدد المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، على أن الحريري لمسَ تأييداً في مختلف زياراته لأهمية إخراج الملف من التجاذبات السياسية والتلاقي حول مصلحة لبنان التي تتطلب حكومة بأسرع وقتٍ ممكن تضع العناوين الإصلاحية أساس عملها ومهامها الإنقاذية، لافتاً إلى أنّ الحريري قدّم الكثير من التنازلات، منها على مستوى حجم الحكومة، لأنه يدرك مخاطر المماطلة والتأخير، ولكنه لم يُبادل بالمثل.
وشدد المصدر، الذي فضل عدم نشر هويته، على أنّ الخارج يعلم الجهات التي تعطّل ولادة الحكومة وهو ما يدفع الحريري إلى التمسّك أكثر بموقعه وعدم الانسحاب في الوقت الراهن، مشيراً إلى أنّ الرئيس المكلف سمع خلال زياراته الخارجية ومحادثاته، ولا سيما مع الأوروبيين، كلاماً مختلفاً هذه المرّة ويتمحور حول العقوبات التي ستطاول المعطّلين.
وفي إطار الحراك اللبناني الخارجي، وتحديداً إلى روسيا، التي استقبلت سابقاً وفد "حزب الله" ومن ثم الرئيس المكلف، يستعدّ باسيل للذهاب، مساء غد الأربعاء، إلى موسكو ولقاء عدد من المسؤولين الروس وبجعبته ملفات عدة سيطرحها على الطاولة، أبرزها الملف الحكومي، وقضية اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على وصفهم بالنازحين). وتسود توقعات بأن يستغل باسيل الزيارة لبعث رسائل إلى معارضيه ولا سيما الحريري، بأنه غير معزول ولا يمكن إقصاؤه عن أي من الاستحقاقات اللبنانية الداخلية، علماً أن هناك تعويلاً على هذه الزيارة والدور الروسي على الصعيد الحكومي وما إذا كانت هذه الزيارات المتتالية ستترجم بخرق للجمود الحكومي.
وبخصوص ذلك، يقول أسعد درغام، النائب في "تكتل لبنان القوي" (يرأسه باسيل ويمثل التيار برلمانياً)، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة روسيا تأتي في إطار المشاورات التي يجريها "التيار الوطني الحر" على كافة الصعد وفي مختلف الملفات اللبنانية، لافتاً إلى أن موسكو لديها علاقات صداقة مع مختلف الأطراف اللبنانية وتقوم بعملية تشاور مع أصدقائها في لبنان، "ونحن نتأمل خيراً من أي دور روسي يمكن أن يُلعب على صعيد الأزمة الحكومية أو الاقتصادية والمالية".
وجدد درغام نفي الاتهامات التي تساق بحق عون بأنه يتمسك بالثلث المعطل، قائلا إن الرئيس اللبناني يريد أن يكون دوره محترماً على صعيد الشراكة في تأليف الحكومة. وأوضح أن صيغة الحريري بـ18 وزيراً تضرب نوايا الاختصاص، إذ لا يمكن الجمع بين حقيبتين في حالة الاختصاصيين، وهنا أهمية الاتفاق على حكومة عشرينية.

في السياق، يرى مصدر دبلوماسي روسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ موسكو تهتم كثيراً بالملف اللبناني، لكنها لا تحمل أي مبادرة كالتي صدرت عن باريس، وهي تحرص على التأكيد في كلّ زيارة ولقاء بأنّ الملف الحكومي شأن داخلي، لكنها تضع إمكاناتها في الوقت نفسه لإيجاد أي حلّ أو للمساعدة على تقريب المسافات بين القوى السياسية.
وتابع قائلا إن روسيا على مسافة واحدة من الجميع ولا تضع فيتو على أي شخصية سياسية لبنانية وقد تكون الدولة الوحيدة المتابعة للملف اللبناني التي تستقبل كل المسؤولين السياسيين الذي يمثلون مختلف الأحزاب حتى المعارضة منها والتي استقالت من البرلمان، كونها تعرف التركيبة اللبنانية وأهمية حصول تسوية أو توافق تمهيداً لإنهاء أي أزمة وخصوصاً حكومية.

في غضون ذلك، بعث البابا فرنسيس رسالة إلى عون، أكد خلالها أن "لبنان لا يمكنه أن يفقد هويته ولا تجربة العيش الأخوي معاً التي جعلت منه رسالة إلى العالم بأسره".
وأشار بيان الرئاسة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، إلى أنّ البابا فرنسيس جدّد رغبته في أن تتحقّق زيارته إلى لبنان وشعبه، مؤكداً على "صلاته الحارة على نية اللبنانيين لكي يحافظوا على الشجاعة والرجاء في المحنة التي يجتازونها".

واحتلَّ الفاتيكان المشهد اللبناني في الفترة الأخيرة ولا سيما مع لقاء الحريري، الأسبوع الماضي، البابا فرنسيس، الذي أعلن أنه يرغب بالمجيء إلى لبنان بعد تشكيل الحكومة، متحدثاً عن أهمية الإسراع بهذه العملية. وقد ربط اسم الفاتيكان مع البطريركية المارونية في إطار المساعي لتذليل العقبات التي تحول دون ولادة الحكومة، وحث المسؤولين في لبنان على ضرورة الاتفاق والتواصل لمواجهة المخاطر التي تحاصر البلاد.