يواصل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي نشاطه بشكلٍ طبيعي في الحكومة، معوِّلاً بحسب معلومات "العربي الجديد"، على دورٍ فرنسيٍّ قد تظهر معالمه قريباً، واتصالات داخلية مكثفة للتدخل على خطّ "حزب الله".
ويرفض "حزب الله" حتى الساعة التهدئة، ناسفاً جميع المبادرات ومحاولات ميقاتي ومن خلفه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب "مغازلة" السعودية.
ووسط المواقف الهجومية لـ"حزب الله" وإصرار وزير الإعلام جورج قرداحي على عدم الاستقالة إلّا مقابل ضماناتٍ بأن خطوته ستعيد فك القيود الدبلوماسية والاقتصادية من جانب السعودية، تراقب "حركة أمل" الأزمة من بعيدٍ وقد أوعز رئيسها نبيه بري إلى نوابه ومسؤوليه بعدم مقاربة ملف العلاقات اللبنانية السعودية، والخليجية أيضاً، وهو ما يمكن ملاحظته عند الاتصال بنواب "أمل" الذين يفضلون عدم التحدث في هذا الموضوع بالذات "كي لا يزيدوا الأمور تعقيداً"، بحسب ما قال عدد منهم لـ"العربي الجديد".
وأشار النائب قاسم هاشم من كتلة "التنمية والتحرير" برئاسة بري لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الصمت أبلغ من الكلام الذي أصبح يضرّ أكثر مما ينفع والبلد اليوم بحالة جمود سياسية وما بعد السياسة".
وعن تدخل الرئيس بري عند حليفيه "تيار المردة" (يترأسه سليمان فرنجية) و"حزب الله" لتليين موقفهما ومحاولة تقريب المسافات بينهما وبين ميقاتي، يقول هاشم "عندما يرى رئيس مجلس النواب أن هناك إمكانات متوفرة للعب أي دور، فلن يتأخر خدمة لمصلحة البلد وسيتدخل في التوقيت المناسب".
وقال مصدر مقرّب من ميقاتي لـ"العربي الجديد" إن "رئيس الوزراء استمزج آراء الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وطلب من بري تليين موقف حزب الله والتدخل لتهدئته والمساعدة في إيجاد المخرج، خصوصاً أنّ الجواب الأول الأسرع على خريطة الطريق التي رسمها للحل من السراي الحكومي جاءها الرد السريع من تصريح لوزير الإعلام بعدم الاستقالة قبل أن تأتيه الضربة الثانية ببيان كتلة حزب الله النيابية".
اتصالات مكثفة
وأشار المصدر إلى أن "الاتصالات مكثفة اليوم على أكثر من جهة داخلية وخارجية أوروبية وعربية وأميركية والمسعى الأهم يتمثل في إعادة تفعيل عمل الحكومة والدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء.. لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تعني الحكومة والساعات المقبلة ستكون فاصلة".
من جهته، يختصر عضو كتلة "المستقبل النيابية" (برئاسة سعد الحريري) بكر الحجيري لـ"العربي الجديد" المشهد بقول "من لا يُستَمع إلى رأيه لا رأي له"، وذلك في معرض ردّه على مبادرة ميقاتي وما قابلها من مواقف لقرداحي و"حزب الله".
وأشار الحجيري إلى أن "من وافق على تشكيل حكومة بهذه الطريقة، عليه أن يتحمّلَ المسؤولية والقضية ليست مرتبطة بدلع جورج قرداحي وغيره، بل بلبنان ككل الذي لا يتحمّل المماطلة والتمييع وتضييع الوقت وهو في حال انهيار وإفلاس".
ولفت إلى أن "وضع ميقاتي صعب جداً ولن يخرج منه، لأن الحكومة معروفة تركيبتها سلفاً، ومبادرته لن تسلك أي مسار للحل، وهو طالب في كلمته أمس بالعودة إلى الضمير، وبرأيي من يتعاطى بالبلد بهذه الطريقة لا يريد أي منحى إيجابي". وقال الحجيري "نحن في معتقل لبنان وناسه في معتقل بكل ما للكلمة من معنى".
امتعاض فرنسي
على صعيدٍ متصل، قال مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد" إن "هناك امتعاضاً فرنسياً من مجرى الأمور في لبنان، وكيف أن الحكومة لا تجتمع أبداً في ظلّ كل هذه الأزمات الاقتصادية"، واكتفى بالقول إن "أي مبادرة فرنسية جديدة تتطلب لقاء قادة لبنان السياسيين الذين بخلافاتهم يجرّون البلاد إلى مزيدٍ من الانهيار ولا يأبهون لمعاناة الشعب وما زالوا يتصارعون لأجل مصالح خاصة وحسابات سياسية ضيقة".
واجتمع ميقاتي اليوم مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا ورونيكا في السراي الكبير وقد تمحور البحث حول انعقاد جلسة مجلس الأمن في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وأشارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان إلى أننا "تطرّقنا إلى مجمل الأوضاع العامة في البلاد وقد شرح لنا ميقاتي أين نحن من هذه الأوضاع وأبدينا كل الدعم لعمل الحكومة مشجعين على المضي في الإصلاحات المطلوبة".