لبنان: معركة إسقاط مرشح باسيل لمنصب نائب رئيس البرلمان

لبنان: معركة إسقاط مرشح باسيل لمنصب نائب رئيس البرلمان

30 مايو 2022
من أمام مبنى البرلمان اللبناني (حسين بيضون)
+ الخط -

يجتمع مجلس النواب اللبناني المنتخب في جلسته الأولى غداً الثلاثاء لانتخاب رئيسه ونائبه وهيئة مكتبه، في استحقاقٍ يُتوقع أن ينتهي بإعادة انتخاب نبيه بري رئيساً لولاية سابعة إنما بغالبيةٍ خجولة قد لا تتعدى الـ70 نائباً بالحد الأقصى (من أصل 128 نائباً) "حسب التسويات"، وذلك للمرة الأولى منذ توليه المنصب عام 1992. فيما يُرجح أن تتخطى الأصوات المُعارِضة والأوراق البيضاء العدد الأعلى المُسجَّل عام 2005 والذي بلغ 37.

في المقابل، يحتدم الصراع على موقع نائب رئيس المجلس، الذي دائماً ما يُعدّ بمثابة "ظلّ بري"، علماً أن النائب السابق إيلي الفرزلي، الذي خسر الانتخابات الأخيرة، لطالما احتكر هذا المقعد. ويخوض المعركة عليه بالدرجة الأولى صهر رئيس الجمهورية، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، عبر مرشحه النائب الياس بو صعب، معوِّلاً على دعم وتدخّل من جانب حليفه "حزب الله" الذي يحرص على إبقاء المنصب في دائرة محوره وإقفال الباب أمام أي خرق ممكن. أما حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، فيسعى إلى كسر هيمنة "حزب الله" وحلفائه على الموقعَيْن.

رئاسة البرلمان محسومة لنبيه بري

ويتوجه النواب إلى ساحة النجمة في بيروت ضمن إجراءات أمنية طبيعية بعد إزالة الحواجز الإسمنتية وما سُمِّيَ بـ"جدران العار" في محيط البرلمان التي كانت تزنره منذ انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وفي ظلّ غياب أي منافس لبري على موقع رئاسة البرلمان مع حيازة الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" على كافة المقاعد المُخصصة نيابياً للطائفة الشيعية (27 نائباً)، تتجه الأنظار إلى كيفية توزع أصوات الكتل والتكتلات النيابية التي بغالبيتها حسمت قرارها.

ويضمن بري الحصول على أكثر من 65 نائباً، ضمنهم النواب الشيعة كلهم باستثناء جميل السيد، الذي لم يعلن ترشحه للمنصب لما اعتبره "مبارزة في غير مكانها".

وسيحوز بري أصواتا محسومة من كتلته "التنمية والتحرير" (15 نائباً)، وكتلة "حزب الله" (13 نائباً)، و"إنماء عكار" (11 نائباً بينهم قدامى تيار المستقبل)، و"التكتل الوطني المستقل" (3 نواب مشكّل من تحالف تيار المردة بزعامة سليمان فرنجية والنائبين فريد هيكل الخازن ووليم طوق).

وأعلن "الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط وتكتله "اللقاء الديمقراطي" (9 نواب) أنه سيصوت لصالح بري، كما من المتوقع أن يعتمد الخيار نفسه عدد من المستقلّين.

حديث عن تسوية لمنح أصوات بعض نواب تكتل باسيل لبري

في حين قد تؤول أصوات بعض النواب المحسوبين على تكتل باسيل، لكن من غير الحزبيين، في صالح بري بعكس قرار "التيار الوطني الحر". هذه الخطوة رُبِطَت بتسوية بين باسيل وبري، تقوم على أن يمنح الأول أصوات بعض النواب لبري كي يحظى بأصواتٍ من الطائفة المسيحية ولو "خجولة"، مقابل تصويت العدد نفسه من نواب بري لصالح مرشح باسيل لموقع نائب الرئيس وهو الياس بو صعب، الذي تقصَّد باسيل ترشيحه رغم علاقته المتوترة معه، بسبب علاقة بو صعب الجيدة مع بري، ومع عدد من القوى السياسية التي تختلف مع باسيل. وبدأ بو صعب منذ إعلان ترشحه رسمياً بجولة على الكتل النيابية في محاولة لكسب أصواتها.

وقال مصدرٌ في "التيار الوطني الحر" لـ"العربي الجديد" إن "تكتلنا يضم 18 نائباً، إضافة إلى 3 نواب من كتلة الأرمن، والنائب محمد يحيى كحليف، والموقف الأساس هو عدم انتخاب بري رئيساً لمجلس النواب، لكن هناك نواباً من خارج التيار قد لا يلتزمون بالقرار ولهم حرية الاختيار"، نافياً أن يكون تصويت هؤلاء لصالح بري ضمن تسوية.

أما حزب "القوات اللبنانية"، الذي يضم تكتله 19 نائباً، فيُعدّ من أبرز المعارضين لبري، ومن المتوقع أن يعمد نوابه إلى التصويت بورقة بيضاء. وكذلك لن يصوّت نواب حزب "الكتائب اللبنانية" (بزعامة النائب سامي الجميل وعددهم 4) لبري، كما لن يصوّت 14 نائباً من النواب التغييريين لبري، وهو حال عددٍ من النواب المستقلين وخصوصاً المعارضين الشرسين لـ"حزب الله" وحلفائه.

دستورياً، توقف الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام، في حديث مع "العربي الجديد"، عند إشكالية دستورية، تتمثل في كيفية احتساب الغالبية المطلقة لانتخاب رئيس البرلمان. وأشار إلى أن بري يجب أن يحصل على الغالبية المطلقة من أصوات المقترعين في الدورة الأولى لانعقاد البرلمان أو الثانية، وليس فقط النصف زائداً واحداً المتمثل بـ65 نائباً.

وشرح أن نصاب جلسة الثلاثاء لكي تُعقد هو حضور 65 نائباً، ولكن حتى يفوز بري لا يحتاج إلى 65 صوتاً كما يردد البعض ومن ضمنهم نواب، بل إلى غالبية المقترعين من دون المقترعين بأوراق بيضاء، بمعنى أن الاقتراع بالأوراق البيضاء أو الملغاة لا يحتسب عند احتساب الغالبية المطلقة.

وأضاف أنه تبعاً لذلك، فإن الأوراق البيضاء التي توضع كتعبير اعتراضي ضد بري، هي في الحقيقة تفيده، وتجعله يؤمّن الغالبية بسهولة في ظل عدم وجود منافس له. ولكنه أشار إلى أن "حساب الأغلبية أو النصاب دائماً ما يعود ويتغير تبعاً لاجتهادات بري، وسنرى الثلاثاء كيف سيصار إلى احتساب الغالبية المطلقة"، وفق قوله.

صراع على منصب نائب رئيس مجلس النواب اللبناني

على صعيد موقع نائب رئيس البرلمان، فهذا المقعد مخصص لطائفة الروم الأرثوذكس، ويعدّ أبرز المنافسين النائب الياس بو صعب، والنائب غسان السكاف (خاض الانتخابات على لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي في البقاع الغربي) ويعد من الأسماء الأقرب للأحزاب المعارضة التقليدية والمستقلين.

في حين يتردد أيضاً من جانب التغييريين أسماء مثل نقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف، الذي أكد عدم ترشحه، وهناك خلاف حول تسميته نظراً لعلاقته الجيدة مع بري، إضافة إلى النائب الياس جرادة الذي كسر هيمنة الثنائي؛ حزب الله وحركة أمل في الجنوب.

التصويت غامض على صعيد منصب نائب الرئيس

وبعكس الصورة شبه الواضحة لخريطة التصويت لبري، فإنّ التصويت غامض على صعيد نائب الرئيس، علماً أن "اللقاء الديمقراطي" أعلن أنه سيصوت لصالح السكاف، الذي حظي بدعم إضافي بإعلان النائب سجيع عطيه الانسحاب لصالحه.

وتعقد مختلف القوى السياسية اجتماعاتها ليل اليوم الإثنين من أجل حسم موقفها، خصوصاً "التغييرية" والمعارضة للثلاثي "حزب الله" - "حركة أمل" - "التيار الوطني الحر".

هذه القوى تسعى إلى إسقاط بو صعب، ودراسة وضع كل مرشح للمنصب وعدد الأصوات التي يمكن أن يحوزها قبل إعلانها موقفها منه، من هنا جرت اجتماعات وتشاورات في هذا الإطار لمحاولة الاتفاق على اسم واحد.

وقال النائب عن "القوات اللبنانية" جورج عقيص، لـ"العربي الجديد"، إن جلسة الثلاثاء هي بمثابة تعداد للسياديين والتغييريين، وتكريس بأن الأكثرية أصبحت بيد السياديين.

وأضاف أنه لا يكفي حمل شعارات خلال المرحلة الانتخابية، بل يجب ترجمتها في وحدة الموقف على صعيد كل الاستحقاقات، ومن ضمنها نيابة رئاسة مجلس النواب، لافتاً إلى أن عدم التوافق على هذا المنصب يعني عدم القدرة على التوافق لناحية باقي الاستحقاقات.

ولفت إلى أن "فوز بو صعب بموقع نائب الرئيس يجعل من الأقلية المتراصة، أي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، قادرة على التحكّم بالقرارات الأساسية في الدولة، خصوصاً أن القوى التي تقف بوجهها غير قادرة على توحيد موقفها وكلمتها".

وأشار إلى أن "القوى السيادية تخوض معركتها بوجه هذا الثلاثي، لكن بشكل متفرق، في حين يجب قراءة خطورة المرحلة والتعالي على الذاتيات وقيادة المواجهة تحت عناوين كبيرة تحتم وضع الخلافات جانباً".

عقيص: نحن أمام فرصة لتكريس أكثرية جديدة سيادية تغييرية

ورأى عقيص "أننا أمام فرصة لتكريس أكثرية جديدة سيادية تغييرية، من هنا لم يسعَ حزب القوات لفرض مرشح، بل فتح الباب أمام التشاور والتواصل والاتفاق على مرشح واحد ولو كان من خارج القوات".

ولفت في المقابل إلى أن "كتلة القوات ستجتمع مساء اليوم الإثنين لتحدد موقفها لناحية انتخاب نائب الرئيس، أما موقفها على صعيد الرئاسة فبات معروفاً بعدم انتخاب بري الذي لا يملك المواصفات السيادية".

في السياق، أكد مصدرٌ نيابي في حزب "الكتائب"، لـ"العربي الجديد" أن الحزب لم يحسم موقفه بعد من انتخابات نائب الرئيس.

من جهته، قال الكاتب السياسي جورج شاهين، لـ"العربي الجديد"، إن يوم الثلاثاء "سيشهد تجديداً لبري، ولكن الفارق سيكون حجم الأصوات التي سينالها، واعتقد أنه سيفوز من الدورة الأولى"، لافتاً إلى أن الاجتماعات تبقى قائمة مساء اليوم بانتظار بلورة تسوية غريبة عجيبة بين تكتل باسيل وبري برعاية "حزب الله".

وأضاف: "يحكى عن صفقة 8 بـ 8 أو 5 بـ5 نواب بين باسيل وبري، أي يصوّت 5 نواب من تكتل باسيل من غير الحزبيين لصالح بري، والعدد نفسه من كتلة بري لصالح بو صعب، وذلك لتأمين أكثر من 65 صوتاً لانتخاب بري رئيساً من الجولة الأولى، وتعزيز حظوظ بو صعب".

مع الإشارة إلى أن كتلة "التنمية والتحرير" لم تعلن عقب اجتماعها اليوم الإثنين أي اسم تدعمه لموقع نائب الرئيس، واكتفت بالإشارة إلى أنها "اتخذت القرارات الملائمة حيال البنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة، ومنها انتخاب نائب رئيس المجلس وأميني السر والمفوضين الثلاثة".

ورأى شاهين أن "انتخاب بو صعب تحديداً نائباً لبري، بغضّ النظر عن عدم أهمية هذا الموقع كثيراً والدور الذي يلعبه، من شأنه أن يعيد فرض المعادلة ذاتها تماماً كما كانت، مع العلم أنه في ظل ما يحكى عن احتمال كبير بتكليف نجيب ميقاتي مجدداً برئاسة الحكومة، فهذا يعني أننا سنكون أمام عودة الترويكا ميشال عون - نبيه بري - نجيب ميقاتي، ما يقطع الأمل بحصول أي تغيير ويكسر فرحة نتائج الانتخابات".