لبنان: مخاوف من تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية

02 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 16:17 (توقيت القدس)
من موقع غارة الاحتلال على الضاحية الجنوبية لبيروت، 1 إبريل 2025 (إبراهيم عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتصاعد المخاوف في لبنان من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل بسبب الهجمات الإسرائيلية المتزايدة، وسط غياب تحرك دولي جدي وردود فعل داخلية متباينة حول التطبيع.
- تتزايد الضغوط الخارجية على لبنان لنزع سلاح حزب الله، مع ربط هذا الملف بوقف الاعتداءات الإسرائيلية والمساعدة في إعادة الإعمار، مما يعكس تعقيد المشهد السياسي اللبناني.
- تلقى الرئيس اللبناني دعوة لزيارة العراق لتعزيز العلاقات الثنائية، مع تحسن العلاقات مع سورية، وأهمية تعزيز التعاون مع الدول العربية لتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي.

ضغوطات تقودها الولايات المتحدة لنزع سلاح حزب الله

تباينات لبنانية بدأت تظهر في ما خصّ موضوع التطبيع مع إسرائيل

الدر: إسرائيل تريد فرض أمر واقع جديد ومعادلات بقوّة النار

تتصاعد المخاوف في لبنان من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وتفلّت الأوضاع الأمنية، مع تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وغياب أي تحرّك دولي جدّي لردع الاحتلال، لا بل إنّ الاعتداءات، وخصوصاً على الضاحية الجنوبية لبيروت، حظيت بدعمٍ أميركي مُعلَن، وذلك بالتزامن مع ضغوطاتٍ تقودها الولايات المتحدة لنزع سلاح حزب الله وإجراء مفاوضات مباشرة لحلّ النقاط الخلافية بين لبنان وإسرائيل.

ولا تخفي الأوساط السياسية اللبنانية قلقها من التطورات الأخيرة، ولا سيما الضربتين الإسرائيليتين على الضاحية الجنوبية لبيروت، وعودة تفعيل حزب الله خطابه حول جهوزيته للمواجهة في ظلّ استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما يُبقي جميع السيناريوهات مفتوحة، بما في ذلك السيناريو العسكري، خصوصاً أنّ الحل السياسي الدبلوماسي لا يزال معقداً حتى لبنانياً، في ظلّ الخلافات الداخلية حول ملفات أساسية ذات صلة، على رأسها السلاح.

وعلى وقع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، تزداد الضغوط الخارجية والرسائل، منها المبطّنة، بضرورة نزع سلاح حزب الله، وربط هذا الملف بوقف الاعتداءات، والمساعدة في إعادة الإعمار، والنهوض الاقتصادي، مع تماهٍ أيضاً في الموقف لدى جهات لبنانية تطالب بدورها بوضع جدول زمني لاحتكار الدولة السلاح، ربطاً بخطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون والبيان الوزاري لحكومة نواف سلام، على رأسها القوى السياسية المعارضة لحزب الله، يتقدمها حزب القوات اللبنانية، صاحب الحصة الوازنة في الحكومة، خصوصاً وزارة الخارجية.

أيضاً، هناك تباينات لبنانية بدأت تظهر في ما خصّ موضوع التطبيع مع إسرائيل، وقد خرجت أصوات مطالبة بسلوك هذا المسار، رغم الرفض اللبناني الرسمي، منها الموقف الذي أعلنه، اليوم الأربعاء، النائب وليد البعريني، بقوله إن "التطبيع لا يحل بالمزايدات والعنتريات. نعم للتطبيع إذا كان يحمينا من الاعتداءات. نعم للتطبيع إذا كان يسترجع أرضنا ويضمن عدم احتلالها. نعم للتطبيع إذا كان يمنح لبنان سلاماً وازدهاراً نفتقده منذ سنوات. نعم للتطبيع ولا لمعاندة المسارات العربية، وعلى رأسها المسار الذي تقوده السعودية".

في هذا الإطار، تقول مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "المخاوف قائمة طبعاً من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، خصوصاً أن لا ضمانات خارجية بعدم حصول ذلك، رغم الجهود الدولية التي تبذل في هذا الإطار، والسلطات اللبنانية تكثف اتصالاتها لمحاولة لجم إسرائيل، لكن التجارب معها تبقي القلق موجوداً". وتشير المصادر إلى أنّ "هناك أولويات يجب السير وفقها، على رأسها وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والانسحاب من المواقع الخمسة التي لا يزال جيش الاحتلال يتمركز فيها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. أما الملفات الباقية فهي مطروحة على الطاولة، ضمنها سلاح حزب الله، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت، ولا يحصل بالضغوطات العسكرية والسياسية، والدولة ملتزمة بما تعهّدت به"، مشددة على أنّ "لبنان ليس بوارد الحديث عن التطبيع، ولن يخضع لأي ضغوط بهذا الإطار".

وتلفت المصادر إلى أنّ "الوقت اليوم هو للوحدة الوطنية والتعاون، وليس لتصفية الحسابات، فالوعي مطلوب لتمرير هذه المرحلة الصعبة، وإنقاذ لبنان"، مشيرة إلى أنّ "لبنان ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار، ويقوم بكل الجهود اللازمة في إطار التحقيقات لمعرفة هوية مطلقي الصواريخ، وعلى الدول الراعية للاتفاق، أميركا وفرنسا، التحرك بجدية أكبر وسرعة للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها".

وضمن المواقف الصادرة اليوم عن حزب الله، طالب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي "الدولة ‏اللبنانية رئيساً وحكومةً ومؤسسات بأن تفي بالتزاماتها، وبتنفيذ ما ورد في خطاب القسم والبيان ‏الوزاري حول دحر العدوان، وحماية اللبنانيين، وإعادة الإعمار". وقال جشي: "على الرغم من مضي أشهر عدة، لم نرَ حتى اليوم أثراً إيجابياً من خلال الجهود ‏الدبلوماسية لمنع الاعتداءات اليومية التي يقوم بها العدو، وآخرها الاعتداء على الضاحية الجنوبية، ‏وأنّه حتى اليوم لم نلمس أي إجراء عملي من قبل الدولة في ما يتعلق بما التزمت به حول إعادة الإعمار"، وأشار إلى "أننا من دعاة بناء الدولة القوية العادلة، القادرة على حماية شعبها، وحفظ مصالح المواطنين، ‏وعندما تكون الدولة عاجزة عن ذلك فمن حق الشعب والمقاومين أن يستخدموا كل الإمكانات المتاحة ‏لحماية أنفسهم وحماية أرزاقهم".

كاتب سياسي لبناني: ذاهبون إلى مزيد من الضغوط

في هذا الإطار أيضاً، يعتبر الكاتب السياسي حسن الدرّ أنّ "المقاومة ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك لبنان، فيما لم تلتزم إسرائيل به، وقامت بأكثر من ألفي خرق منذ 27 نوفمبر"، مشيراً إلى أنّ "الخروقات ستبقى مستمرّة وإلى تصاعدٍ، وبدأنا نرى ذلك باستهدافين للضاحية الجنوبية لبيروت، وقد نرى تكراراً لها، سواء باستهداف شخصية معينة أو ادعاء ذلك، وكله لزيادة الضغط على لبنان، كما قال رئيس البرلمان نبيه بري سابقاً، لجرّ البلد إلى التطبيع والسلام مع إسرائيل وغير ذلك، وكلّه بالقوّة، وهذه منهجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

ويؤكد الدرّ لـ"العربي الجديد"، أنّ "لبنان ليس بهذا الوارد، وهذه مسألة تحمل مخاطر عدة على النسيج اللبناني وتركيبة لبنان، الذي هو غير جاهز للسلام ولا للتطبيع مع العدو مهما كانت الأكلاف أو الضغوطات، سواء من قبل إسرائيل أو أميركا"، لافتاً إلى أنّ "إسرائيل تريد فرض أمر واقع جديد ومعادلات بقوّة النار وبالخروقات".

ويشير المتحدث ذاته، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تسليم السلاح، وكما قال الرؤساء الثلاثة والبيان الوزاري، هو خاضع لحوار داخلي ضمن استراتيجية أمن قومي وطني، وحزب الله لا مشكلة لديه بالنقاش بالموضوع تحت هذا السقف، وغير ذلك لن يسلم سلاحه". ويضيف الكاتب السياسي اللبناني: "ذاهبون إلى مزيد من الضغوط، وهذه (الكركبة) كلها لن تنتهي إلا بانتهاء الأزمة مع إيران، سواء عن طريق الحل السياسي أو الحرب، فهذه العقدة النهائية بالإقليم بالنسبة إلى الأميركيين والإسرائيليين، من هنا سنكون أمام مرحلة صعبة ومعقدة، وفيها الكثير من المشاكل والتحديات".

عون إلى العراق قريباً ومنحى إيجابي بين لبنان وسورية

على صعيد آخر، تلقى الرئيس اللبناني جوزاف عون دعوة رسمية لزيارة العراق وجهها إليه رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونقلتها القائمة بأعمال السفارة العراقية في بيروت ندى كريم مجول. وتأتي الدعوة، بحسب الرسالة، لـ"بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان والعراق، وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يساهم في توطيد أواصر التعاون المختلفة".

وحمّل عون مجول شكره للدعوة، واعداً بتلبيتها، ومؤكداً "عمق العلاقات بين لبنان والعراق وضرورة تعزيزها في كل المجالات"، مؤكداً أنه "يقوم بجهود لمعالجة موضوع الصادرات اللبنانية ككل بشكل جذري"، لافتاً إلى أنه لقي تجاوباً عندما طرح موضوع رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية خلال زيارته إلى السعودية، مشدداً، في المقابل، على أهمية أن يتخذ لبنان إجراءات ضرورية من شأنها أن تسهّل هذا الأمر وتعيد الثقة مع الدول العربية.

وأشار الرئيس اللبناني إلى أنّ "الأمور بدأت تأخذ منحى إيجابياً مع سورية، وسنباشر باتخاذ خطوات لتطوير العلاقات وبحث القضايا المشتركة، ومن بينها ترسيم الحدود، والترانزيت، وغيرها، على أمل أن نستفيد من الفرصة التي لدينا مع العالم العربي لما فيه مصلحة لبنان"، وقال إنه "ستكون هناك لقاءات متتابعة مع المسؤولين في السعودية في الزيارة المرتقبة إليها، والتي ستشهد درس اتفاقيات متبادلة تفسح في المجال أمام اللبنانيين والسعوديين لإعادة العلاقات المتجذرة في التاريخ إلى سابق عهدها".