لبنان: قرار تاريخي من الحكومة وحزب الله يدرس خيارات جلسة الخميس
استمع إلى الملخص
- انقسمت الآراء حول القرار بين مؤيدين يرونه خطوة لبناء الدولة، ومعارضين يعتبرونه استجابة للإملاءات الخارجية، مما يعقد الوضع الأمني والسياسي.
- شهدت الجلسة الحكومية نقاشات حادة، مع انسحاب بعض الوزراء، وأكدت الحكومة التزامها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، مع تعويل على دور نبيه بري وحزب الله لتجنب الصدام.
اتخذت الحكومة اللبنانية الثلاثاء قراراً وُصِف بـ"التاريخي" إثر تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، في خطوة اعتُبرت بمثابة إعلان صريح بعدم شرعية سلاح حزب الله بعدما كان يُدخَل على مرّ عقود على المعادلة الذهبية المعروفة بـ"الجيش والشعب والمقاومة".
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن مجلس الوزراء قرّر في جلسته "استكمال النقاش في الورقة التي تقدّم بها الجانب الأميركي إلى يوم الخميس في 7 أغسطس/آب الجاري، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحددة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية وحدها وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
وانقسمت الآراء حول مقرّرات مجلس الوزراء التي اتخذت في جلسة أمس الثلاثاء بين مؤيد لها باعتبارها خطوة تاريخية، يتبقى منها التطبيق الجدّي بحصر السلاح ضمن المهلة المحددة، وقد استوعبت الضغط الخارجي كما الداخلي، بضرورة اتخاذ السلطات اللبنانية تدابير ملموسة باتجاه بناء الدولة.
واعتبر وزير العدل عادل نصار (محسوب على حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل)، أن "قرار الحكومة خطوة مهمة على طريق بناء الدولة، وحصر السلاح بيد السلطات الرسمية، على أمل أن يُصار يوم الخميس إلى الموافقة على المقترح الأميركي، بالإجماع وإلا فبأغلبية واسعة".
في المقابل، اعتبرت المواقف المؤيدة لحزب الله أن ما حصل تنفيذ للإملاءات الأميركية ومن خلفها الإسرائيلية وانقلاب على خطاب القسم والاستراتيجية الدفاعية والبيان الوزاري، والمواقف التي كانت متمسكة بأولوية التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما من شأنها أن تضع الحزب في وجه الجيش اللبناني، معتبرة أيضاً أن على الدولة قبل الشروع في خطوة كهذه أن تواجه الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الأراضي اللبنانية، وضمنها ما حصل ليلاً بعد انتهاء الجلسة باستهداف محافظة بعلبك الهرمل، ما أسفر عن سقوط شهيدٍ.
من جانبه، قال النائب عن قوى التغيير، فراس حمدان إن "القرار يعتبر مدخلاً ضرورياً لإعادة الاعتبار لمنطق الدولة بأبسط تعريفاته"، معرباً عن تطلعه إلى "ما سيليه من قيام الدولة بواجباتها في تثبيت الأمن والاستقرار وحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية وضمان الانسحاب من الأراضي المحتلة وعودة الأهالي إلى قراهم".
وشهدت الجلسة أمس نقاشاً طويلاً في ملف السلاح، خرج بمقرّرات بالغة الأهمية لناحية تكليف الجيش وضع الخطة التنفيذية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، على أن يستكمل البحث في ورقة الموفد الأميركي توماس برّاك يوم غدٍ الخميس، وبحسب معلومات "العربي الجديد"، ارتفعت حدّة النقاش بعض الشيء مع إطلالة الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، وتصعيد موقفه برفض تحديد جدول زمني تحت سقف الاحتلال، بحيث إن الوزراء المعارضون تمسكوا بضرورة البت بالموضوع، في ظل الضغوط والحصار الذي سيتعرض له لبنان.
وقبل انتهاء الجلسة، انسحب وزيرا البيئة والصحة التابعان للحزب وحركة أمل (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري)، اعتراضاً على المقررات التي ستخرج بها الحكومة، فيما تمايز الوزير فادي مكي، المعروف أنه "الوزير الشيعي الخامس"، بالبقاء، وتسجيل تحفظه بالشق المتعلق بـ"وضع مهلة زمنية قبل أن يقدم الجيش اقتراحه، وقبل أن يستكمل النقاش بحضور جميع الوزراء في الجلسة المقبلة"، الأمر الذي عرّضه لهجوم من مناصري الحزب، علماً أن هناك أيضاً وزيرين محسوبين على الثنائي تغيّبا عن الجلسة بداعي السفر.
وأوضح مكي بعد الجلسة أن موقفه ينطلق من "قناعة راسخة بأنّ هذه النقاشات يجب أن تُستكمل برويّة ومسؤولية، بما يضمن مصلحة جميع اللبنانيين ويحمي هواجسهم المشروعة، وبما ينسجم في الوقت نفسه مع البيان الوزاري الذي التزمنا به، لجهة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد قواها الشرعية، وتأكيد أولوية تأمين الانسحاب الإسرائيلي من جميع النقاط التي لا تزال تحتلّها إسرائيل، ووقف الأعمال العدائية بحراً وبراً وجواً ووقف الاغتيالات وإعادة الأسرى".
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجلسة مرّت بسلام رغم كل شيء، ولم تشهد أي مواجهات أو إشكالات، بل نقاشات موسعة"، معربة عن أملها في أن "يشارك الجميع في جلسة يوم الخميس لاستكمال البحث بنقاط أساسية مهمة"، لافتة إلى أن "كل ما خرج به مجلس الوزراء ارتكز إلى خطاب القسم الرئاسي والبيان الوزاري واتفاق وقف إطلاق النار، وانطلاقاً من تأكيدات سابقة للرئيس جوزاف عون بأن ملف السلاح سيكون منحلّاً في نهاية العام، وهو متمسك بذلك".
وأشارت المصادر إلى أن "تكليف الجيش بوضع الخطة لا يعني أن الدولة تخلّت عن مطالبها الأخرى، فهي متمسّكة بضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها وإطلاق سراح الأسرى"، لافتة إلى أننا "رغم التهويل والسيناريوهات التي تُرسم، خصوصاً أمنياً، لكن هناك تعويل على رئيس البرلمان نبيه بري كما على حزب الله بأن لا تذهب الأمور نحو الصدام، في المقابل فإن الأجهزة الأمنية متأهبة وهي موكلة بالحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد".
مصدر نيابي في حزب الله: الورقة الأميركية لا تخدم إلا إسرائيل
من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب الله حريص على السلم الأهلي، ومشاركته في الجلسة تعني انفتاحه على النقاش، لكن الاعتراض كان بالتسرّع في اتخاذ القرار في حين يجب أن يكون البحث معمقاً أكثر خصوصاً في الورقة الأميركية، التي تحمل أفخاخاً عدة، وهي لا تخدم سوى المصلحة الإسرائيلية". وأشار المصدر إلى أن "الدولة عليها أولاً أن تطالب بانسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها وإطلاق الأسرى لديها، ولا يمكن البقاء متفرجة على استمرار الخروقات ومنها حصل مساء أمس، ولا يمكن أن تتخذ قراراتها تحت الضغوطات والتهديدات وبناء على انخراط جماعات داخلية في المشروع الخارجي"، لافتاً إلى أن "مشاورات تحصل وستستمر خصوصاً مع رئيس البرلمان نبيه بري قبل جلسة يوم الخميس، بحيث سندرس جميع الخيارات من الجلسة".
على مقلبٍ آخر، لم يقتصر امتعاض جمهور حزب الله من المقررات التي اتخذتها الحكومة بشأن السلاح، بل أيضاً الموافقة على طلب الرئيس عون بتعديل اسم الجادة الممتدة من طريق المطار باتجاه نفق سليم سلام من "جادة حافظ الأسد" إلى "جادة زياد الرحباني"، معبّرين عن اعتراضهم على هذه الخطوة، ومشددين على أن تسمية الشوارع هو قرار بلدي بامتياز.