لبنان: سيناريوهات عدّة لجلسة الحكومة وسط محاولات لتفادي أي صدام
استمع إلى الملخص
- من المتوقع أن يعرض قائد الجيش خطته على مجلس الوزراء، مع احتمال تأجيل القرارات. قد ينسحب وزراء الثنائي إذا طُرحت الخطة للتصويت، مما يثير جدلاً حول الميثاقية. رئيس الوزراء نواف سلام يؤكد على حصر السلاح بيد الدولة.
- دعا الرئيس جوزاف عون للتضامن الوطني، بينما أكد نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب على الحوار لتطبيق اتفاق الطائف. حزب الله يعارض تسليم السلاح، معتبرًا أنه يكشف لبنان أمنيًا.
يتّجه وزراء حزب الله وحركة أمل إلى المشاركة في جلسة الحكومة المقرّرة يوم الجمعة في القصر الجمهوري، للاطلاع على خطة الجيش التطبيقية لحصر السلاح في لبنان، من دون حسم خطوتهما لناحية الانسحاب، على غرار ما حصل في الجلسة الأخيرة في 7 أغسطس/ آب الماضي، تاركين كل الاحتمالات مفتوحة، ربطاً بالنتائج والقرارات التي قد تُتخذ.
وتتواصل الاتصالات بين القوى السياسية، وخصوصاً على خطّ الرئاسات الثلاث، لمحاولة التوصّل إلى توافق مسبق على مسار يوم الجمعة، تجنّباً لأي صدام قد يحصل، علماً أن هناك آراء متباينة، وانقسامات واضحة في الرؤى، وتُعدّ الأكثر تشدداً تلك الصادرة عن حزب القوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع)، الذي يملك 4 وزراء في حكومة الـ24 وزيراً، بعكس الوزراء المحسوبين على الحزب التقدمي الاشتراكي (يترأسه تيمور وليد جنبلاط)، والرئيس جوزاف عون، الذين يتمسّكون بخطاب أكثر هدوءاً وميلاً إلى التلاقي.
وتؤكد مواقف حزب القوات اللبنانية ضرورة المضي قدماً بالقرار، ووضع سقف زمني واضح لتنفيذ الخطة، رافضاً ما يحكى عن احتمال عدم وضع مهلة زمنية محددة، بغية تفادي الصدام الداخلي، معتبراً أن الفرصة اليوم سانحة، خصوصاً أنّ الثنائي لم يعد بيده الثلث المعطّل على غرار الحكومات السابقة، ما يفقده بالتالي قيمة بقائه أو خروجه من الحكومة، وهو ما تُرجم باتخاذ قرارات وزارية بالرغم من اعتراض وانسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل.
وفي هذا الإطار، تبرز سيناريوهات عدّة لجلسة يوم الجمعة، التي يترأسها الرئيس جوزاف عون، ولا سيما في ظل الانقسامات والتباينات السياسية حولها، بما في ذلك، موقف الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يميل أكثر إلى التوافق لا الصدام، والالتزام بالبيان الوزاري بعيداً عن التأثيرات الخارجية، وقد عبّر زعيمه السابق وليد جنبلاط، في تصريحه الأخير، عن أن الحل هو الحوار لإقناع حزب الله، لأن أمينه العام نعيم قاسم محق حين يعتبر أن السلاح هو روح أنصاره، معتبراً أن واشنطن طرحت على لبنان إملاءً إسرائيلياً، مؤكداً ضرورة أن يجري الانسحاب الإسرائيلي بالتوازي مع أي عملية نزع للسلاح.
ومن أبرز السيناريوهات، أن يعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل خطته على مجلس الوزراء لمناقشتها، على أن يُستكمل البحث بها أو اتخاذ القرارات بشأنها في جلسة لاحقة، وذلك إفساحاً في المجال لمزيد من الدراسة، وهو المسار الأكثر ترجيحاً، إلى جانب احتمال طرح الخطة على التصويت، وبهذه الحالة سينسحب وزراء الثنائي، ويعتبرون أي قرار صادر فاقداً للميثاقية، كما حصل إبّان قرارات جلستي 5 و7 أغسطس الماضي، ما يفتح الباب أمام إشكال سياسي بشأن القانون والنظام، في ظلّ انقسام الآراء حول مفهوم الميثاقية، وغيرها من السيناريوهات التي ستبقى مفتوحة حتى ساعة انعقاد الجلسة.
في السياق، تقول مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الوزراء نواف سلام مصمّم على المضي قدماً بحصر السلاح بيد الدولة، وأنه عرض الأوضاع مع قائد الجيش، وهناك حرص متبادل على تطبيق القرارات بما يخدم مصلحة لبنان ويحفظ الاستقرار والسلم الأهلي، ولا يمكن توقع ما سيحصل يوم الجمعة، أو اتخاذ قرار مسبق بشأنه، فالأمر مرتبط بوقائع الجلسة، والمناقشات التي ستحصل". وتشير المصادر إلى أن "المطلوب من جميع الوزراء المشاركة في الجلسة، وفي مناقشة خطة الجيش اللبناني، وهذه مناسبة أيضاً للحوار، على غرار مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، فكل وزير له أن يعرض أفكاره وآراءه وملاحظاته"، لافتة إلى أن "التمسّك بمبدأ حصرية السلاح لا يعني التخلي عن ثوابت أخرى، على رأسها ضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها على لبنان، وتحرير الأسرى اللبنانيين، وإطلاق مسار إعادة الإعمار".
وتشدد المصادر على أن "لبنان تبلّغ بزيارة هذا الشهر للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وهذه ستكون مناسبة لمطالبة فرنسا، بوصفها راعية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بتكثيف الضغط على إسرائيل للقيام بخطواتها، إلى جانب عرض التحضيرات لمؤتمري دعم الجيش اللبناني وإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، وكيفية مقاربة المرحلة ككل".
وخلال لقاءاته في قصر بعبدا، اليوم الثلاثاء، دعا الرئيس جوزاف عون جميع اللبنانيين إلى مشاركته في بناء "هذا الوطن الذي لا بديل لنا عنه، فأنا أعلنت مراراً أني لم آتِ لأشتغل سياسة، بل لأبني مع اللبنانيين من جديد". وقال: "لا نريد الشعبوية ولا الغوغائية ولا الشعارات الزائفة، نريد أن نحمي لبنان وندفع إلى قيام الدولة من جديد بكل مؤسساتها السياسية، والأمنية، والقضائية، والإدارية، ونطوي صفحة الماضي المؤلم، ونفتح صفحة المستقبل، مستخلصين العبر من الأخطاء التي ارتُكبت بحق الدولة".
وإذ شدد عون على أنه يتفهم هموم اللبنانيين وقلقهم ويدرك حجم معاناتهم، فإنه طمأنهم إلى "أننا أمام فرصة لا نريد أن تضيع في غياهب الأنانية، والمصالح الذاتية، والحسابات الطائفية أو المذهبية أو الحزبية". وأضاف "هذه الفرصة يمكن أن تضع لبنان على برّ الأمان، وتحمي وطننا من شظايا البركان المتفجر في المنطقة، ولا بد من التضامن الوطني للوصول إلى حماية لبنان". وتابع: "يدي بيد جميع اللبنانيين لمواجهة التحدي الذي قبلته يوم انتُخبت رئيساً للجمهورية. ويهمّنا أن نبني وطناً يواكب التطور. لذلك آليت على نفسي أن أعمل لأعيد إلى لبنان مجده وتألقه، ولن يتحقق ذلك إذا لم يؤمن اللبنانيون بوطنهم، ويعملون على تجاوز كل المصالح الضيقة، بهدف التركيز على المصلحة الوطنية العليا".
نائب رئيس البرلمان: لا بد من الحوار
من جهته، قال نائب رئيس البرلمان اللبناني، إلياس بو صعب، بعد لقائه، الثلاثاء، مع سلام: "أمام الحكومة اليوم فرصة للذهاب نحو التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وهو أمر يتطلب بطبيعة الحال حواراً وتشاوراً"، وأضاف: "قد يُبدي البعض انزعاجاً من الدعوة إلى الحوار بسبب التجارب السابقة مع طاولات الحوار، لكن لا شيء يمكن أن يتحقق من دون حوار".
وأكد بو صعب أن جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل "هي محط أنظار اللبنانيين جميعاً، غير أنّ هناك بعض الأمور العالقة أمام نجاحها. وفي هذا الإطار، كان البحث مع دولة الرئيس حول كيفية تسهيل انعقاد الجلسة وضمان نجاحها، بحيث لا يخرج اللبنانيون بخيبة أمل نتيجة الخلافات. وقد سألتُ الرئيس سلام إذا كانت الجلسة ستُخصّص فقط لمناقشة الخطة التي وضعها الجيش اللبناني، خصوصاً أنّ مجلس الوزراء لم يجتمع إلا مرة واحدة منذ نحو شهر، فيما هناك بنود أخرى ملحّة تنتظر إقرارها، وقد أكد انفتاحه على إدراج أي بند آخر طارئ وضروري".
وأردف بو صعب: "أعتقد أن هذا التوجه من الممكن أن يؤدي إلى حلحلة تلبي تطلعات اللبنانيين وحل مشاكلهم. كما أشير إلى أنّ جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق رئيس الجمهورية لإيجاد المخرج المناسب، مع قناعتي بأنّ فخامته سيكون له دور أساسي في هذا الاتجاه"، وقال بو صعب: "يمكن القول إنّ الأجواء تتجه نحو جلسة هادئة بشكل أساسي وبعيدة عن الخلافات الإضافية، على أمل أن تُترجم إلى خطوات إصلاحية حقيقية، سواء في الشق المالي أو الاقتصادي أو الأمني".
وفي إطار المواقف السياسية الصادرة عن حزب الله اليوم، قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" البرلمانية، النائب حسين جشي، إنّ "تسليم السلاح يندرج في سياق كشف لبنان أمنياً أمام العدو الصهيوني المتغطرس والمتجبر، الذي يرتكب كل أنواع الإجرام والأذى أمام أعين العالم في فلسطين، خاصة أن الجيش اللبناني غير قادر على تنفيذ مهمة حماية لبنان وحده، فهو بحاجة إلى التسلّح وإلى القرار السياسي".
وطالب جشي الحكومة بـ"التراجع عن القرار الخطيئة، لأنه يكشف لبنان أمنياً في المرحلة الأولى، ويكشفه عسكرياً واقتصاديا لاحقاً، ويخوّل العدو بالتدخل في كل الشؤون اللبنانية صغيرة كانت أو كبيرة، ويمنحه الفرصة للسيطرة الكاملة على مفاصل البلد ومؤسساته، بحجة منع إدخال السلاح للمقاومة".