لبنان: دعوات لمسيرة شعبية وبري يغلق الباب على بدائل الحريري

لبنان: دعوات لمسيرة شعبية وبري يغلق الباب على بدائل الحريري

14 يونيو 2021
لقاء مطروح بين الحريري وبري غداً الثلاثاء(حسين بيضون)
+ الخط -

تشهد شوارع لبنان حالة غليان شعبي، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، يقابلها استمرار الأحزاب التقليدية بتبادل كرة التعطيل الحكومية والنأي بنفسها عن مسؤولية الانهيار والمتاجرة بوجع الناس لفرض شروطها وتعزيز موقعها في السلطة وتحريف مطالب الشارع اللبناني عبر إغفال ندائه الأساس بـ"سقوط المنظومة الحاكمة وتشكيل حكومة انتقالية إنقاذية من خارج السياسيين المتهمين بالتكافل والتضامن و"التسويات" عن غرق البلاد بالأزمات.

وأقفل محتجون، اليوم الإثنين، عدداً من الطرقات ولا سيما في شمال لبنان وصيدا جنوباً اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار الذي تجاوز للمرة الأولى من بدء الأزمة في أواخر عام 2019 عتبة الـ15 ألف ليرة لبنانية ما يفقد العملة الوطنية حوالي 92 في المائة من قيمتها وتنديداً بمشاهد الذل أمام محطات الوقود والصيدليات والأفران.

القرار للشعب
وخرجت دعوات من مجموعات مدنية للمشاركة في مسيرة شعبية بعد ظهر غد الثلاثاء، في بيروت تنطلق من المتحف إلى وسط المدينة وذلك تحت شعار "القرار للشعب" للمطالبة بحكومة انتقالية خارج المنظومة السياسية من رأسها إلى أعضائها تحمل خطة إنقاذية ومن ثم التحضير للانتخابات النيابية المقبلة المفترض عقدها في مايو/أيار 2022 بهدف إعادة إنتاج السلطة.

حكومياً، أسبوعٌ لبنانيٌّ جديدٌ يُضاف إلى المهل "الحاسمة" التي تحدّد مسار الملف ومصير رئيس الوزراء المكلَّف سعد الحريري الذي يلوّح كل فترةٍ بالاعتذار قبل أن يعودَ ويعلِّقَ خطوته في اللحظاتِ الأخيرة تلبيةً لـ"نداء" رئيس البرلمان نبيه بري بالتريث، ورفض المجلس الشرعي الأعلى و"لوبي" رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة، تمام سلام ونجيب ميقاتي المسّ بصلاحيات وموقع الرئاسة الثالثة الذي هو بالنسبة إليهم "خطّ أحمر".

ويشدد نائب رئيس "تيار المستقبل" مصطفى علوش، في حديثه مع "العربي الجديد"، على إن تأخر اعتذار الحريري مردّه إلى إصرار رئيس البرلمان على تمديد محاولاته في إطار مبادرته الحكومية، وربطاً بنتائج اجتماع المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، ورؤساء الحكومة السابقين.

الاعتذار قائم

ويؤكد نائب الحريري أن خيار الاعتذار قائمٌ وواردٌ بشكل جديّ، بيد أنّ الأرقام التي تُحدد كتواريخ لهذه الخطوة، أي خلال يوم أو يومين وثلاثة وأربعة ليست دقيقة، فالقضية غير مرتبطة بالتوقيت بل تتصل بالمستجدّات ونتائج المحادثات.

ويكشف علوش أنّ اللقاء بين الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري غداً الثلاثاء مطروحٌ، كذلك قد يبادر الرئيس المكلف إلى تقديم تشكيلة وزارية جديدة للرئيس ميشال عون لكن في حال استمرّ الفريق المعطّل (قاصداً الرئيس عون ومن خلفه باسيل) بوضع العراقيل فإنّ هذه الخطوة لن تحدث.

ويحرص علوش في المقابل على التأكيد أن أي تشكيلة سيقدمها الحريري ستكون حكماً مطابقة للمواصفات نفسها على صعيد تأليف حكومة من اختصاصيين مستقلين غير حزبيين لا ثلث معطّلاً فيها، وأن يسمّيَ الرئيس المكلف كلّ الوزراء بغض النظر عن طوائفهم وذلك بالتوافق مع الرئيس ميشال عون وهو ما لا يريده باسيل حتى اليوم ويصمّم على اختيار وزراء حزبيين ويتمسّك بالثلث المعطل من بوابة السيطرة والتحكّم واستخدامه أداةً لإقالة الحريري ساعة يشاء.

ويفضل علوش عدم استباق خطوات "تيار المستقبل" التي ستلي اعتذار الحريري فيما لو حصل، لكنه يؤكد إن خيار الاستقالة من مجلس النواب غير مطروح حالياً، لكنه بالتأكيد سيلجأ إليه في حال سارت الأمور باتجاه تأجيل الانتخابات النيابية المفترض عقدها العام المقبل.
ويشير مصدر مقرّب من بري، لـ"العربي الجديد"، إلى إن باسيل يغامر بالبلد لغاية حساباته الضيقة ويفتعل المشاكل والمعارك في وقتٍ يفترض الوعي والهدوء والتحلّي بالمسؤولية، فهو يؤكد تعاونه مع مبادرة بري وفجأة ينسفها بمواقف شعبوية موجهة السهام إلى المجلس ورئيسه.

ووجّه رئيس البرلمان جملة رسائل إلى فريق رئيس الجمهورية وصهره باسيل بالدرجة الأولى من دون أن يسمّيه وذلك من خلال تصريحات صحافية خرج بها اليوم الإثنين بمواقف وضعت النقاط على الحروف أهمها صعوبة إيجاد بديل عن الحريري والتلويح بالخراب مع استمرار حال التردي والإشارة من جانب نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي إلى أن الاعتذار إذ حصل فسنبقى بلا حكومة حتى نهاية عهد الرئيس عون أي لغاية العام المقبل.

وفي الإطار نفسه، حذّر المكتب السياسي في "حركة أمل" (يرأسها بري) من "الاستمرار في تجاهل صرخات الناس وآلامهم وإضاعة الوقت والفرص والسعي إلى محاولة تكريس توازن الفراغ وتعميم الشلل".

من جهته، يقول مصدرٌ مسؤولٌ في "التيار الوطني الحر" لـ"العربي الجديد" إن التسويق لفكرة الحريري أو الفراغ الذي يعوّل أيضاً على "اعتكاف" حكومة تصريف الأعمال لأخذ البلاد إلى الانهيار الكامل يأتي من باب الضغط على الرئيس عون من خلال تحميله وحده مسؤولية الأزمات كممرّ للموافقة على شروط الرئيس المكلف والتنازل عن صلاحيات رئاسة الجمهورية وهو ما لن يحصل، مشيراً إلى إن الحريري "يلبّي مطالب" كل القوى السياسية "حكومياً" ويريد إقصاء التيار الوطني الحر وتخطي الرئيس عون.

المساهمون