لبنان: حل دستوري سياسي لـ"تشغيل الحكومة" وسط مخاوف من إطاحة البيطار

لبنان: حل دستوري سياسي لـ"تشغيل الحكومة" وسط مخاوف من إطاحة البيطار

26 أكتوبر 2021
اختتم البطريرك بشارة الراعي لقاءاته بالمسؤولين السياسيين اليوم (Getty)
+ الخط -

اختتم البطريرك الماروني بشارة الراعي، مساء يوم الثلاثاء، جولته بلقاء الرئيس اللبناني ميشال عون مُعلناً عن حلّ دستوري "على ضوئه قد تجتمع الحكومة من جديد"، فيما يخشى معارضو المنظومة السياسية أن يأتي ذلك من بوابة إطاحة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بعد عرض سيناريو "حرب أهلية مصغرة" وشدّ العصب الطائفي وتعطيل البلاد الغارقة في أخطر الأزمات الاقتصادية.

ورفض الراعي كشف أي تفاصيل عن الحل الذي اتفق عليه مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي التقاه أولاً، ومن ثم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ورحّب به عون، ومدى ارتباطه بقضية المحقق العدلي الذي استنفر المدعى عليهم، ومن خلفهم حماتهم السياسيون لإطاحته، أو بمسألة استدعاء رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى وزارة الدفاع للاستماع إليه الأربعاء على خلفية أحداث الطيونة.

ووسط "تكتم شديد على عناوين الحلّ الأساسية بهدف تعبيد الطريق أمام تنفيذه"، اكتفى مصدر مطلع على اللقاءات بالتلويح، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحل مرتبط بصيغة دستورية يعمل عليها الرئيس بري لمعالجة قضية البيطار من داخل البرلمان".

وأكد مصدر مقرّب من بري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الترابط موجود على صعيد الحل المنتظر وقضية المحقق العدلي واستئناف جلسات الحكومة"، مشدداً على أنّ "أي طرح ينطلق من قواعد العودة للأصول الدستورية والعمل وفقها"، غامزاً من قناة الصلاحية المعطاة أيضاً للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، علماً أنه غير مفعّل ومعطّل.

وشدد الراعي من قصر بعبدا على أن "الحل لا يكون بالشارع والسلاح والاستقواء وفرض الرأي بل بالسياسة والدستور"، تاركاً مهمة التنفيذ بيد الرؤساء الثلاثة.

ولفت البطريرك الماروني إلى أن "المواجهة التي شهدناها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة باتت من الماضي"، مشدداً على أن "الحل يجب أن نلمسه سريعاً وهو بيد المسؤولين وقد يظهر غداً".

واجتمع مجلس الوزراء اللبناني في 12 أكتوبر/تشرين الأول قبيل تعليق جلساته على خلفية التصعيد السياسي من جانب "حزب الله" و"حركة أمل" (بزعامة بري) بوجه المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت التي ترجمت إلى تهديدات طاولت رئيس الجمهورية من جانب وزراء الفريقين، مروراً بأحداث الطيونة التي أسفرت عن سقوط 7 قتلى وأكثر من 30 جريحاً، وسط تعدد الروايات حول الجهة التي نفذت الكمين أو أطلقت شرارة الاشتباكات الأولى وما تبع ذلك من تجييش طائفي كبير بلغ أوجه مع استدعاء جعجع.

وقال الراعي، في تصريح من عين التينة مقرّ الرئاسة الثانية، إنّ "الحلول التي تفضل بها بري أنا مقتنع بها وسأعمل مع المراجع المعنية عليها، وما نريده قضاء حر مستقل بكل معنى الكلمة لا قضاء مسيراً ولا قضاء تحت الضغط الحزبي ولا الديني ولا الطائفي".

أضاف "أحببت أن نلتقي سوياً ونتكلم في كل الهموم التي نعيشها، خاصة القضايا التي وصل إليها لبنان، والحالة التي نحن بها من القضاء، وقضية الحكومة المعطلة، ونتائج ذلك كلها تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية".

واستنفر الراعي أيضاً من بوابة استهجان استدعاء جعجع للاستماع إليه رغم تأكيده أنه لا يملك معطيات، وأنها " لدى القضاء الذي يجب أن يتصرّف بحرية واستقلالية وموضوعية وضميرية".

ونفى البطريرك أن تكون هناك مقايضة بين ملف تفجير مرفأ بيروت وأحداث الطيونة، وقال "هناك حلول لهذه المواضيع وهناك خريطة طريق لها من المؤكد أن لا مقايضة في هذه القضايا".

وقبل أن يحطَّ في قصر بعبدا، التقى الراعي رئيس الوزراء نجيب ميقاتي قبيل سفره، وقال "في هذا الظرف الصعب كان لا بدّ من أن نزور رئيس الحكومة حتى نتباحث كمسؤولين، كل من موقعه، عمّا يمكن القيام به أمام الواقع المرّ والخطير الذي نمرّ به والذي نعرفه جميعاً".

وأشار الراعي إلى أنّ "هذا اللقاء تلى زيارتي إلى الرئيس نبيه بري حيث أكدت أننا طرحنا تصورنا وموقفنا ونحن متفقون على الحلول نفسها انطلاقاً من الدستور والقوانين"، لافتاً إلى أنه "من هذا المنطلق أنا سعيد بأن أعود مطمئن البال بأننا لسنا في غرفة مقفلة من دون أبواب فهناك باب للحل ويجب بالإرادة الطيبة وروح المسؤولية أن يجري العمل بهذا الحل كي تستعيد البلاد الحياة".

 وتقدّم وكلاء جعجع بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يبينون فيها أن تبليغ جعجع غير قانوني.

كذلك، تقدّم وكلاء بعض الموقوفين بطلب تنحي القاضي عقيقي فرفض تسجيل طلب التنحي، الأمر الذي يعد مخالفاً للأصول القانونية، مما دفع وكلاء الموقوفين بطلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة، وفق ما أفاد موقع "القوات اللبنانية" الإلكتروني.

ويتحضر مناصرو "القوات" لتحركات الأربعاء على طريق معراب (مقرها)، وبكركي مقر البطريركية، استنكاراً لاستدعاء جعجع إلى وزارة الدفاع، وهم الذين يطالبون باستدعاء أمين عام حزب الله حسن نصر الله أولاً قبل غيره. علماً أن الراعي عندما سئل عن التحرك وما إذا كانت هناك محاولة لاحتوائه، قال "يجب أن يحصل ذلك وسأجري الاتصالات اللازمة"، ما يفتح علامات الاستفهام حول ضمّ استدعاء جعجع إلى خط الحل الذي يعمل عليه ووافق عليه الرؤساء الثلاثة.

وعلى وقع استنفار المرجعيات الدينية للدفاع عن المسؤولين السياسيين، استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، اليوم، في دار الفتوى، رئيس الوزراء السابق حسان دياب المدعى عليه بانفجار مرفأ بيروت والصادرة بحقه مذكرة إحضار، وقد حدد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يوم 28 أكتوبر جلسة استجوابه.

وقال المكتب الإعلامي لدار الفتوى في بيان إن "موقف المفتي من جريمة تفجير مرفأ بيروت لا يتغير بتغيير الزمان والمكان إما رفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء أو اعتماد الآليات الدستورية والقانونية المعمول بها في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".

وأبدى دريان حرصه على "تحقيق العدالة وأن يؤخذ بعين الاعتبار أن دياب يخضع للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بحسب ما نصّ عليه الدستور ولا يمكن أن نرضى بغيره إلا بعد التعديل والتوافق عليه في المجلس النيابي".

المساهمون