لبنان: حراك مكثف على ضفّتين تحضيراً لانتخابات الجنوب والنبطية

23 مايو 2025
جانب من التحضيرات للانتخابات في الجنوب، 23 مايو 2025 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهد لبنان استعدادات مكثفة للانتخابات في الجنوب والنبطية، مع اكتمال توزيع صناديق الاقتراع وانتشار الأجهزة الأمنية لضمان الأمن، رغم التهديدات الإسرائيلية المتزايدة.
- كثف لبنان اتصالاته مع الولايات المتحدة وفرنسا لوقف الاعتداءات الإسرائيلية خلال الانتخابات، لكن الاعتداءات استمرت، مما زاد التوتر في المناطق الجنوبية.
- تميزت الانتخابات بفوز لوائح حركة أمل وحزب الله بالتزكية في العديد من البلديات، بينما شهدت صيدا وجزين معارك انتخابية وتحالفات غير تقليدية، وسط دعوات للمشاركة الكثيفة.

بلغ الحراك في لبنان أعلى مستوياته، اليوم الجمعة، على ضفّتين؛ الأولى أمنية - إدارية - لوجستية، تحضيراً للانتخابات البلدية والاختيارية التي تنطلق صباح غدٍ السبت، في محافظتي الجنوب والنبطية في إطار الجولة الأخيرة، والثانية دبلوماسية، بتكثيف الاتصالات الدولية ولا سيما على الخطّ الأميركي والفرنسي للحصول على ضمانات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية خلال فترة الاستحقاق، خصوصاً عقب التصعيد الإسرائيلي الخطير أمس الخميس.

وعلى مستوى الضفة الأولى، أكدت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، أنّ الاستعدادات اللوجستية باتت شبه مكتملة على صعيد توزيع صناديق الاقتراع على المراكز، وتسليم المواد والمستلزمات المطلوبة لإنجاز العملية الانتخابية. وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية والعسكرية بدأت منذ أمس انتشارها في المناطق، وإقامة الحواجز وتسيير الدوريات، لحفظ الأمن والاستقرار.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أنّ "وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار أكد أمس أن الانتخابات قائمة في موعدها، وهي التزام من الدولة اللبنانية بإنجاز الاستحقاقات وتثبيت سيادتها على كل الأراضي اللبنانية، رغم التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية التي ارتفع منسوبها أمس الخميس، فالإصرار موجود لإتمام الاستحقاق، ونأمل أن يمرّ النهار الانتخابي على خير".

وعلى مستوى الضفة الثانية والاتصالات الدبلوماسية، أوضحت المصادر أنّ "لبنان لم يوقف اتصالاته مع رعاة اتفاق وقف إطلاق النار، أي الولايات المتحدة وفرنسا، للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، والانسحاب من المواقع التي تحتلها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين". وتابعت: "ولكن كثف (لبنان) أمس من اتصالاته مع اقتراب العملية الانتخابية في الجنوب، وعلى وقع التصعيد الإسرائيلي الخطير، وحصل على وعود بالمساعدة في هذا الإطار، والتشديد على الحرص الدولي على ضمان سلامة الانتخابات، لكن للأسف لا ثقة بالعدو، ولا ضمانات يمكن التوقف عندها".

وعشية الاستحقاق، واصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته اليوم الجمعة، بعد ليلة عنيفة شهدتها القرى الجنوبية، إذ استهدفت طائراته غرفاً جاهزة عند أطراف دير انطار، وبلدة شمع قضاء صور، كما ألقت مسيّراته قنبلة على بلدة عيتا الشعب قضاء بنت جبيل جنوبي لبنان من دون وقوع إصابات.

وتختتم غداً السبت الانتخابات البلدية والاختيارية من محافظتي الجنوب والنبطية، بعد جولات شملت أولاً جبل لبنان، فالشمال، من ثم بيروت والبقاع والهرمل، وعزّزت أكثر خصوصاً في المدن الكبرى، حضور الأحزاب التقليدية، التي أقامت تحالفات اعتبرت "الأغرب" بشملها الخصوم والأضداد، على رأسها العاصمة التي اتحدت فيها كل القوى السياسية بمختلف تلاوينها، تحت عنوان الحفاظ على المناصفة المسيحية الإسلامية.

المشهد في الجنوب والنبطية لن يكون مختلفاً، خصوصاً أنّ أكثر من 90 بلدية فازت فيها لوائح حركة أمل وحزب الله بالتزكية، في رقم هو الأعلى على مستوى الانتخابات، وذلك في ظلّ تمكن الثنائي من عقد تفاهمات عائلية ومحلية أرست التوافق، ورفعهما عناوين الوحدة المحلية، ومواجهة التحديات باستمرارية المقاومة مشروعاً تحريرياً، مع اتهامات طاولت الثنائي أيضاً بممارسة ضغوط على الناخبين، واستخدام خطاب التخوين، إلى جانب أن النظام الأكثري المعتمد في هذا الاستحقاق يصبّ في مصلحته، علماً أن بعض البلدات جنوبي لبنان ستشهد تنافساً من حالات اعتراضية كسرت هيمنة التزكية، بيد أن حظوظها ستكون مرتبطة بالدرجة الأولى بنسبة الاقتراع.

الأمر نفسه، على صعيد صيدا، حيث القوى السياسية تدخل بقوة على الاستحقاق، بينما تحاول المجموعات المدنية إحداث خرق علماً أن تشتتها يؤثر سلباً على النتائج التي ممكن أن تحققها، فيما تتجه الأنظار إلى جزين، حيث المعركة ستكون مسيحية، بين حزب القوات اللبنانية (يترأسه سمير جعجع) وحزب الكتائب اللبنانية (يترأسه النائب سامي الجميل) وعائلات محلية، بوجه التيار الوطني الحر (يترأسه النائب جبران باسيل) الذي عقد تحالفاً مع حركة أمل من خلال النائب السابق إبراهيم عازار، في محاولة لتقوية حظوظه، لا سيما بعد الخسارة التي مني بها في المدينة بالانتخابات النيابية الأخيرة.

وعشية الانتخابات، دعا رئيس البرلمان نبيه بري، أمس الخميس، لـ"الاقتراع بكثافة للوائح التنمية والوفاء خاصة في القرى الأمامية لإنتاج مجالسها البلدية ولاختيارية وللتأكيد من خلالها للمحتل الإسرائيلي ولآلته العدوانية أن هذه القرى العزيزة لن تكون إلّا لبنانية لأهلها ومساحة للحياة وليست أرضاً محروقة وسنعيد إعمارها ولن تكون شريطاً عازلاً مهما غلت التضحيات".

كذلك، توجّه الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إلى الجنوبيين بالقول: "يأتي استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية هذا العام كتَحدٍّ من تحديات ‏الصمود وقوة الموقف ‏والتمسُّك بالأرض وإعمارها بأهلها وبساتينها ‏وبيوتها وكلِّ أسباب الحياة فيها. كلُّ المراهنين مع العدوان ‏الإسرائيلي ‏ينتظرون النتائج". وشدد على أننا "لن نفرِّط بحبَّة تراب واحدة من جنوبنا المعطاء، ولن نقبلَ ببقاء الاحتلال ‏الإسرائيلي على أي شبرٍ من ‏أرضنا ووطننا. إن مشاركتكم الكثيفة في ‏الانتخابات البلدية والاختيارية جزءٌ من إعادة الإعمار التي ‏سنواكبها مع ‏البلديات المنتخبة، ومع الدولة اللبنانية التي يجب أن تتحمَّل مسؤوليتها".