لبنان: تعويل على لجنة المراقبة لوضع حدّ للخروقات الإسرائيلية

29 نوفمبر 2024
دورية لليونيفيل في مرجعيون جنوبي لبنان، 29 نوفمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تستمر خروقات جيش الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مما يهدد الهدنة ويزيد التوترات، بينما يعوّل لبنان على لجنة مراقبة القرار 1701 لوقف هذه الانتهاكات.
- الحكومة اللبنانية بقيادة نجيب ميقاتي تسعى دبلوماسيًا مع الولايات المتحدة وفرنسا للضغط على إسرائيل، مع تعزيز الجيش اللبناني انتشاره بالتنسيق مع اليونيفيل للحفاظ على الهدنة.
- رغم التوترات، تستمر التحضيرات لعودة الحياة الطبيعية في لبنان، مع التركيز على دور لجنة المراقبة في معالجة الانتهاكات والحذر من محاولات إسرائيل لجرّ لبنان إلى مواجهة جديدة.

على وقع وصول اللواء الأميركي المُكلَّف ترؤس لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701 إلى لبنان، يواصل جيش الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار لليوم الثالث على التوالي، والتي وصلت صباح الجمعة إلى حدّ إطلاق النار على مواطنين في بلدة الخيام جنوبي لبنان خلال تشييعهم أحد أبناء البلدة. وتتجه الأنظار في الساعات المقبلة إلى الدور الذي ستقوم به لجنة المراقبة فور تشكيلها ومباشرة عملها، بحيث يعوّل عليها الجانب اللبناني لوضع حدٍّ للخروقات الإسرائيلية التي من شأنها أن تُهدّد الهدنة، خصوصاً أنّ هذه الانتهاكات تترافق مع تصريحات الاحتلال بالاستعداد لحرب واسعة في حال خرق الاتفاق، وبأن وقف إطلاق النار لا يعني وقف الحرب.

وتقول مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "العدو يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بمزاعم عدّة، منها ضرب تحركات أو أهداف تابعة لحزب الله، وهي كلها مزاعم كاذبة، يتلطى خلفها لتبرير اعتداءاته، كما كان يفعل باستهدافه المدنيين والمسعفين وغيرهم، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي تواصل مع الأميركيين والفرنسيين، وجدّد مطالبته إياهم بالضغط على إسرائيل لوقف هذه الخروقات". وتشير المصادر إلى أنّ "العدو سبق أن خرق القرار 1701 عام 2006، واستمرّ بخرقه على مدى السنين، وهذا ما قاله لبنان وكرّره في كل المناسبات، واليوم يحاول فعل الأمر نفسه، كما يحاول جرّ لبنان إلى الحرب من جديد، وهذا ما لن يحصل، وكل الاعتماد اليوم على لجنة المراقبة لوضع حدّ للانتهاكات الإسرائيلية، ونأمل ذلك فور مباشرتها عملها"، لافتة إلى أنّ "لبنان لم يوافق على حرية الحركة لإسرائيل، والاتفاق ينص على حرية الدفاع عن النفس، وذلك في حال حصول اعتداء، الأمر الذي لم يسجل من الجانب اللبناني، ما يجعل خرقها فاضحاً للاتفاق".

وتستبعد المصادر الحكومية أن "تسقط الهدنة، أو أن تتجدّد الحرب، حتى أن لبنان باشر أعمال الصيانة، وفتح الطرقات، والتحضيرات لعودة النازحين، وتأمين المساعدات لهم، وإجراءات المسح الميداني، ويعوّل على عودة الحركة السياحية واستئناف شركات الطيران العربية والأجنبية رحلاتها، وقد بدأ يتبلغ بذلك، وبالتالي فإنّ الأجواء رغم الخروقات لا تشي بسقوط الهدنة، وحتماً لبنان لن يكون وراء إسقاطها، ولكن مع ذلك يجب أن نبقى حذرين كما دائماً مع العدو".

في الإطار، يقول مصدر عسكري لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس لجنة المراقبة سيجتمع اليوم مع قائد الجيش جوزاف عون، وسيتم وضعه في صورة ما يحصل في الميدان، ومن خروقات إسرائيلية للهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ فجر الأربعاء، سواء جوياً أو باستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة"، لافتاً إلى أنّ "الجيش اللبناني وضع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في صورة الخروقات التي حصلت وهي قيد المتابعة".

وأشار المصدر إلى أنّ "الجانب اللبناني ملتزم بشكل كامل بالقرار 1701، ولم يصدر عنه أي خرق، والجيش اللبناني منذ لحظة دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بدأ يعزز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وهو على تواصل وتنسيق مستمرّ معها".

ودعا ميقاتي خلال اتصال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الخميس، إلى "الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها للقرار، والتي تسببت بسقوط جرحى وأضرار مادية جسيمة". وشهدت الأيام الثلاثة من "هدنة الستين يوماً" سلسلة خروقات إسرائيلية، منها استهداف الاحتلال ساحة بلدة الطيبة، وبلدة الخيام، وسهل مرجعيون، بالقذائف المدفعية، وقصفه مرتفعات بلدة حلتا في قضاء حاصبيا، وتنفيذه غارة على الأطراف الشرقية لبلدة البيسارية التي تُعدّ خارج جنوبي الليطاني.

ويزعم جيش الاحتلال رصده نشاطاً داخل موقع لحزب الله كان يحتوي على قذائف صاروخية متوسطة المدى في جنوب لبنان، كما ورصده وصول عدد من المشتبه فيهم بعضهم كانوا يستقلون مركبات، إلى عدة مناطق في الجنوب اللبناني. ويواصل جيش الاحتلال إصدار بيانات تحذير إلى سكان أهالي الجنوب ضمن المناطق التي يحددها في بياناته لعدم العودة إلى بيوتهم حتى إشعار آخر، فارضاً حظر تجول في منطقة جنوب نهر الليطاني ضمن أوقات معينة.

وفي السياق، يقول رئيس الوفد اللبناني السابق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني بسام ياسين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك إجراءات كان يجب أن تحصل بالتزامن مع دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ويجري الإعداد لها ميدانياً، منها تشكيل اللجنة بشكل فوري دون تأخير أو انتظار، وانتشار الجيش اللبناني لحظة سريان الهدنة وقبل عودة المواطنين إلى قراهم لمنع حصول أي خلل، وإجراء مسح شامل للمنطقة لتنظيفها من أي ألغام أو قنابل عنقودية من أجل سلامة الناس، وغيرها من التدابير التي كان مفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار".

ويشدد ياسين على أنّ "الدولة اللبنانية وافقت على حرية الدفاع عن النفس للأطراف المتنازعة، وذلك بعدما رفضت منح حرية الحركة لإسرائيل داخل لبنان، والدفاع عن النفس يحصل عند تسجيل اعتداء، إذ لا يمكن قيام ردة فعل من دون فعل، بيد أنّ العدو الإسرائيلي يقوم بجملة استهدافات من دون أن يتعرّض لأي اعتداء، علماً أنّ أي خرق يحصل يفترض أن يتم التحقيق فيه من قبل اللجنة، ربطاً بالاتفاق، الأمر الذي لم يتم".

ويشير ياسين إلى أنّه "لو افترضنا أنّ العدو رصد نشاطاً لحزب الله، فهذا طبيعي الآن، فهو بالنتيجة يعمل على توضيب الأسلحة في المخازن وإخراجها من الميدان"، متسائلاً في الوقت نفسه: "بأي حقّ يريد الإسرائيلي أن يمنع المواطنين من الحركة أو التوجه إلى منازلهم؟"، لافتاً إلى أنّ "الإسرائيلي يحاول الافتراء على لبنان، ويرتكب كل هذه الخروقات لأنه يشعر وكأن الاتفاق "ربّطه"، خصوصاً أن هناك معارضة من الداخل الإسرائيلي وبعض الأحزاب، ما يدفعه إلى سلوك هذا المسار لتعويم نفسه، من هنا الحاجة اليوم ضرورية إلى سرعة تأليف اللجنة وبدء مهامها كي تتضع حدّاً لهذه الانتهاكات وتبدأ بمعالجتها فوراً".

ويستبعد رئيس الوفد اللبناني السابق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أن يردّ حزب الله على الخروقات الإسرائيلية، "إذ لا يريد أن يكون السبب بمشكلة جديدة، خصوصاً أن البعض يحمّله مسؤولية الحرب، علماً أن الإسرائيلي كان يخطّط لها منذ فترة، بالتالي سيحاول ابتلاع هذه المشاكل، على أمل أن يقوم الجيش اللبناني بعملية تفكيك هذه الألغام كلها". ويرى ياسين أنّ "التعويل اليوم على دور اللجنة، علماً أن هناك ملاحظات عدّة عليها. وبرأيي، اللجنة لا يجب أن تكون تحت أي قيادة من شأنها أن تعطي التعليمات والأوامر للجيش اللبناني"، لافتاً إلى أنّه "لا يستبشر خيراً من كل الاتفاق، باعتبار أن لا توازن بالموجبات بين لبنان وإسرائيل، فهو غير متكافئ، والمسؤوليات ليست متعادلة على كل الأطراف".