لبنان: ترقب لزيارة عون إلى السعودية وتعويل على آثار إحياء العلاقات

28 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 13:48 (توقيت القدس)
جوزاف عون بعد أدائه اليمين الدستورية رئيساً للبنان، 9 يناير 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى السعودية تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة قضايا مهمة مثل الأوضاع العامة في لبنان، الملف الأمني، وإعادة الإعمار، مع التأكيد على دور السعودية في دعم لبنان.

- تعمل لبنان والسعودية على تجهيز 22 اتفاقية تعاون في مجالات متعددة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، مما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي اللبناني من خلال ضخ العملات الصعبة وخلق فرص عمل.

- تأمل الحكومة اللبنانية في تجاوز التوترات السابقة مع السعودية واستئناف العلاقات على كافة المستويات، بما في ذلك رفع حظر السفر واستئناف الصادرات اللبنانية.

تتجه الأنظار إلى الزيارة المرتقبة للرئيس اللبناني جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية يوم الاثنين المقبل، في أول وجهة خارجية له منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث من المتوقع مناقشة ملفات عدة أبرزها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وذلك بعد فتور طويل شابها، إلى جانب بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والملف الأمني المتصل بوقف إطلاق النار واستمرار احتلال إسرائيل نقاطاً حدودية في الجنوب وانتهاكاتها للاتفاق، إضافة إلى مسألة إعادة الإعمار.

وتأتي الزيارة بعد دعوة تلقاها جوزاف عون من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عقب انتخابه رئيساً للجمهورية، ردّ عليها بالتأكيد أنّ "السعودية ستكون أول مقصد له في زيارته الخارجية إيماناً بدور المملكة التاريخي في مساندة لبنان والتعاضد معه وتأكيداً لعمق لبنان العربي أساساً لعلاقات لبنان مع محيطه الإقليمي"، على أن ينتقل بعدها الرئيس اللبناني إلى مصر للمشاركة في القمة العربية.

وكانت السعودية حاضرة بقوة على الساحة اللبنانية وبالاستحقاقات الأساسية على مرّ التاريخ، أبرزها في اتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، بيد أن العلاقة تراجعت في السنوات الماضية، خصوصاً في عهد الرئيس السابق ميشال عون، ووصلت إلى حدّ القطيعة، خصوصاً تجارياً واقتصادياً وسياحياً، في ظلّ تعاظم دور حزب الله في السلطة والقرار السياسي والعسكري اللبناني إلى جانب اعتبار أنشطته تهديداً للأمن القومي للدول العربية.

وعادت المملكة إلى الساحة اللبنانية من بوابة الاستحقاق الرئاسي في إطار اللجنة الخماسية التي ضمّت إلى جانبها قطر والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر، ولعبت دوراً أساسياً في إيصال قائد الجيش جوزاف عون إلى سدة الرئاسة، ما أنهى فترة شغور تجاوزت السنتين، ومن المتوقع أن تعزز حضورها في العهد الجديد خصوصاً مع تراجع نفوذ حزب الله وتبدّل التركيبة السياسية، لا سيما على مستوى الحكومة والوزراء الممثلين بها.

وتقول مصادر في قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الرئيس جوزاف عون سيؤكد خلال اللقاء المرتقب مع ولي العهد السعودي حرص لبنان على إعادة إحياء العلاقات مع المملكة، وتأكيد عزم بلاده على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية والخليجية، ووضع أسس جديدة للتعاون، والعمل على ألا يكون لبنان منصّة للهجوم على الخارج، خصوصاً الدول العربية، أو تصدير أي ممنوعات إليها".

وتلفت إلى أنّ "رئيس الجمهورية سيؤكد أيضاً عزم العهد الجديد، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، على بدء عملية الإصلاح، وهو مسار أساسي لإنقاذ لبنان ومؤسساته كما والحصول على دعم خارجي من أجل إعادة الاعمار والنهوض اقتصادياً بالبلاد، وسيطلب بهذا السياق أيضاً من المملكة رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان، كما واستئناف العلاقات التجارية". وتشير المصادر إلى أنّ "الاتفاقيات بين البلدين سيجرى التطرق إليها، لكن نستبعد التوقيع عليها باعتبار أنها لم تنجز بعد بالكامل والعمل يجرى على إكمال الأمور اللوجستية والقانونية المرتبطة بها".

مدير عام وزارة الاقتصاد: 22 اتفاقية سعودية لبنانية يجرى تجهيزها

في الإطار، قال مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المملكة العربية لطالما كانت تقف إلى جانب لبنان على المستويات كافة، وهناك بارقة أمل يلتمسها اللبنانيون عند الحديث عن الاتفاقيات التجارية مع الأخوة في السعودية". وأشار أبو حيدر إلى أنّ "الاتفاقيات عددها 22 وجرى تحضيرها مسبقاً وتجهيز الأرضية اللازمة لها منذ حوالي العام مع السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، ومنها اتفاقية للتعاون التجاري بين لبنان والسعودية، واتفاقية تفاهم للتعاون في مجال المعارض، واتفاقية تعاون في مجال الملكية الفكرية، واتفاقية تعاون في مجال حماية المستهلك، واتفاقية تعاون في مجال الحبوب، واتفاقية تعاون في مجال البيئة والزراعة والمياه، واتفاقية تعاون مع وزارة الإعلام، واتفاقية تعاون في مجال التربية والتعليم العالي، واتفاقية تعاون في المجال الثقافي مرتبط بدار الفتوى، واتفاقية تعاون في مجال الإسكان.

كما تشمل أيضاً "اتفاقية تعاون في مجال الاستثمار في مجال النقل البحري، واتفاقية للاعتراف المتبادل بشهادات الأهلية مرتبطة بموضوع الصادرات، واتفاقية تعاون في مجال نقل الركاب والبضائع عبر الحدود البرية، واتفاقية تعاون في مجال الدفاع المدني، واتفاقية تعاون في المجال القضائي، واتفاقية تعاون بين مصرف لبنان ومؤسسة النقد العربي السعودي، واتفاقية لتعزيز التعاون الفني في مجال المواصفات والمختبرات وأنظمة الجودة، واتفاقية تعاون جمركي، واتفاقية تعاون على صعيد الدفاع العسكري، واتفاقية تعاون لمكافحة الإرهاب، واتفاقية تعاون لتفادي الازدواج الضريبي منه التهرب الضريبي، واتفاقية تعاون بين المديرية العامة للطيران المدني في لبنان والسعودية".

ولفت أبو حيدر إلى أنّ "هناك بعض الإجراءات والأمور اللوجستية القانونية لا نزال بحاجة للسير بها، لكن الأمور شبه منجزة، ووُضعت مسودة لتلك الاتفاقيات بطريقة دقيقة جداً وحالياً يُعمل على ملء النواقص القانونية ومن المفترض أن تكون جاهزة بالقريب العاجل، لتُرفع وفق الأصول إلى الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام".

وأشار إلى أنّه "نلتمس خيراً بمردود هذه الاتفاقيات الإيجابي، من دون أن ننسى أن صادراتنا إلى المملكة كانت تصل إلى ما بين 700 مليون دولار و800 مليوناً، وبالتالي، فإنّ استئناف هذه العملية سيكون له أثر إيجابي سواء على ضخّ العملات الصعبة في لبنان وتحفيز النمو وإعطاء المصداقية وجرعة ثقة أكبر بالقطاعين العام والخاص، وفتح أسواق تجارية جديدة، وخلق فرص عمل، ما من شأنه أن يخفف بالتالي أو يؤدي إلى تراجع نسبة البطالة وتحسين القدرة الشرائية لدى المواطنين".

وشدد على أنّ "تفعيل العلاقات التجارية والاقتصادية مع المملكة سيكون له مردود إيجابي جداً على المستويات كافة بموجب الاتفاقيات، كما سينسحب حتى على القطاع المصرفي خصوصاً من خلال اتفاقية التعاون بين مصرف لبنان ومؤسسة النقد العربي السعودي"، آملاً أنّ تستعيد العلاقات التجارية والاقتصادية، كما السياحية، بين لبنان والمملكة زخمها.

وفي 23 يناير/كانون الثاني الماضي، تجلّت أولى صور إحياء العلاقات اللبنانية السعودية من خلال الجولة التي قام بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في بيروت والتقى خلالها المسؤولين اللبنانيين، وذلك بعدما لم يسجل لبنان منذ نحو 15 عاماً أي زيارة لمسؤول سعودي كبير إلى أراضيه.

وظهرت أبرز الخلافات بين البلدين عام 2021 مع استدعاء السعودية سفيرها في لبنان، ودعوته لمغادرة البلاد، إبّان تصريحات وزير الإعلام حينها جورج قرداحي التي اعتبر فيها أنّ قتال الحوثيين ضد السعودية هو دفاع عن النفس، علماً أن الحكومة اللبنانية تنصّلت من تصريحاته، وكانت سابقة لتوليه منصبه، واتخذت حينها البحرين والكويت والإمارات إجراءات مماثلة. وعمدت السعودية إلى وقف كافة الصادرات اللبنانية إلى أراضيها، الأمر الذي تسبب في خسائر بملايين الدولارات، في وقت كان لبنان يواجه فيه انهياراً تاريخياً بعدما فقدت عملته الوطنية أكثر من تسعين في المائة من قيمتها.

كما تدعو المملكة في كل مناسبة مواطنيها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية وعدم السفر إليه، وهي كلها قرارات يأمل العهد الجديد في لبنان أن تُطوى صفحتها وتُستأنف العلاقات على المستويات كافة.