لبنان: انتقادات للقاءات لودريان ومجموعات مدنية ترفض تلبية دعوته

لبنان: انتقادات سياسية للقاءات لودريان ومجموعات مدنية ترفض تلبية دعوته

06 مايو 2021
لم يدلِ لودريان منذ وصوله إلى بيروت بأي تصريح "سياسي"(حسين بيضون)
+ الخط -

لم يدلِ وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان منذ وصوله صباح يوم الخميس إلى لبنان بأي تصريح "سياسي"، رغم حركة اللقاءات المُكثفة، فيما واصلت الدوائر الفرنسية التكتم بشأن تفاصيل الجولة ونتائج المحادثات.

وبعد نهار طويل من التكهنات وتحاشي أوساط "تيار المستقبل" حسم مسألة لقاء رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وزير خارجية فرنسا، حصل الاجتماع مساء الخميس. وقال مصدرٌ شارك في اجتماعات الزائر الفرنسي لـ"العربي الجديد" أنه سمع كلاماً بأن لقاء لودريان الحريري يكون من بوابة موقعه كرئيس مكلف تشكيل الحكومة لا كرئيس تيار سياسي.

وسرت أجواء قبيل زيارة لودريان بأن إقصاء الحريري عن جولته من شأنه أن يمهِّد لاعتذار الرئيس المكلف عن تشكيل الحكومة، ورُبط الإقصاء أيضاً بغضب فرنسي من رفض الحريري لقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وإفشال المساعي الفرنسية في هذا الإطار.

وأكد مصدر في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد"، أن "لا مؤتمر صحافياً لوزير الخارجية من لبنان اليوم وسيغادر صباح غدٍ الجمعة بيروت، وقد يصدر بياناً يلخّص أجواء الاجتماعات التي بدأها مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري لكن الأمر غير محسومٍ بعد"، علماً أنّ مغادرة لودريان بيروت من دون عقد مؤتمر حدث نادر ومؤشر خطير يُبنى عليه للمرحلة المقبلة.

طابع "السرية التامة" الذي يطغى على جدول لودريان لم يثر وحده الجدل، بل أحدثت اللقاءات التي أجراها بلبلة كبيرة أولاً في أوساط الأحزاب السياسية التقليدية التي أُقصيت من المشهد واستُثنيَ منها "الكتائب اللبنانية"، الذي استقال نوابه عقب انفجار مرفأ بيروت، وثانياً في صفوف المجتمع المدني رغم تخصيصهم بالجزء الأكبر من الاجتماعات بوصفهم "قوى سياسية بديلة".

مشهد "غير مريح"

ويعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النيابية (يتزعمها بري) محمد خواجة في حديثه مع "العربي الجديد" أن تغريدة لودريان عشية زيارته لبنان بمجيئه لتوجيه رسالة شديدة اللهجة للمسؤولين السياسيين تبقى أقسى بكثير من عدم لقائه الأحزاب.

ويقول، "للأسف نتيجة وضعنا المهترئ، يتعامل معنا موفدو الدول كأنهم حكّام أو هناك انتداب قائم، ولو كنا دولة طبيعية ما كان وزير خارجية دولة أجنبية يقوم بزيارات من خارج الجدول الرسمي والجهات الرسمية بشكل يمسّ السيادة الوطنية، علماً أننا مع المبادرة الفرنسية التي نعتبرها خشبة خلاص لم نتلقفها"، مشدداً على أن "العطب في الوضع السائب في لبنان ونظامنا الطائفي والخلافات الداخلية والفشل والعجز وغيرها من العوامل التي تفقد لبنان سيادته وهذا المشهد لا يريحنا".

ويؤكد خواجة أنّ "المبادرة الفرنسية لم يتبقَّ منها إلا الحديث عنها وبات يُحكى عنها كفعلٍ ماضٍ لا حاضر، حيث إنّ الزخم حصل في الأشهر الأربعة الأولى لها ولم نتلقفها ونستفد منها في ظلّ الوضع الخطير في لبنان اقتصادياً ومعيشياً ونقدياً"، مشيراً إلى أنّ المشكلة في تشكيل الحكومة داخلية وليست خارجية، حتى المحاور الخارجية تستفيد من خلافاتنا".

وعن اعتذار الحريري، يتوقف خواجة عند التخبّط في مواقف أوساط "تيار المستقبل"، تارةً يتحدثون عن هذه الخطوة وأحياناً أخرى ينفونها، ويضيف، "بكل الأحوال، هناك فريقان متنافران أي الحريري وعون، وبالتالي فإنّ المسألة أكثر تعقيداً من تشكيل حكومة، فكيف لهما إدارة البلد معاً بهذه الأجواء ووسط هذه المناكفات؟".

من جهته، يقول النائب في تكتل "الجمهورية القوية" (يمثل حزب القوات في البرلمان بزعامة سمير جعجع)، أنيس نصار لـ"العربي الجديد" إن رسالة لودريان واضحة وبشرنا قبل وصوله أنه يحمل العصا معه، أما عن لقائه مجموعات تمثل الحراك، فهذا طبعاً يعطي دفعاً للانتفاضة، لافتاً إلى أنّ وزير خارجية فرنسا إما سيخرج بمبادرة جديدة أو يبدأ إجراءات مختلفة ويعطي انطباعاً بسقوط سياسيي لبنان بأسوأ الاحتمالات.

ويشير نصار إلى أنّ لودريان وإن لم يلتقِ بـ"القوات اللبنانية" فالاتصالات المباشرة بين جعجع والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مفتوحة، ولا عتب فرنسياً على الحزب، وقد يكون وزير الخارجية أتى بمهمة محددة ويغادر بعدها، وعند الإعلان عن الأسماء التي تشملها لائحة العقوبات تتضح الصورة أكثر، وحتماً لن يكون حزب القوات بينها. في حين تحفَّظ على تخصيص "حزب الكتائب" باللقاءات باعتباره من السلطة السياسية من عشرات السنين لكنهم يحاولون تصنيف أنفسهم كمعارضة.

حلة جديدة

ويقول أمين عيسى منسق الإدارة السياسية في "الكتلة الوطنية اللبنانية" التي انخرطت ضمن مجموعات الانتفاضة المعارضة، لـ"العربي الجديد" بعد لقاء وزير خارجية فرنسا، أن "لودريان استمع إلينا، وأوضح أن مقاربته للملف اللبناني أصبحت مختلفة كلياً عمّا مضى، ولا سيما أنه لم يلتق أياً من الأحزاب السياسية الستّة، كما طلب من المجتمعين أن يكون لهم مشروع موحد".

وشدد عيسى على أن لقاء المجموعات الناشطة واعتبارها قوى معارضة لا مجتمعا مدنيا فقط مؤشر مهم جداً، لأن هذه المرّة وضع جميع الأحزاب السياسية الأساسية في سلة واحدة، محمِّلاً إيّاها مسؤولية التعطيل والانهيار، بينما كان في الماضي يصنّف أحزاباً مثل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ بأنهم "السلطة" والأحزاب الأخرى معارضة.

 

ولفت إلى أنّ الوزير الفرنسي توجه إلى لبنان بعد اختتام اجتماع وزراء خارجية الدول السبع الكبار في لندن، وجولة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الفرنسية التي كانت القضية اللبنانية على طاولتها وسط تنسيق دولي لمقاربة الملف اللبناني، يضاف إليه أيضاً الأميركي، مشيراً في المقابل، إلى أنّ المبادرة الفرنسية "قد تظهر بحلةٍ جديدة ونتائج زيارة لودريان حتماً ستظهر في الأيام المقبلة، وهو أكد لنا أن لا ثقة بالقوى السياسية الحالية".

وطغت "الحكومة الانتقالية، والانتخابات النيابية المبكرة مع تفعيل رقابة دولية عليها، ومحاسبة المسؤولين عن انفجار 4 أغسطس، وغيرها أبرز العناوين التي رفعتها المجموعات المدنية خلال لقائها لودريان.

أما المجموعات التي رفضت تلبية دعوة وزير خارجية فرنسا ضمن لقاءات قصر الصنوبر – مقرّ السفارة الفرنسية في بيروت، فأكدت بعض أوساطها لـ"العربي الجديد" أن السبب بشكل أساسي يعود إلى رفض تعويم أي حكومة يترأسها شخص من أركان المنظومة الحاكمة، وسبق أن سقط في انتفاضة 17 أكتوبر، وكذلك انزعاجهم من لقائه بأحزاب سياسية تحاول إقحام نفسها في صفوف الانتفاضة وترفع خطابها فيما حكمت لبنان في حقبات ماضية وشاركت في حكومات المحاصصة وكان لها مقاعد نيابية وحقائب وزارية وكانت في مراكز القرار رئاسياً ايضاً، وبالتالي فإنها تتحمّل مسؤولية الانهيار كغيرها من الأحزاب.

أخيراً، اقتصرت مواقف وزير خارجية فرنسا على الشأنين الثقافي والتربوي ضمن جولاته، مشدداً على أن "جميع اللبنانيين من حقهم الانتفاع بتعليم جيد"، عارضاً أيضاً حجم المساعدات الفرنسية للبنان وخصوصاً للمدارس، مؤكداً مواصلة فرنسا جهودها في سبيل إعادة إعمار مرفأ بيروت.

هذا ووقعت شركة "ريسيغروب" بحضور لودريان اتفاقاً مع إدارة مرفأ بيروت بشأن جمع الحبوب المتبقية في الاهراءات وتدويرها.