لبنان: الحكومة تعقد أولى جلساتها وتشكّل لجنة لصياغة البيان الوزاري

11 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 15:57 (توقيت القدس)
الرئيس جوزاف عون يفتتح جلسة مجلس الوزراء اللبناني، 11 فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- افتتح مجلس الوزراء اللبناني جلسته الأولى برئاسة الرئيس جوزاف عون بتشكيل لجنة لصياغة البيان الوزاري، الذي يُعتبر أول تحدٍ للحكومة الجديدة لنيل ثقة مجلس النواب، وسط خلافات سياسية حول بعض البنود.
- يركز البيان الوزاري على مبادئ مثل الانسحاب الإسرائيلي، تعزيز الجيش، التعاون مع الأمم المتحدة، حصر السلاح بيد الدولة، ودعم الجيش لضبط الحدود، بالإضافة إلى الإصلاحات السياسية والإدارية والمالية.
- أكد الرئيس عون على أهمية الإصلاحات والانتماء للدولة، مشيراً إلى الدعم الدولي المتاح، بينما شدد رئيس الوزراء نواف سلام على الفصل بين العمل العام والخاص.

عقد مجلس الوزراء اللبناني جلسته الأولى صباح اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا الجمهوري برئاسة الرئيس جوزاف عون، إذ افتتحها بالوقوف دقيقة صمت حداداً على الشهداء الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان. وتقرّر خلال الجلسة تشكيل لجنة لصياغة البيان الوزاري برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام وعضوية نائب رئيس الحكومة طارق متري، ووزراء: المال ياسين جابر، والثقافة غسان سلامة، والأشغال العامة والنقل فايز رسامني، والصناعة جو عيسى الخوري، وسط تشديد على أن يكون البيان "مقتضباً ومباشراً".

ويُعدّ البيان الوزاري أول تحدٍ أمام حكومة نواف سلام؛ فهو سيلخّص مبادئ عملها وعناوين برامجها الأساسية، ويفترض أن يجتاز طريق مجلس النواب لنيل الثقة ليمارس مجلس الوزراء بعدها صلاحياته، علماً أن المسار قد لا يكون سهلاً، في ظلّ الخلافات السياسية حول بعض البنود، على رأسها معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" وحصرية السلاح بيد الدولة.

وكانت حكومة نجيب ميقاتي التي رفعت شعار "معاً للإنقاذ" تحدثت، في بيانها الوزاري، عن "التمسك باتفاقية الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة"، وهي صياغة غير مباشرة لحق المقاومة قد يجري اللجوء إليها في إطار التوافق السياسي.

وتبعاً للأسماء التي اختيرت لعضوية اللجنة، يظهر أن التنوع السياسي سائدٌ فيها، فقد شملت شخصية مقرّبة من حركة أمل (بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري) ومن الفريق المعارض، القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، إلى جانب مستقلين وذلك بهدف صوغ بيان تُذلّل فيه جميع العقبات. وبحسب المادة 64 من الدستور اللبناني، فإنّه "على الحكومة أن تتقدّم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة 30 يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها، ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال".

وقال مصدر من قصر بعبدا لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك توافقاً بين الرئيسين عون وسلام على المبادئ الأساسية التي على العهد الالتزام بها، والتي ستترجم في البيان الوزاري، أهمها الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وتعزيز انتشار الجيش على كامل الحدود، وتأكيد التعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) والالتزام بتطبيق القرارات الدولية على رأسها القرار 1701، واحترام الشرائع والمواثيق الدولية، وإعادة الإعمار".

وأضاف "سيجري البحث في صياغة مسألة حصر السلاح بيد الدولة وحق الدفاع عن النفس، والدعم المطلق للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية كافة، لضبط الحدود، ومنع التهريب، إلى جانب ما سيتضمّنه من نقاط متعلقة بملفات أساسية، سواء سياسية أو إدارية أو مالية أو مصرفية أو قضائية، على أن ترتبط كلها بالإصلاحات، إضافة إلى علاقات لبنان الخارجية، والموازنة العامة وغيرها من المسائل".

وفي مستهل الجلسة، رحّب عون بتشكيل الحكومة، وشكر رئيس الوزراء نواف سلام على التعاون الذي قاد إلى تشكيل حكومة ما سمي بالإصلاح والإنقاذ، مؤكداً أن "الطريق إلى الإنقاذ يمرّ عبر الإصلاح"، مشدداً على أن "لبنان يجب أن يقوم وينهض بهذه الإصلاحات التي سنعمل عليها جاهدين، ولبنان الدولة هو الذي يحمي القطاعات، مرافق الدولة كافة". وتوجّه عون إلى الوزراء بالقول إن "الانتماء والولاء هو للدولة وليس لأي جهة أخرى، وعلى الوزراء خدمة الناس، أنتم خدام الشعب وليس العكس"، مؤكداً عدم جواز التعطيل، و"مناقشة الأفكار كثيراً للخروج بحلول، فهذا هو أساس الديمقراطية".

وأكد الرئيس اللبناني أن "الذي سنعكف عليه هو إصلاح وتطوير الوزارات في ظل وجود الدعم الدولي الكبير، فهناك فرصة كبيرة لاقتناص هذا الدعم متى جرت الإصلاحات المرجوّة"، مشدداً على أن "المهم ليس تأليف الحكومة فحسب، بل إثبات الثقة، بدءاً بمكافحة الفساد وإجراء التعيينات الإدارية والقضائية والأمنية والتصدّي للقضايا الملحّة راهناً، خصوصاً الموازنة العامة، والانتخابات البلدية والاختيارية، وكيفية تطبيق القرار 1701، والتأكيد على انسحاب إسرائيل في 18 فبراير/شباط الجاري، رغم التحديات".

وفي كلمته، عاد عون في الجلسة، بحسب ما نقل عنه وزير الإعلام بول مرقص، إلى "خطاب القسم، لا سيّما لجهة تأثيره على العناوين، وأكد على ضرورة عدم توجيه أي انتقاد إلى الدول الصديقة والشقيقة، وعدم اتخاذ لبنان منصّة لمثل هذه الانتقادات، وأن التعبير عن الآراء من الوزراء يكون عبر الآليات والقنوات الرسمية المعتمدة وفق الأصول". وطلب عون في الشكليات الضرورية من الوزراء أن "يرفعوا التحصينات والقواطع في الشوارع التي تحيط وزاراتهم". من جهته، شكر رئيس الوزراء نواف سلام عون "على التعاون في تشكيل الحكومة وفق المعايير التي وضعها"، مشدداً على أن "الوقت ليس للتجاذبات السياسية".

وأكد سلام على "أهميّة الفصل التام بين العمل العام والخاص، ومنعاً لأي التباس طلبت من الوزراء كافة التفرغ الكامل لعملهم الوزاري والاستقالة من رئاسة أو عضوية أي مجالس إدارة لشركات تجارية أو مصارف"، موضحاً أنّ "ذلك لا يشمل بالطبع عضوية الهيئات التربوية أو الاجتماعية التي تعمل لصالح المجتمع ككل". وفور انتهاء جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، انتقل سلام إلى السرايا الحكومية في بيروت، إذ أقيمت له مراسم استقبال رسمية في الباحة الخارجية، ليباشر بعدها مهامه، على أن تعقد بعد ظهر اليوم لجنة صوغ البيان الوزاري أولى اجتماعاتها.