لبنان أمام "جولة نيابية" جديدة الثلاثاء: المعركة أو التوافق المسبق؟

لبنان أمام "جولة نيابية" جديدة الثلاثاء: المعركة أو التوافق المسبق؟

06 يونيو 2022
حدث انتخاب اللجان النيابية قد يكون "استثنائياً" (حسين بيضون)
+ الخط -

رغم الأضواء التي خطفتها تطوّرات "نزاعات" الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، وانشغلت بها الساحة السياسية اللبنانية، فإن مشاورات الكتل النيابية بكافة تلاوينها لم تنقطع، بل تفعلت مساءً لترسم مسار جلسة غدٍ الثلاثاء، لانتخاب اللجان النيابية "توافقاً"، كما اعتادت القوى التقليدية، بذريعة "السرعة" وعدم إطالة العملية الانتخابية لكثرة اللجان وأعضائها، أو "معركةً" في حدثٍ يمكن أن يكون استثنائياً بشكله الديمقراطي، على غرار ما سجلته جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس، الثلاثاء الماضي، من انتخاب "دستوري" غير مسبوق أربك المنظومة وقائد البرلمان نبيه بري.

وتتجه الأنظار إلى موقف "النواب التغييريين" الذين كان لهم الدور الأكبر في فرض اللعبة الديمقراطية على معتادي التوافق المسبق، والدفع باتجاه دورتين لانتخاب نائب رئيس البرلمان فاز فيهما أخيراً إلياس بو صعب، في الجلسة الماضية، وتسجيل موقف لافت من انتخاب أميني السرّ (آلان عون، هادي أبو الحسن) والمفوضين الثلاث لهيئة المكتب (آغوب بقرادونيان وميشال موسى وكريم كبارة)؛ لكسر الأعراف الطائفية.

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ كتلة النواب التغييريين، وتتألف من 13 نائباً، لم تحسم بعد قرارها على صعيد الترشح لعضوية اللجان النيابية أو الرئاسة، وهناك مشاورات مسائية ستحصل قبل اتخاذ القرار، وتتركز الأنظار عليها بشكل كبير وسط ما يحكى عن احتمال وقوعها في فخ التوافق المسبق.

وانتشرت أخبار تفيد بأنّ كتلة النواب التغييريين تسعى وراء لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة، للانضمام إليهما أو تولي رئاستهما، علماً أن الأولى كانت برئاسة النائب في "القوات اللبنانية" (بقيادة سمير جعجع) جورج عدوان والثانية برئاسة أمين سرّ "تكتل لبنان القوي" (بقيادة النائب جبران باسيل) النائب إبراهيم كنعان، وذلك نسبة لأهمية اللجنتين في الظرف الراهن على صعيد الملفات الاقتصادية والنقدية والمالية والقضائية المرتبطة بها، التي يرفع النواب التغييريون رايتها منذ ما قبل الانتخابات من بوابة التصدي للسياسات التي تضرّ الشعب اللبناني والمودعين، مع العلم أن اللجنتين محط أنظار القوى السياسية، خصوصاً تكتلي "لبنان القوي" و"القوات" اللذين يطمحان أيضاً لأن يكون لديهما أعضاء في أكثرية اللجان كما حال الأحزاب التقليدية.

يقول النائب في التكتل ياسين ياسين، لـ"العربي الجديد"، إن البحث مستمرّ بين أعضاء التكتل، وهناك اجتماع مسائي للبت بالموضوع، ولكننا طبعاً ضد أي توافق أو محاصصة أو اتفاقيات من تحت الطاولة، ومع حصول انتخابات وفق اللعبة الديمقراطية كما حصل في جلسة الثلاثاء الماضي، وفُرضت دورتان لانتخاب نائب رئيس البرلمان بعدما كان التوافق المسبق يسير على هذا المنصب، نافياً بالتالي ما يتردد عن وساطة تحصل لعدم حصول انتخابات وتوزيع اللجان على الكتل النيابية التي تمثل كل القوى السياسية، ومن ضمنها التغييريون.

ولا ينكر ياسين نية أو رغبة التكتل في الانخراط بالكثير من اللجان النيابية، خصوصاً أنهم مختصون في العديد منها ويمكن أن يلعبوا دوراً أساسياً فيها، كالبيئة، والإدارة والعدل، والمال والموازنة، والاتصالات وغيرها، لكن القرار لم يتخذ بعد.

ويبلغ عدد اللجان النيابية في لبنان 16 لجنة، توزعت برئاساتها على غالبية الأحزاب التقليدية، خصوصاً "تيار المستقبل" بقيادة سعد الحريري (قبل عزوفه عن انتخابات 2022)، حركة أمل، القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر (بتزعمه باسيل)، حزب الله.

أما اللجان فهي، المال والموازنة (17 عضواً)، الإدارة والعدل (17 عضواً)، الشؤون الخارجية والمغتربين (17 عضواً)، الأشغال العامة والنقل والطاقة المياه (17 عضواً)، التربية والتعليم العالي والثقافة (12 عضواً)، الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية (12 عضواً)، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات (17 عضواً) وشؤون المهجرين (12 عضواً).

إضافة إلى الزراعة والسياحة (12 عضواً)، البيئة (12 عضواً)، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط (12 عضواً)، الإعلام والاتصالات (12 عضواً)، الشباب والرياضة (12 عضواً)، حقوق الإنسان (12 عضواً)، المرأة والطفل (12 عضواً)، وتكنولوجيا المعلومات (9 أعضاء).

يقول المحامي جميل إدوار مراد، لـ"العربي الجديد": "في السابق لم تكن تحصل انتخابات، بل كنّا أمام شبه تعيين و(انتخابات داخلية) تُجرَى بين الكتل السياسية الموجودة في البرلمان، التي تتوافق فيما بينها بعد اتصالاتٍ ومشاوراتٍ لتوزيع أعضائها النواب على اللجان وتحديد هوية المُقرِّر ورئيس اللجنة، ليأتي يوم الجلسة وتسير الأمور بالتزكية".

يردف مراد "أما اليوم، فإن الانتخابات ستحصل ربما ربطاً بنتائج الاستحقاق النيابي التي أفرزت كتلاً وقوى متعددة لا بلوكات واضحة كالسابق، فهناك كتل الأحزاب التقليدية، المستقلون، التغييريون والمنفردون، وربما لم تسنح الظروف لحصول توافقٍ، وقد يكون السبب رغبة نواب في الترشح، ما يؤدي حكماً للعودة إلى النظام الداخلي وإجراء الانتخابات عملاً به".

ولا يستبعد مراد حصول إشكاليات في الجلسة كالتي حصلت في انتخاب هيئة مكتب مجلس النواب الثلاثاء الماضي، باعتبار أن هذه المرة الأولى التي تحصل فيها انتخابات من دون توافق مسبق، وسنترقب بالتالي كيفية سير رئيس البرلمان بالعملية الانتخابية، لكن أصولاً، فإن الجلسة تفتتح بغالبية الأعضاء، والانتخاب يحصل بطريقة سرية بوضع اسم النائب في المغلفات البيضاء، على أن يفوز من ينال غالبية أصوات المقترعين، وعندما تتساوى الأصوات يعد الأكبر سناً منتخباً".

ويشرح المحامي اللبناني أنه "عملاً بالنظام الداخلي لمجلس النواب والمواد من 19 إلى 23 التي ترعى عملية تأليف وانتخاب اللجان، وهي آلية تتم بعدما يكون مجلس النواب انتخب هيئة مكتبه".

ويلفت إلى أن "لا عدد محدداً لمجموع النواب في كل لجنة، لكن لا يمكن للنائب الواحد أن يكون في أكثر من لجنتَيْن من لجانِ المجلس إلاّ إذا كانت اللجنة الثالثة هي إما لجنة حقوق الإنسان أو المرأة والطفل أو تكنولوجيا المعلومات".

ويوضح مراد أن "النظام الداخلي لا يتحدث عن ترشيح بل عن الانتخاب تماماً، كما حصل في انتخاب هيئة مكتب المجلس، مع الإشارة إلى أن الترشح حصل بتداول إعلامي أو عبر الممارسة، لكن ليس هناك من آلية للترشح"، لافتاً إلى أن "المجلس النيابي يجتمع لانتخاب أعضاء اللجان الـ16، وعلى رئيس البرلمان أن يدعو خلال 3 أيام من بعد جلسة الثلاثاء اللجان لتجتمع وتنتخب كل منها رئيساً ومقرراً بين أعضائها".

في الدور الذي تلعبه، يقول مراد إن "اللجان تُعرَض أمامها اقتراحات القوانين التي يقدّمها النواب أو مشاريع القوانين المُحالة من الحكومة التي تقدَّم لرئيس المجلس، فيحوّلها إلى لجنة واحدة أو لجان عدة حسب مضمون اقتراح القانون أو المشروع، وللجنة مهلة شهر من تاريخ الإحالة للدرس وإصدار تقريرها وتحويله إلى رئيس المجلس، وبعدها يمكن إحالته إلى الهيئة العامة، أو قبلها إلى اللجان المشتركة، لدرسه واقتراح تعديلات مثلاً عليه، مع الإشارة إلى أن القرار أو الاقتراح أو مشروع القانون لا يصبح ملزماً إلا بصدوره عن الهيئة العامة لمجلس النواب".

ويضيف أن "مناقشات اللجنة وأعمالها ومحاضرها تبقى سرية، وكذلك التصويت، إلا إذا قررت اللجنة الإعلان عن الوقائع، ولأي نائب حق حضور الجلسة التي يريدها وله أن يناقش المواضيع المطروحة على جدول أعمالها، لكن لا يحق له التصويت إلا إذا كان عضواً فيها".

المساهمون