لبنان: "حزب الله" يصعّد بوجه ميقاتي وعون ينأى عن مواقف نصرالله

حزب الله يصعّد بوجه ميقاتي وعون ينأى بـ"لبنان الرسمي" عن مواقف نصر الله بحق السعودية

04 يناير 2022
ميقاتي لم يقفل الباب على الاستقالة(حسين بيضون)
+ الخط -

زادت تصريحات أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، أمس الإثنين، بحق السعودية من التشنج السياسي القائم في البلاد رغم "تأجيله الشأن اللبناني" فأشعلت الساحة المحلية بمواقف تصعيدية حادة تتزامن مع حركة تصاعدية لسعر صرف الدولار الذي لامس اليوم 30 ألف ليرة وسط توقعات باستمرار تدهور قيمة العملة الوطنية في ظل حكومة دخلت في موت سريري بعد شهرها الأول.

وفرضت تصريحات نصر الله مواجهة جديدة على جبهة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي تلقى، اليوم الثلاثاء، وابلاً من الهجوم المركز من جانب "حزب الله" على خلفية البيان الذي أصدره، أمس، واستنكر فيه كلام الأمين العام وشكك بانتمائه اللبناني ونأى بحكومته والشريحة الأوسع من اللبنانيين عنه في تطورات تقفل أي نافذة إيجابية وتفتح الباب عريضاً أمام مسار قاتم للمرحلة المقبلة، ولا سيما أن ميقاتي لم يقفل الباب على الاستقالة، بل لمّح إليها في ختام عام 2021.

وشدد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله على أن "أكثر ما يسيء إلى لبنان ودوره وندية علاقاته الخارجية تخلي بعض مسؤوليه عن واجبهم الوطني في الدفاع عن دولتهم ومصالح شعبهم، وعدم الإقلاع عن مهاتراتهم وتسجيل المواقف في حساب ممالك لن ترضى عنهم مهما قدموا من تنازلات وهدروا من ماء وجههم".

وقال فضل الله إن "ميقاتي ارتدّ ضد الداخل اللبناني وأطلق عبارات التشكيك بولاء جزء كبير من هذا الشعب، وكنا نربأ بدولته أن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح استجداءً لرضى من يصر على الاستمرار في الإساءة إلى اللبنانيين جميعاً، وفي طليعتهم الرئيس ميقاتي نفسه".

وأشار إلى أن "ميقاتي وعلى الرغم من كل التنازلات التي قدمها بما فيها استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لم يتوقف عن إطلاق المواقف والتصريحات التي تخالف حتى ادعاء النأي بالنفس والمحاولات الدؤوبة التي بذلها هو ووزير خارجيته (محسوب على الرئيس ميشال عون) منذ توليهما المسؤولية فإنه لم يحظَ بمجرد اتصال من سفير المملكة في بيروت خلافاً لكل الأعراف الدبلوماسية والأصول وأدب العلاقة والتخاطب".

وتوجه النائب في "حزب الله" إبراهيم الموسوي لميقاتي، من دون أن يسميه، بالقول "كلامك المتملق يمثلك ويلزمك وحدك، وهو إساءة وإهانة لك قبل أن يكون كذلك لكل لبناني وطني شريف".

كذلك، نأى الرئيس ميشال عون بـ"لبنان الرسمي" عن المواقف التي أطلقها نصر الله بحق السعودية، مؤكداً حرصه على العلاقات العربية والدولية، ولا سيما دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة.

وشدد عون على أن "هذا الحرص يجب أن يكون متبادلاً لأنه من مصلحة لبنان والدول الخليجية على حدِّ سواء".

وقال عضو "كتلة المستقبل" (برئاسة سعد الحريري) النائب بكر الحجيري، لـ"العربي الجديد"، إن "الخيارات أمام ميقاتي شبه معدومة في هذه الظروف، لكن الاستقالة لا تفيد اليوم والمرحلة تتطلب الهدوء والصبر أقلّه حتى إجراء الانتخابات النيابية في موعدها شهر مايو المقبل وأنا أعتقد أن رئيس الحكومة ليس بعيداً من هذا التوجه".

ويرى الحجيري أن "ميقاتي معتقل أكثر منه حرّ التصرف، وهجوم نصر الله على السعودية مجدداً كأنه يلغي كل إيجابية أو تقدّم يسعى إليه رئيس الوزراء الذي في المقابل لا يمكنه السكوت عن التهجم على دول الخليج والمملكة بالتحديد، خصوصاً أن لبنان بحاجة إليها في مسار الإصلاح والإنقاذ ولجم الانهيار".

بدوره، لا يحبّذ عضو "اللقاء الديمقراطي" (برئاسة تيمور وليد جنبلاط) النائب بلال عبدالله استقالة ميقاتي التي تبقى ملكه على حدّ تعبيره.

ويقول عبدالله لـ"العربي الجديد" "أسهل خطوة الاستقالة، ولكن ميقاتي يعلم منذ تسلمه المهمة أنها أشبه بالانتحارية، ويدرك تماماً أنه في ظل السجال السياسي الحاد والإشكال الكبير الحاصل من المستحيل تشكيل حكومة جديدة فهل ندخل على أهم استحقاقين الانتخابات النيابية والرئاسية بفراغٍ؟".

ويرى أن "موقف ميقاتي موضوعي ومرتبط بمصالح لبنان وهو يحاول السير بين النقاط وإعطاء أولوية للملف الاقتصادي الإصلاحي وإعادة الحرارة لعلاقات لبنان مع دول الخليج وبخاصة السعودية ومحيطه العربي".

وتوجه رئيس "حركة الاستقلال" النائب المستقيل ميشال معوض لميقاتي بالقول "المشكلة هي قبولك ترؤس حكومة مؤلفة بأكثريتها من حزب الله وحلفائه الممانعين والتي تشكل غطاء لسياساته ما يحمل الدولة المسؤولية عن أفعال الدولية".

وقال النائب فؤاد مخزومي "من يأخذ اللبنانيين رهائن هم أنتم يا حزب الله. افتراءاتكم على المملكة أصبحت أسطوانة قديمة وما عادت تنطلي على أحد. مفاخرتكم بالمال والسلاح الإيراني هي العمالة بعينها واستعمال سلاحكم ضد شعبكم والدول العربية هو الإرهاب بذاته".

 

بدوره، شنّ رئيس الوزراء السابق سعد الحريري هجوماً حاداً على نصر الله متوجهاً إليه بالقول "أعلم أنك لن تتراجع عن أساليب الاستفزاز والشتم لدول الخليج العربي، لكن الكل يعلم أن التاريخ لن يرحم حزباً يبيع عروبته واستقرار وطنه ومصالح أهله لقاء حفنة من الشراكة في حروب المنطقة".

وتابع الحريري "إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضربٌ متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح أبنائه، السعودية لا تهدد دولة لبنان بالعاملين فيها والمقيمين بين أهلها منذ عشرات السنين".

وأشار إلى أن "السعودية ومعها كل دول الخليج العربي احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم فرص العمل ومقومات العيش الكريم"، لافتاً إلى أن "من يهدد اللبنانيين في معيشتهم واستقرارهم وتقدمهم، هو الذي يريد دولة لبنان رهينة دولة ايران وامتداداتها في سورية والعراق واليمن ولبنان".

وتحدث نصر الله، أمس، في الذكرى السنوية الثانية لمقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع عام 2020، وقال إن "فكر داعش أتى من السعودية التي وقفت خلف دعم التكفيريين".

وأضاف نصر الله "الإرهابي هو الذي أرسل آلاف السعوديين التكفيريين إلى سورية والعراق ويحتجز آلاف اللبنانيين في الخليج رهينة يهدد بهم لبنان كل يوم"، لافتاً إلى أنه "كان لنا الشرف أن نقف بوجه هؤلاء القتلة المتآمرين على بلادنا وشعوبنا وعلى دماء وأعراض الرجال والنساء في لبنان"، مؤكداً أن "استقالة أي وزير لبناني لن يغيّر من موقف السعودية لأن مشكلتها هي مع الذين هزموا مشروعها".

 

المساهمون