لا بوادر لمغادرة التحالف الدولي للعراق قبل 2023

لا بوادر لمغادرة التحالف الدولي للعراق قبل 2023

23 اغسطس 2021
تضغط قوى وفصائل موالية لإيران لإخراج القوات الأجنبية (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

مع اقتراب الذكرى السابعة لتشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الذي أسسته الولايات المتحدة الأميركية مع أكثر من 80 دولة أخرى لقتال التنظيم في العراق وسورية، في سبتمبر/أيلول عام 2014، تتباين المواقف في العراق تجاه مستقبل وجود هذا التحالف في البلاد، إذ تصرّ قوى وفصائل مسلحة مقربة من إيران، على الخروج السريع للقوات الأجنبية المنضوية ضمن التحالف، بينما يرفض آخرون ذلك، خشية تغوّل المليشيات والسيطرة على مؤسسات الدولة.
وعلى الرغم من حديث بغداد وواشنطن عن انسحاب القوات القتالية الأميركية المنضوية ضمن التحالف، والتي تمثل أهم ركائزه، من العراق نهاية العام الحالي، إلا أن برلمانيين وسياسيين يستبعدون ذلك، مرجحين بقاء قوات التحالف وضمنها الأميركية، فترة أطول وإن كان بمهام مختلفة وتسميات جديدة. ومنذ سبتمبر 2014، التزمت 83 دولة بقتال تنظيم "داعش" ضمن التحالف الدولي، وقررت مواجهة التنظيم على مختلف الجبهات، والعمل على تفكيك شبكاته، ومجابهة طموحاته. ولم يقتصر دور التحالف الدولي في العراق وسورية على الجانب العسكري، إذ دعم، خصوصاً الولايات المتحدة، جهود إعادة الإعمار في المدن العراقية المحررة من سيطرة التنظيم.

جنرال عراقي: الاتفاق على إنهاء المهام القتالية للقوات الأميركية لا يعني انتهاء دور التحالف

وأول من أمس السبت، وصلت لجنة عسكرية بقيادة قائد قوات التحالف الدولي، الجنرال بول كالفرت، إلى بغداد، بحسب بيان رسمي عراقي صدر عن مكتب مستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي. وأكد البيان أنّ كالفرت بحث مخرجات الحوار الاستراتيجي في واشنطن، في إشارة إلى الجولة الأخيرة من هذا الحوار التي انعقدت في يوليو/تموز الماضي في العاصمة الأميركية. ووفقاً للبيان، فقد تمت مناقشة الأوضاع الأمنية في العراق، وأهمية استمرار الجانبين في محاربة تنظيم داعش وتجفيف منابعه"، مشيراً إلى أنه "تم التأكيد على متابعة مخرجات الحوار في واشنطن، خصوصاً ما يتعلق بانسحاب القوات القتالية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021".

في المقابل، قال جنرال عراقي في قيادة العمليات المشتركة، وكان ضمن الفريق العراقي المفاوض في الجولة الثالثة من الحوار بين الولايات المتحدة والعراق التي عقدت عبر دائرة تلفزيونية مطلع إبريل/نيسان الماضي، إن "دور التحالف الدولي لن يشهد أي تغيير في مهامه أو طبيعة تركيبة الدول الموجودة داخل العراق، أو حتى انتشاره داخل القواعد التي يتواجد فيها حالياً". وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العراق ما زال بحاجة لجهود التحالف؛ سواء بالدعم الجوي أو التدريب وتوفير الذخيرة والمعدات اللازمة. والاتفاق على إنهاء المهام القتالية للقوات الأميركية لا يعني انتهاء دور التحالف".

وتابع أنّ "القيادات العراقية العسكرية والسياسية تدرك أنّ الضربات الجوية للتحالف الدولي، والمعلومات الاستخبارية التي يقدمها، تمثّل ركناً مهماً في الحرب على بقايا تنظيم داعش"، مرجحاً "استمرار عمل التحالف في العراق على صيغته الحالية من دون تغيير حتى نهاية عام 2023، والتغييرات التي قد تحدث في هذا الإطار ستكون وفقاً للمعطيات على الأرض بطبيعة الحال". وبدت أربيل أكثر وضوحاً من بغداد في التعامل مع ملف التحالف الدولي، إذ أكد نائب رئيس إقليم كردستان للشؤون العسكرية، جعفر شيخ مصطفى، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام كردية أخيراً، أن "قوات التحالف لن تغادر العراق وإقليم كردستان".

وقدّم التحالف الدولي مساعدات بنحو 5 مليارات دولار للقوات العراقية وقوات البشمركة الكردية، وذلك في إطار حملته للقضاء على تنظيم "داعش" منذ عام 2014. كما قامت طائراته بآلاف الطلعات الجوية والغارات التي تسببت في قتل أهم قيادات التنظيم وعدد كبير من عناصره.

في السياق، رجح عضو البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون"، رياض المسعودي، أن "يكون التحالف الدولي عموماً بديلاً للوجود الأميركي في العراق خلال المرحلة المقبلة". ولفت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "واشنطن تصرّ على استمرار عمل التحالف الدولي في العراق وحتى سورية، وبالتالي في حال الضغط عليها لمغادرة البلاد، فإنها ستبقى تحت عنوان التحالف الدولي".

المسعودي: مستقبل التحالف مرتبط برغبة الولايات المتحدة في تفكيكه أو إبقائه

وأشار المسعودي إلى أن "مستقبل التحالف مرتبط برغبة الولايات المتحدة في تفكيكه أو إبقائه، ولم تتضح حتى اليوم استراتيجيتها في العراق، وبالتالي، فإن ورقة واشنطن الأهم في العراق، وهي التحالف، ستتواصل". ولفت إلى أن "أميركا غيرت عنوان دورها ضمن التحالف الدولي، من القتال إلى التدريب مع نهاية العام الحالي، إلا أنها لن تغادر قواعدها في محافظة الأنبار (قاعدة عين الأسد) وأربيل (قاعدة حرير)"، معتبراً أن خروج التحالف من العراق "لن يتحقق في المنظور القريب، لكن علينا أن نستمر في العمل على إنهاء الوجود الأجنبي العسكري". وحذر المسعودي، في الوقت نفسه، من أنه "إذا لم يتم التوصل إلى مشروع سياسي ناجح في البلاد، فإن العراق يمكن أن يواجه مصيراً خطيراً للغاية".

وتمارس قوى وفصائل مسلحة مقربة من إيران، ضغوطاً على الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي، للإسراع في إخراج القوات الأجنبية المنضوية ضمن التحالف الدولي، من البلاد. كما تتعرض مقرات التحالف وأرتاله إلى هجمات متكررة.

والشهر الماضي، قال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، إن "كل ما يحتاجه العراق من التحالف الدولي هو أن تكون هناك علاقة جديدة مبنية على الشراكة في موضوع مقاتلة الإرهاب، ودعم القوات المسلحة العراقية بالتدريب والتجهيز والتسليح، إضافة إلى الجهد الاستخباري"، مشيراً إلى أن "الإرهاب لا يزال يمثل خطراً، ويتواجد بشكل كبير في مناطق بشمال شرق سورية". وأوضح أن "علاقة العراق مع التحالف الدولي ستكون مبنية على موضوع زيادة الخبرات والتدريب والاستشارة والتسليح"، مؤكداً "عدم الحاجة إلى أي قوات قتالية أجنبية على الأرض".

الدنبوس: التحالف الدولي باق في مناطق تدعم وجوده في إقليم كردستان وغرب العراق

من جهته، أشار عضو البرلمان العراقي السابق، عدنان الدنبوس، إلى وجود انقسام بشأن مستقبل وجود التحالف الدولي في العراق. لافتاً، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى "وجود قوى ترغب في رحيل التحالف وأخرى تريد بقاءه". وأوضح أنّ "التحالف الدولي باق في مناطق تدعم وجوده في إقليم كردستان وغرب العراق"، معتبراً أن هذا التحالف "ليس في أفضل حالاته، والكفة الآن ليست في صالحه، بل في صالح دول أخرى منها إيران". ولفت إلى أنّ "تصاعد عمليات تنظيم داعش الإرهابي في مناطق متفرقة من البلاد، يشير إلى أن التحالف لا يريد التدخل بالشكل المطلوب، لأنه أصبح غير مرغوب به من قبل بعض الأطراف العراقية".

وأكد الدنبوس "عدم وجود خشية من حدوث صراعات في حال رحيل التحالف الدولي"، معتبراً أنه "من حسن حظ العراق، أنه غير قابل للتقسيم، ولا توجد بيئة مناسبة للانقلابات، ولا توجد قوة بعينها بإمكانها السيطرة على الأوضاع في البلاد". وتوقع أن تكون هناك "حوارات بين بغداد وواشنطن بشأن أسلحة ومعدات القوات التي قد تنسحب من العراق، ومدى استفادة القوات العراقية منها"، مبيناً أن "الأميركيين تركوا أسلحة متطورة عند انسحابهم من أفغانستان".

المساهمون